لم تكن من لعبة فيديو، تلك المقاطع التي هزت كوكب الأرض يوم أمس الجمعة، بل كانت لإرهابي مجرم فاشي حاقد على الإسلام، ومن خلفِه حاقد على المسلمين عامة وعلى تركيا والرئيس رجب طيب أردوغان خاصة، إرهابي رأيناه كيف يقتل أناسًا عزلا داخل مسجدين في نيوزيلندا بصورة وحشية، تؤكد أن الإرهاب الحقيقي لم ينبع من الإسلام على الإطلاق.
ولكن هذه المرة لم يكن من السهل على العالم القول إن المعتدي القاتل “مختل عقليا أو مضطرب نفسيا”، إذ هو نفسه أعلن أنه يقوم بعمل إرهابي كرها بالإسلام والمسلمين، وبالتالي انكشف العالم الذي طالما صمت عن مثل هذه الجرائم التي تستهدف المسلمين، ولم يستطع العالم هذه المرة تحريف الحقيقة، ولم يستطع منع سقوط القناع عن الوجه الحقيقي لذاك الغرب التي يتبجّح علينا ليل نهار بـ”الحريات ومحاربة الكراهية وحقوق الإنسان”.
ليس من الظلم على الإطلاق وصف ما حصل بأنه إرهاب مسيحي، وهذا الوصف ليس بهدف الإساءة للمسيحية بل زجرا لأولئك الذين طالما ظلموا ديننا الحنيف واتهموه بـ”الإرهاب” (وأصرّوا على ذلك حتى بعد مجزرة المسجدين)، فها هو الإرهاب يخرج بـ”مكياج” مسيحي وعبارات مسيحية عنصرية كـُتبت على سلاح المعتدي الإرهابي، وبالتالي يتوجب هنا على رأس الكنيسة المسيحية في العالم بابا الفاتيكان أن يقوم بخطوات عملية ـ وليس مجرد خطابات وشعارات ـ ليكبح إرهاب بعض رعيته، وعليه أيضا أن يتوقف عن الغمز واللمز ضد الإسلام والمسلمين كما فعل في العديد من المحطات خلال الفترة السابقة.
وأيضا وليس آخرا يتوجب على القادة السياسيين للعالم المسيحي التوقف عن بث روح الكراهية وإلقاء خطابات العنصرية والتحريض على المسلمين، أو فليتوقفوا عن التبجح بتلك الشعارات الرنانة المتعلقة بـ”إنسانيتهم وحريتهم واحترامهم للأديان والمعتقد”، وبالتالي فليسقط القناع بشكل كامل.
ولكن لحظة… فتلك المطالب ليست موجهة للفاتيكان والقادة السياسيين المسيحيين حول العالم فحسب، بل تطال وبشكل صارم العديدَ من “المسلمين” الذين يتقلدون مقاليد الحكم ـ ظلما أو بحق ـ في بلاد المسلمين، ولذلك على هؤلاء أن يتوقفوا عن التحريض على الإسلام والمساجد والشعائر الإسلامية تحت حجج “الأمن والاستقرار وبناء الدولة”، فتحريضهم يعطي الذريعة لهذا الإرهابي وذاك الإرهابي ليقوموا بعمل مشابه لما حصل في نيوزيلندا… إخجلوا من أنفسكم وأخرسوا ألسنتكم عن إسلامنا، كي لا تشغلونا عن صد خطابات الكراهية الصادرة عن أسيادكم في الغرب.
الإرهاب الذي حصل في نيوزيلندا، لن ولن ولن يكون حادثا يمر مرور الكرام، بل سيكون له أثر سلبي على السلم والاستقرار العالميين، فهو وتصريحات بعض مسؤولي الغرب ـ وللأسف بعض متمشيخي أمتنا ـ يعطي الإرهابيين لأي دين انتموا، فرصة لتغذية أحقادهم وتعزيز مواقعهم في المجتمعات، وبالتالي علينا أن نكون جاهزين لمشاهدة المزيد من هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية العنصرية، إلا أن يتدارك العقلاء الأمر حماية للكوكب وأهله.
العقل والحكمة مطلوبتان في التعامل مع مثل هذه الجريمة الوحشية، ولكن هذا لا يعني أن نبيع ديننا وأن نصمت على الإساءات التي توجه لنا ولتاريخنا ولنبينا عليه الصلاة والسلام، كتلك التي صدرت ـ بكل وقاحة ـ مباشرة بعد المذبحة من بعض مسؤولي أستراليا والغرب.
الرسالة التي أراد سفاح المسجدين ـ ومن يقف خلفه ـ قد وصلت، وجوابنا عليها بسيط وليس بالأمر المعقد… أنتَ ومن هم على شاكلتك تمثلون أصل الإرهاب الحقيقي، وكما أنكم لم تتمكنوا منا في الماضي وخاصة كما ذكرت أنت عن الخلافة الإسلامية العثمانية، فإنكم لن تتمكنوا منا اليوم، ولن تستطيعوا أن تمسوا أراضينا وآخر عاصمة لخلافتنا إسطنبول، ولن تقدروا على تحقيق أحلامكم بسلبنا مساجدنا، وخاصة ذاك العملاق العظيم المسجد الكبير آياصوفيا الذي استنار يوم دخله السلطان محمد الفاتح رحمه الله، بالسلام والأمن والاستقرار مخلصا المسيحيين من ظلم وسطوة البيزنطيين.
أردتَ أيها الإرهابي في رسالتك الملطخة بدماء شهدائنا الأبرار أن “تعيد تركيا إلى حجمها الطبيعي” كما كتبتَ، ونحن نقول لك ولمن يقف خلفك ولمن هم على شاكلتك، إن تركيا لو عادت اليوم إلى حجمها الطبيعي قوةً ومكانةً لما تجرأت أيها المجرم على فعلتك، ولما تجرأ حاكم في العالم ـ سواء من الذين يقولون عن أنفسهم أنهم مسلمون أو من غير المسلمين ـ على الإساءة لديننا… ونزيدك من الشعر بيتا أن تركيا هي في طريق العودة وستصل قريبا لهدفها مع المسلمين المخلصين الصادقين، رغما عن أنوفكم وأحقادكم.
أيها الإرهابي، لو أنك لا تعلم حقيقة أن تركيا قد عادت للطريق الصحيح، لما خصصتها في رسالتك بتهديد وقح، أنت ومن يقف خلفك أصغر من تنفيذه.
لو أنك لا تعلم أن تركيا الجديدة تعود يوما بعد يوم لقوتها التي سُلبت منها قبل نحو 100 عام، لما خصصتها بهذا التهديد ولما خفتَ منها ولما توعدتَها بإرهابك وإجرامك… ولكن أين أنتَ أيها الصغير وأين نحن وتركيتنا وأحبابنا حول العالم.
أيها السفاح، لماذا خصصت أردوغان بتهديد واضح في رسالتك السوداء، ولماذا دعيتَ لقتله… لأنه أوجعك وأوجع أمثالك من دعاة محاربة الإسلام والمسلمين، لأنه أعاد لنا هو والمخلصين في هذه الأمة مجدا ضاع منا قبل نحو 100 عام، لأنه يسير بنا على الطريق الصحيح القويم الذي لا يرضيكم ولا يسعدكم، ولكن كن على يقين أن المسيرة التي أحياها أردوغان لن تقف عند أردوغان على الإطلاق، كن على يقين أن أردوغان لا تخيفه تهديدات كتهديداتك وبالتالي إنه كابوس سيلاحقك في محبسك ـ إن سُجنت وكان هناك عالم عادل يحاسب المجرمين ـ وسيلاحقك في نهارك وليلك.
واستطرادا… لماذا خص هذا المجرمُ بتهديداته الرئيسَ أردوغان فقط من بين كل زعماء العالم الإسلامي، ولم يعرج على تهديد غيره؟!
تركيا التي كانت على رأس قائمة المهَدَّدين في رسالة ذاك الإرهابي، هي الدولة الأولى في العالم التي تحركت ضد مذبحة المسجدين… تركيا التي كانت على رأس قائمة المهَدَّدين هي الدولة الأولى في العالم التي أعلنت إرسال وفد رسمي رفيع المستوى لمواساة المسلمين هناك والمشاركة في تشييع الشهداء، والتباحث مع المسؤولين وصلولا لمحاسبة كل المجرمين وإيقاف خطابات الكراهية ضد الإسلام هناك.
تهديدات ذاك الإرهابي لتركيا لم تخفها بل على العكس دفعتها لتكون سباقة بالوقوف إلى جانب المسلمين في نيوزيلندا، فهل عرفت أيها الإرهابي قوة تركيا الجديدة، تلك تركيا التي أذهبت النوم من عينيك وأعين الكثيرين من أعداء المسلمين، سواء من أولئك الذي يرفعون شعارات الإسلام أو أولئك الذي يعلنون عداوتهم له بشكل صريح.
رحم الله شهداءنا الأبرار الذين نحسبهم عند الله أنهم نالوا مراتب رفيعة بهذه الشهادة الطيبة في ذاك اليوم المبارك… ولكن هل سيرحم الله من يتآمر من المسلمين مع ذاك الإرهابي خدمة للغرب وحماية للكرسي؟!