بعد هجوم نيوزيلندا.. تسجيل سري يُورِّط حزباً يمينياً في الحصول على “رشوة” لإضعاف قوانين الأسلحة الأسترالية

كشف تسجيل سري عن طلب مسؤولَيْن بارزين في الحزب اليميني الأسترالي «أمة واحدة»، وهما جيمس أشبي وستيف ديكسون لملايين الدولارات، في صورة تبرعات سياسية من «الاتحاد القومي للأسلحة»، وهي منظمة غير ربحية أمريكية تدافع عن حقوق حمل السلاح في الولايات المتحدة، وذلك مقابل خلق توازن للقوى وإضعاف قوانين الأسلحة الأسترالية.

وحسب صحيفة The Guardian البريطانية، جاء هذا الكشف ضمن تحقيق أجرته قناة الجزيرة القطرية، استُخدمت فيه كاميرات خفية وصحفي انتحل شخصية قائد حملة مؤيدة للحق في حمل الأسلحة، وذلك بغرض كشف جهود الحزب اليميني المتطرف للحصول على تمويل في واشنطن في شهر سبتمبر/أيلول 2018.

ويُظهر مقطع الفيديو ديكسون، وهو زعيم الحزب بولاية كوينزلاند الأسترالية وكان وزيراً ليبرالياً قومياً سابقاً في حكومة كوينزلاند، وأشبي الذي يعمل مدير مكتب بولين هانسون زعيمة حزب «أمة واحدة»، أثناء تأييدهما لخطط الهجوم المضاد التي يتبناها «الاتحاد القومي للأسلحة» في حال حدوث مذبحة.

ويُرجح أن يتسبب هذا التحقيق في إحراج حزب «أمة واحدة» لسببين: أولاً لأن الحزب كان يدعم علناً مقترحاً بحظر أي تبرعات سياسية أجنبية، وثانياً لأن إضعاف قوانين حيازة الأسلحة أصبح مستهجناً على الصعيد السياسي الآن في أعقاب هجوم كرايستشرش الإرهابي.

تبرعات لدعم الحملة الانتخابية للحزب اليميني في أستراليا

ظهر وزير التجارة الأسترالي سيمون برمنغهام في التسريبات وهو يقول إن حزب «أمة واحدة» يشكل «خطراً على الوفاق الوطني الأسترالي»، وعلى حظر التبرعات السياسية الأجنبية.

وأدى هذا التسريب إلى تفاقم الخلاف داخل الائتلاف الانتخابي حول حظوظ حزب «أمة واحدة» في الانتخابات الفيدرالية القادمة.

وأبدى أشبي في مقطع الفيديو تطلعه للقاء مسؤولي «الاتحاد القومي للأسلحة»، ليطلب منهم «حشد مؤيديهم داخل أستراليا» قائلاً: «أريد أن أضع يدي على برمجياتهم.. وإذا كانوا يستطيعون دعمنا بتبرعات، فهذا رائع».

وفي لقاء مع رودغر مولر، وهو الصحفي الذي انتحل شخصية مؤيد للحق في حيازة الأسلحة يعمل مع المنظمة المزيفة «حق حيازة السلاح في أستراليا»، قال أشبي إن تمويلاً بقيمة 10 ملايين دولار سيساعد الحزب على «الحصول على ثمانية مقاعد في مجلس الشيوخ».

فيما قال ديكسون إنه من خلال توازن القوى يستطيع حزب «أمة واحدة» «السيطرة على الحكومة في كل المراحل». وأضاف: «والأسلحة ضمن أشياء أخرى ستظل العنصر والفاعل الأساسي».

واجتمع أشبي وديكسون مع كبار مسؤولي «الاتحاد القومي للأسلحة» لمناقشة التمويل وقوانين حيازة الأسلحة واستراتيجية الاتصالات، بما في ذلك كيفية تواصل المتحدث باسم الاتحاد لارس دالسيد مع وسائل الإعلام، وهو الذي قدَّم نصيحة بشأن ما يمكن قوله رداً على حوادث إطلاق النار الجماعية.

20 مليون دولار للدفاع عن بيع السلاح

واقترح دالسيد أن يُلقي السياسيون المؤيدون لحيازة الأسلحة باللوم على المعارضين بعبارات مثل «كيف تجرأون على الوقوف أمام قبور هؤلاء الأطفال لعرض أجندتكم السياسية؟»، فردَّ ديكسون «أوافق على هذا».

ورداً على عبارة: «إذا لم تكن سياستكم جيدة بما يكفي لتعتمدوا عليها فكيف تجرأون على استغلال وفاتهم للمضي قدماً في سياستكم» قال أشبي: «هذا رائع ورد قوي فعلاً».

كما سجل مولر أيضاً لقاءً بين مسؤولي حزب «أمة واحدة» وممثلي شركة «صناعات كوك» الأمريكية، التي تمول كثيراً من أهداف منظمات عدة محافظة في الولايات المتحدة.

وقبل الاجتماع سأل مولر المسؤولين الاثنين عن مقدار المبلغ الذي سيطلبانه. فاقترح ديكسون 10 ملايين دولار، ولكن أشبي ضاعف المبلغ فوراً إلى 20 مليون دولار.

ولا يوجد دليل على أن حزب «أمة واحدة» نجح في جهوده لطلب تمويل من «الاتحاد القومي للأسلحة» وشركة «صناعات كوك» أو أي منظمة أمريكية أخرى التقى بها المسؤولان في جولتهما.

الحزب اليميني الأسترالي قد يدفعون الثمن سياسياً

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حظر البرلمان الأسترالي التبرعات السياسية الأجنبية، ودخلت هذه القوانين حيز التنفيذ في 1 يناير/كانون الثاني الماضي.

وفي مناقشة في مجلس الشيوخ الأسترالي قالت زعيمة الحزب بولين هانسون: «إن التمويلات الأجنبية لا ينبغي أن تؤثر على المشهد السياسي في البلاد» ويتعيَّن «حظر» التبرعات الأجنبية كلياً.

وقبل الاجتماع مع «الاتحاد القومي للأسلحة» وشركة «صناعات كوك»، أبدى أشبي قلقه من العواقب السياسية إذا انكشف للجمهور أمر التواصل مع جماعات ضغط أمريكية مؤيدة لحيازة الأسلحة.

وقال أشبي: «إذا انكشف الأمر فسوف تُثار ضجة مدوية. فأنا أفكر في هذا الموضوع طوال الوقت».

اقرأ أيضا

ولم تذهب هانسون في هذه الجولة قائلة إن لديها «شعوراً داخلياً بأن هذه الرحلة لن تكون مناسبة لها».

وأكد الحزب اليميني الأسترالي «أمة واحدة»، في بيان، أن مولر دعا الحزب «للقاء الاتحاد القومي للأسلحة وكبار رجال الأعمال الأمريكيين وحضور حفل عشاء أقامته منظمة Congressional Sportsmen’s Foundation».

تحقيق الجزيرة «تدخل أجنبي في السياسة الأسترالية»

واتَّهم الحزب قناة al-Jazeera بأنها «ذراع إعلامي تملكه الحكومة القطرية.. وليست مؤسسة إعلامية شرعية» ومتهماً مولر أيضاً بأنه «عميل أجنبي».

وقال الحزب اليميني الأسترالي إنه أحال الأمر للشرطة الاتحادية الأسترالية للتحقيق إذا كان الأمر يعد «تدخلاً أجنبياً في السياسة الأسترالية».

وأضاف: «يدعم الحزب بقوة الحق في حيازة الأسلحة بشكل قانوني داخل أستراليا، وقد حدَّدنا سياستنا بوضوح على موقعنا الإلكتروني. وأعضاء الحزب يلتزمون دائماً بالقانون».

وقال رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون إن التقرير حول «طلب حزب «أمة واحدة» تبرعات سياسية أجنبية من جماعات ضغط أمريكية تدعم حيازة الأسلحة للتأثير على انتخاباتنا وتقويض قوانين حيازة الأسلحة لدينا» يعد «أمراً مقلقاً للغاية».

وتعهَّد موريسون بعدم تعديل قوانين حيازة الأسلحة في أستراليا، وامتدح حظر التبرعات السياسية الأجنبية، ولكنه لم يتحدث عما إذا كان التقرير سيؤثر على حظوظ الائتلاف في انتخابات مايو/أيار المقبل.

بينما لا تزال «مجزرة نيوزيلندا» تُخيم على البلاد

وقال برمنغهام في تصريح لإذاعة ABC الأسترالية، الثلاثاء 26 مارس/آذار 2019، إنه يجب على هانسون «الظهور أمام الكاميرات» لتوضيح ما إذا كان الحزب يريد إضعاف قوانين حيازة الأسلحة، وهو «أمر جدير بالاهتمام لتزامنه مع مأساة كرايستشرش».

وأضاف أن التحقيق الصحفي أظهر أن الحزب اليميني الأسترالي «أمة واحدة»، «يشكل خطراً على وحدة وسلامة أمتنا»، وحظر التبرعات الأجنبية وقوانين حيازة الأسلحة.

واقترح برمنغهام، وهو سياسي ليبرالي معتدل، علناً، أن يضع الحزب كلمة «المتطرفين» على بطاقات الدعاية الانتخابية الخاصة به، وأن يتم الضغط على سكوت موريسون، الذي رفض إعلان حزب «أمة واحدة» عنصرياً، وأن يتعهد بوضع حزب «أمة واحدة» في نهاية قائمة الأحزاب الانتخابية.

وكرَّر برمنغهام الدعوة الثلاثاء باعتبار أعضاء حزب أمة واحدة «متطرفين» عندما يتعلق الأمر بالسياسة التجارية، وهي نفس الصفة التي وجهها إلى حزب الخُضر الأسترالي، عندما أشار إلى أنهم متطرفون فيما يتعلق بالسياسة الضريبية.

في انتظار الحسم في مصير الحزب «انتخابياً»

وقال النائب العام في حكومة الظل مارك دريفوس، إن «اللغة العنصرية الاستفزازية التي يستخدمها الحزب اليميني الأسترالي «أمة واحدة» لم تكن كافية لدى سكوت موريسون، لوضع هذا الحزب في نهاية القائمة، ولكن الآن بالتأكيد تجاوز الحزب الحد».

وأضاف أن «حكومة موريسون منقسمة بشكل كبير بشأن هذه القضية الهامة». وما يثير الدهشة هو أن 10 نواب ليبراليين وقوميين وحزبيين يدعمون الآن تفضيل حزب «أمة واحدة» على حزب «العمل».

وقالت نائبة رئيس الحزب الوطني الأسترالي بريدجيت ماكنزي، في تصريح للإذاعة المحلية إن إمكانية تأثير الاتحاد القومي للأسلحة على السياسة الأسترالية تعد «السبب الرئيسي الذي دفع حكومتنا لاقتراح تشريعات لحظر هذا النوع من التبرعات الأجنبية، لمنع التأثير الخارجي على نظامنا السياسي».

لكن ماكنزي عقدت الرهان على الخيارات التي ستحددها أجهزة الدولة مع المجتمع المحلي بعد إغلاق باب الترشيحات. وأعلنت دعمها لزميلها النائب كين أودود، الذي يود وضع حزب الخُضر في نهاية قائمة الأحزاب الانتخابية، قائلة إنهم «سيدمرون» الصناعة المحلية.

وقالت مهرين فاروقى، النائبة البرلمانية عن حزب الخُضر الأسترالي إن الحزب اليميني الأسترالي «أمة واحدة» كان «شغوفاً في سعيه للوصول للسلطة»، كما كان «على استعداد للمخاطرة بأمننا من خلال إضعاف قوانيننا الصارمة لحيازة الأسلحة النارية».

وأضافت: «إذا كان الحزب الليبرالي يُراعي أمن الأستراليين، يجب عليهم التعهد بوضع حزب «أمة واحدة» الذي تتزعمه بولين هانسون في آخر القائمة».

 

 

.

وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.