نشرت صحيفة “ايزفستيا” الروسية تقريرا تحدثت فيه عن الخطوات القادمة التي سيتخذها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد تراجع حزبه “العدالة والتنمية” في الانتخابات المحلية الأخيرة.
وقالت الصحيفة، إنه “من أجل تعزيز فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية لسنة 2023، سيحاول أردوغان تقليل المواجهة مع حزب الشعب الجمهوري”.
ووفقا لنتائج الانتخابات البلدية التي أجريت يوم الأحد 31 آذار/ مارس الماضي في تركيا، فاز تحالف الشعب الذي يضم حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، في معظم مراكز الاقتراع في البلاد، على الرغم من حصول المعارضة على أعلى نسبة أصوات في كل من أزمير وأنقرة وإسطنبول، والأخيرة لم تحسم إلى الآن لتواصل عمليات إعادة فرز الأصوات.
وأضافت الصحيفة أن هزيمة رئيس الوزراء السابق والمساعد المقرب للزعيم التركي بن علي يلدريم، الذي تخلى عن منصب رئيس الوزراء من أجل خوض معركة الحصول على مقعد عمدة إسطنبول، كانت من بين الأمور التي أثارت الدهشة.
وعلى صعيد آخر، قد تشجع هذه النتائج الحكومة على التحرك بنشاط أكبر فيما يتعلق بالأزمة السورية، لا سيما في منطقة خفض التصعيد في إدلب التي تلعب دورا كبيرا في السياسة الخارجية والداخلية على حد سواء، وفقا لما أفاد به عضو البرلمان التركي، أوزتورك يلماز.
ونقلت الصحيفة عن يلماز قوله إن “الجميع منشغل في الوقت الراهن بنتائج الانتخابات، لكن ما يحدث في سوريا يستحق إمهال السلطات بعض الوقت”.
وأشار النائب التركي إلى أنه قبل الانتخابات في أنقرة تم الحديث بالفعل عن بدء العمليات النشطة في سوريا، ووعد أردوغان بحل القضية السورية فعليا بعد الانتخابات مباشرة، ولن يقتصر الأمر على الإدلاء ببعض التصريحات.
وفيما يتعلق بروسيا، ستحمل رغبة تركيا في تكثيف عملياتها في إدلب معاني إيجابية، حيث سيضمن الفصل بين المسلحين والمعارضة المعتدلة، بداية عودة المحافظة تحت سيطرة دمشق بشكل سلمي.
الجدير بالذكر أن إدلب تضم حوالي 3 ملايين نسمة، من بينهم نحو 40 ألف شخص ينتمون إلى تيارات متشددة، وهو ما يدفع البعض للتساؤل عن الخطة التي ستعتمدها أنقرة للفصل بين هذه الجماعات.
وأفادت الصحيفة أن أنقرة أطلقت منذ آذار/ مارس الماضي دوريات، بالاشتراك مع الوحدات الروسية، على حدود إدلب، وفي أعقاب اجتماع مجموعة التخطيط الاستراتيجي التركية الروسية المشتركة، الذي عُقد في أنطاليا في 29 آذار/مارس، صرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن الجيشان الروسي والتركي يلتزمان بالمعاهدة المتعلقة بوقف التصعيد، ويتحركان نحو إنشاء ثلاث مناطق مشتركة الدوريات، ويمكن الجزم بأن إدلب ستكون أحد المواضيع الرئيسية للمحادثات التي ستُعقد بين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان في الثامن من نيسان/ أبريل في موسكو.
ووفقا للخبير ورئيس البرنامج السياسي بمركز دراسة تركيا المعاصرة، يوري مافاشيف، سوف يدفع تراجع مكانة الحزب الحاكم في الانتخابات البلدية، الزعيم التركي للعمل من أجل إعادة كسب ثقة الناخبين، لذلك، يخدم تحقيق بعض النجاحات فيما يتعلق بالوضع السوري مصالح أردوغان تماما.
وأضاف الخبير أن سوريا توفر لأردوغان فرصة إبراز نجاحاته واتساق سياساته، كما سيحاول إقناع الناخبين بأن الاقتصاد يتدهور في العواصم التي تحكمها المعارضة، في الوقت الذي يعزز فيه الجيش التركي في سوريا نفوذه.
ونقلت الصحيفة عن مافاشيف أن تراجع مكانة الحزب الحاكم في الانتخابات البلدية في إسطنبول وأنقرة، يعود إلى حقيقة التغافل عن العمل مع سكان هذه المدن، حيث اكتفى أردوغان بزيارة المناطق الريفية التي تشكل العمود الفقري للناخبين في حزبه، بينما استغلت المعارضة الفرصة وأقامت لقاءات مع سكان إسطنبول وأنقرة.
بالإضافة إلى ذلك، لعب الوعد الذي قدمه أردوغان المتعلق بدعمه للاجئين ومنحهم الجنسية، ما يخول لهم المشاركة في الانتخابات، دورا سلبيا بسبب معارضة المواطنين الأتراك لهذا الاقتراح، في الوقت نفسه، أعرب مافاشيف عن شكه فيما يتعلق بترشيح أردوغان لنفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة لسنة 2023، حيث قد تظهر قوى سياسية جديدة بحلول ذلك الوقت، ما سيُصعب الأمور أكثر.
اقرأ أيضا: رئيس لجنة الانتخابات يعلق على إعادة فرز الأصوات بإسطنبول
وأفادت الصحيفة، وفقا للباحث السياسي التركي والخبير في العلاقات الثنائية بين موسكو وأنقرة، كريم هاس، بأن تراجع مكانة الحزب الحاكم في الانتخابات البلدية سيؤثر بشكل غير مباشر على سياسة الزعيم التركي في الشرق الأوسط، وفي العالم الغربي أيضا.
علاوة على ذلك، سيلجأ أردوغان إلى تطبيع العلاقات مع العالم الغربي بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تركيا من أجل الحفاظ على مقعده في الانتخابات المقبلة لسنة 2023.
وفي الختام، نوهت الصحيفة إلى أن أردوغان وعد في اجتماعه مع فلاديمير بوتين، في سوتشي في الخريف الماضي، بإيجاد حل للوضع في إدلب بطريقة سلمية، حيث اتفق القادة على منح تركيا مزيدا من الوقت لحل الوضع بشكل سلمي.
.
وكالات