كيف يمكن للانتخابات البلدية القادمة إعادة تشكيل السياسة

 

اقرأ أيضا

الصبر مفتاح الفرج

إذا نجح تحالف الشعب في الانتخابات، فقد يعمّق حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية علاقاتهما ويستمران في إضفاء الطابع المؤسساتي على النظام السياسي الجديد، مدعومين بهذا الحماس.

تتجه تركيا نحو الانتخابات البلدية يوم الأحد الموافق 31 مارس. وعلى الرغم من أن الانتخابات هي انتخابات بلدية، إلا أن الأسلوب العام ورسائل الحملات الانتخابية كانت بارزة للغاية، على غرار الانتخابات الرئاسية التي جرت في 24 يونيو 2018. وقد أكد الرئيس رجب طيب أردوغان أن الانتخابات ترتبط ارتباطا وثيقا ببقاء واستقرار البلد بأكمله. لقد أعطى باستمرار رسالة مفادها أن الكثير مما يخص مستقبل البلاد ومستقبل حكومته سيكون على المحك، في الانتخابات المقبلة.

كما أن شريكه في تحالف الشعب “دولت بهتشلي”، رئيس حزب الحركة القومية، كان دائماً يوجه رسائل مماثلة حول أهمية الانتخابات بما يتجاوز السياقات البلدية الحالية. لقد خاطر الرئيس أردوغان برفعه مكانة الانتخابات في وقت جرت فيه بعض التقلبات المؤقتة في الاقتصاد. من ناحية أخرى، حاولت كتلة المعارضة، تحالف الأمة الذي يضم حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد، الحفاظ على مستوى منخفض نسبياً في حملتهم الانتخابية.

لقد اعتقدوا أن التباطؤ الاقتصادي المؤقت سيسهم في تقليل شعبية حكومة حزب العدالة والتنمية.

عملياً، لفت تحالف الأمة أيضاً الانتباه حول ماهية حملته الانتخابية، من خلال توسيع تحالفه ضد تحالف الشعب، بضم حزب الشعوب الديمقراطي وحزب السعادة. وليس لدى هذه الأحزاب الأربعة الكثير من القواسم المشتركة بخلاف معارضتها وحتى عدائها للرئيس أردوغان وحكومته.

ومع ذلك، فإن منطق استراتيجية تحالف المعارضة يسلط الضوء على أهمية الانتخابات خارج السياق المحلي. حاولت كتلة المعارضة توسيع وتوحيد تحالفها من خلال العدائية ضد الرئيس رجب طيب أردوغان. قد لا تكون كتلة المعارضة متماسكة ودائمة لما بعد الانتخابات، لكنها ملتزمة بما يكفي لمحاولة إضعاف أردوغان.

ما هي المخاطر المحتملة أمام التحالفات الانتخابية؟

ستكون انتخابات 31 مارس مهمة لأنها ستكون اختباراً ذا قيمة لبعض الجهود السياسية التي بذلت خلال العامين الماضيين. من المحتمل أن يقوم الرئيس أردوغان ببعض التغييرات الهيكلية داخل حزب العدالة والتنمية بعد الانتخابات. قد تكون دائرة هذه التغييرات أكثر سعة إذا كان أداء حزبه أقل من توقعاته.

بالنسبة إلى الرئيس أردوغان وحزبه، سيكون هذا في الوقت نفسه اختباراً لقوة تحالفه مع حزب الحركة القومية ومستقبل تحالف الشعب. سيستمر تحالف الشعب بعد الانتخابات حتى لو واجه بعض الخسائر، لكن الأطراف قد تعيد النظر في التزامها تجاه التحالف.

هناك أربع سنوات ونصف دون انتخابات جديدة في الأفق بعد انتخابات 31 مارس. وقد يوفر هذا فرصة لحزب العدالة والتنمية وقيادة حزب الحركة القومية، لإعادة تشكيل طبيعة تحالفهم وإعادة صياغة قاعدة دعمهم وفقاً لمتطلبات تحالف الشعب.

إن نجاح مرشحي تحالف الشعب، من ناحية أخرى، قد يعزز العلاقات بين الحزبين. قواعد الناخبين للأحزاب قريبة جداً ومتساوية في الأجزاء الوسطى والجنوبية من تركيا. إن قصة نجاح كبيرة في الانتخابات البلدية قد تعزز التحالف على المستوى المحلي أيضاً.

هناك الكثير من المخاطر أمام كتلة المعارضة في الانتخابات البلدية. سيتم اختبار تحالف حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي وحزب الجيد وحزب السعادة، في صناديق الاقتراع. قواعد الدعم لجميع تلك الأحزاب مختلفة تماماً، لكنها متحدة في السعي لإنهاء هيمنة الرئيس أردوغان في الانتخابات التركية. قد يكون هناك أصوات أكثر انتقادا من داخل تحالف الأمة إذا كان أداء الحلف ضعيفاً في استطلاعات الرأي. يمكن مساءلة قيادات جميع الأحزاب إذا كانت نتائج الانتخابات مخيبة لآمال الأعضاء.

المخاطرة الأكثر أهمية هي على الأرجح بالنسبة للحياة السياسية لـ”كمال قلجدار أوغلو”، الأمين العام لحزب الشعب الجمهوري. لسنوات عديدة كافح “قلجدار أوغلو”من أجل تحالف حزبه مع حزب الشعوب الديمقراطي. وقام بتغييرات في الوظائف الإدارية لحزبه لتسهيل هذا التحالف.

على الرغم من أن حزب الجيد يبدو أنه الشريك المرئي في تحالف الأمة، إلا أن مشروع كمال قلجدار أوغلو يركز أكثر على تحالف حزبه مع حزب الشعوب الديمقراطي. وقرر الحفاظ على علاقة منخفضة مع حزب الشعوب الديمقراطي، حتى لا ينفر قاعدة حزب الجيد.

إذا فشل تحالف حزب الشعب الجمهوري مع الشعوب الديمقراطي في الانتخابات المحلية، فقد تكون هذه بداية النهاية لكمال قلجدار أوغلو. هناك بالفعل شكوك في حزبه حول قيادته وحتى بين مؤيدي حزب الشعب الجمهوري. كافح قلجدار أوغلو لتشكيل هذا التحالف المكون من أربعة أحزاب لإنقاذ حياته السياسية، وفشل هذا التحالف في الانتخابات البلدية سيكون عملياً نهاية قيادته لحزب الشعب الجمهوري.

قام قلجدار أوغلو بإعاقة وتهميش القوميين العلمانيين داخل حزب الشعب الجمهوري واستوعب أنصار حزب الشعوب الديمقراطي وأعضاء حزب الجيد. قد يزيد القوميون العلمانيون المقصيون والمهمشون، والديمقراطيون الاجتماعيون معارضتهم لقيادة قلجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري.

سيكون لنتائج الانتخابات البلدية يوم الأحد عواقب مؤثرة بشدة على إعادة تشكيل السياسة التركية. إذا نجح مرشحو كتلة المعارضة، فستكون هناك تحالفات سياسية جديدة وكذلك بعض التصدعات المحتملة داخل الكتلة.

سيضطر حزب الشعب الجمهوري إلى اختيار إما المضي قدما مع حزب الشعوب الديمقراطي أو مع حزب الجيد. يبدو أن تحالف الشعب يقدم مستقبلاً أكثر وضوحاً واستقراراً للسياسة التركية. إذا نجح تحالف الشعب في الانتخابات، فقد يعمق حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية علاقاتهما، وقد يواصل زعماء الحزبين إضفاء الطابع المؤسساتي على النظام السياسي الجديد، مدعومين بهذا الحماس. على أي حال، يجب على الناخبين الأتراك ترقب تغييرات غير متوقعة في السياسة التركية بعد الانتخابات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.