إيران لن تغلق مضيق هرمز كما توعّدت.. لكن ما بدأت بفعله سيهز أسواق النفط!!

في أواخر شهر مارس/آذار الماضي، شدَّدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة «الضغط الأقصى» التي تشنها على إيران حين أعلنت أنها ستلغي الاستثناءات التي خصَّصتها لدولٍ من بينها الصين والهند واليابان لمواصلة شراء النفط الإيراني دون مواجهة عقوبات.

أي أنَّ هذه البلدان وشركاتها صارت الآن عُرضةً للاستبعاد من السوق الأمريكية إذا لم تتوقف فوراً عن شراء النفط الخام الإيراني.

إيران أحيت بتصريحاتها بشأن مضيق هرمز تهديداً قديماً

بدورها ردَّت إيران على قرار إدارة ترامب الأخير بإحياء تهديدٍ قديم، إذ هدد قادة عسكريون على مستوى عالٍ، ومسؤولون سياسيون بإغلاق مضيق هرمز الذي يُعد ممراً مائياً استراتيجياً رئيسياً يمر من خلاله خُمس صادرات النفط العالمية تقريباً.

هذه اللهجة ليست جديدة بالطبع؛ فعلى مر السنين الماضية، هدَّد النظام الإيراني مراراً بإغلاق المضيق في إطار التوترات السياسية المستمرة بينه وبين الغرب، وقد كان آخر هذه التهديدات في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حين حذَّر الرئيس الإيراني حسن روحاني من أن النظام الإيراني يدرس اتخاذ تلك الخطوة بالفعل إذا مضى البيت الأبيض قُدُماً واستهدف صادرات النفط الإيرانية.

تنفيذ هذا التهديد يظل مستبعداً بشدة على الرغم من امتلاك إيران القوة للقيام به

لكن على الرغم من كل تهديدات طهران، ما زال الإغلاق الإيراني المباشر للمضيق أمراً مستبعداً بشدة، مع أنَّ النظام الإيراني لديه القوة العسكرية لفعل ذلك (وهو شيء تُحذِّر منه أجهزة الاستخبارات الأمريكية منذ سنوات)، وذلك لأنَّ العواقب الاستراتيجية على طهران ستكون مُدمِّرة.

فبحسب أحد المسؤولين العسكريين الذي تحدث بسرية مجلة The National Interest الأمريكية، قبل بضع سنوات: «إذا أغلقت إيران المضيق، سيظل مغلقاً».

فإغلاق إيران للمضيق يعني الحرب بالنسبة لواشنطن، وإيران لا ترغب بذلك

ويعني ذلك أن هذه الخطوة ستُعد بمثابة ذريعة حرب بالنسبة للجيش الأمريكي، الذي سيرد رداً حاسماً بفرض حصارٍ مفتوح على المضيق. وهذا سيسفر عن عواقب وخيمة على النظام الإيراني، الذي يعتمد على صادرات النفط لتمويل أكثر من ثلث ميزانيته الفيدرالية.

وستعود هذه الخطوة كذلك بنفعٍ مباشر على إدارة ترامب. ففي الوقت الراهن، ما زالت السلطات الإيرانية تأمل في أن يواصل عملاؤها الرئيسيون شراء نفطها الخام على الرغم من الضغط الأمريكي. لكنَّ السير المعتاد لواردات تلك البلدان من النفط الإيراني سيصبح مستحيلاً إذا سيطرت الولايات المتحدة على المضيق الاستراتيجي.

اقرأ أيضا

إلا أن ذلك لا يعني زوال الخطر الإيراني على المضيق، فلديها بدائل أخرى

لكن لا يعني أيٌّ من ذلك أنَّ إيران لا تُمثِّل تهديداً حقيقياً على المضيق. إذ يمكن للحكومة الإيرانية أن تلحق ضرراً حاداً بالاقتصاد العالمي، ليس بإغلاق المضيق مباشرة، بل بخنق حركة السير فيه.

فعن طريق الحد من الحركة التجارية التي تتدفق عبر ذلك الممر المائي المهم (بإجراء تدريباتٍ عسكرية على سبيل المثال)، يمكن للنظام الإيراني أن ينجح في رفع التكلفة الحدية للنفط العالمي دون منح الولايات المتحدة ذريعةً واضحة لاتخاذ إجراء مضاد.

وهذه البدائل ستصب في مصلحة حلفاء واشنطن في الخليج وسيلتزمون الصمت

وعلاوةً على ذلك، فنظراً إلى أنَّ حلفاء أمريكا في منطقة الخليج سيستفيدون أيضاً من ارتفاع سعر النفط العالمي، من المرجح أن يلتزموا الصمت تجاه التلاعب الإيراني بالمضيق، على الأقل ما دامت إيران تثبت أنَّها راعية موثوقة للممر المائي.

وبحسب الموقع الأمريكي فإن النتيجة الإجمالية ستكون أنَّ إيران ستصبح أكثر مرونة في مواجهة العقوبات؛ لأنَّ ارتفاع أسعار النفط سيدعم النظام الإيراني حتى مع انخفاض إجمالي حجم صادراته.

وقد بدأت طهران بتطبيق هذه الخيارات

ويبدو أنَّ هذا بالضبط هو ما يفكر به المسؤولون في طهران. إذ أعلنت البحرية الإيرانية للتو خططاً لإجراء تدريبات مشتركة مع روسيا بالقرب من مضيق هرمز في إشارةٍ واضحة للغرب بأنها تمتلك الإرادة والوسائل للتأثير في حركة الملاحة البحرية عبر المضيق إذا تعرَّضت للاستفزاز.

صحيحٌ أنَّ مسؤولي الإدارة الأمريكية، عند إعلان إلغاء الاستثناءات المتعلقة باستيراد النفط الإيراني، أعربوا ثقتهم بأنَّ هذه الخطوة لن تُربك سوق الطاقة العالمية، لكنَّ المخاوف بشأن العواقب المحتملة لسياسة ترامب قد أدَّت بالفعل إلى ارتفاع أسعار النفط. وإيران لديها الآن القدرة على جعل الوضع أسوأ في ظل وضعها العسكري في المضيق.

وهذا بدوره يجعل سياسة الإدارة الأمريكية عالية المخاطر تجاه إيران أشد خطورة. لأنه لكي تُعَد تلك السياسة ناجحة، لن يحتاج البيت الأبيض فقط إلى تقييد السلوك الإيراني المارق تجاه العالم، بل سيتوجَّب عليه كذلك منع طهران من التلاعب بأسواق الطاقة العالمية لمصلحتها.

.

المصدر/عربي بوست

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.