نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا تحدث فيه عن عزم كل من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية خوض محادثات للتوصّل إلى تسوية بشأن المشاكل في سوريا بعد انتهاء الحرب.
وقال الموقع، إن السعادة غمرت إلهامي إشك حين علم أن الحكومة التركية سمحت لعبد الله أوجلان بلقاء محاميه. وتجدر الإشارة إلى أن عبد الله أوجلان هو الزعيم المسجون لحزب العمال الكردستاني المعروف سابقا بأنه جماعة مسلّحة من الماركسيين لطالما كانت عالقة في نزاع مع الدولة التركية لأكثر من 30 سنة.
بالنسبة لإشك، الكردي المحافظ وأصيل مدينة باتمان التركية الذي لعب دورا فعالا في عدة محادثات بين المسؤولين الأتراك وممثلي حزب العمال الكردستاني في الماضي، أصبحت الأمور جلية. فبعد فشل عملية السلام بين حزب العمال الكردستاني وأنقرة في سنة 2015، يعد هذا القرار بمثابة الخطوة الأولى في الطريق نحو استئناف المفاوضات بين الطرفين.
وذكر الموقع أن محامي أوجلان أعلن يوم الاثنين الماضي عن بيان مقتضب موقّع من زعيم حزب العمال الكردستاني، تطرّق من خلاله إلى مجموعة القضايا التي تسعى المفاوضات الديمقراطية إلى حلها، وكانت القضية السورية العنصر الأكثر إثارة للدهشة في هذا البيان.
وقد ورد في هذا البيان أنه: “فيما يتعلق بقوات سوريا الديمقراطية، نحن نعتقد أنه في إطار السعي إلى تحقيق الوحدة في البلاد، ينبغي التوصّل إلى حل للمشاكل في سوريا بموجب الضمانات الدستورية والمنظور الديمقراطي المحلي، كما يجب أن نراعي مخاوف تركيا”.
ونوه الموقع إلى أنه لا يمكن لسوريا أن تكون أكثر أهمية بالنسبة للمسؤولين الأتراك، الذين لطالما راودتهم مخاوف شديدة بشأن منطقة الشمال منذ سنة 2014.
وسارعت قوات سوريا الديمقراطية بقيادة وحدات حماية الشعب، بصفتها الجناح المسلح السوري لحزب العمال الكردستاني، إلى الاستيلاء على المدن التابعة لتنظيم الدولة بمساعدة من الولايات المتحدة.
ومن جهتهم، اتهم الأتراك الولايات المتحدة بالنفاق في علاقتها مع وحدات حماية الشعب. وعلى خلفية تصنيف الولايات المتحدة لحزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية، اغتنم المسؤولون الأتراك جميع الفرص المتاحة في وسائل الإعلام للتصريح بأنه “في الوقت الذي يعلن الأمريكيون عن أن قادة حزب العمال الكردستاني إرهابيون، فإنهم يتعاونون معهم في سوريا”.
وأضاف الموقع أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أخبر نظراءه الأمريكيين في مناسبات عديدة أن صبر أنقرة بشأن معاملات الولايات المتحدة المزدوجة ووجودها في سوريا على وشك النفاذ.
وفي وقت سابق من هذه السنة، ما فتئ أردوغان يتساءل: “لقد انهزم تنظيم الدولة، فلماذا لا تزال الولايات المتحدة هناك؟” ،موضحًا أنه يرغب في رحيل جميع الجنود الأمريكيين حتى يتمكن من إنشاء ما تصفه تركيا بالمنطقة الآمنة في شمال سوريا.
وأورد الموقع أنه في إطار لقاءات الدبلوماسي الأمريكي المخضرم جيمس جيفري وفريقه مع المسؤولين في تركيا وسوريا من أجل مناقشة مسألة إنشاء منطقة آمنة في المنطقة الحدودية بين البلدين، واجه المسؤولون الأمريكيون صعوبة في إقناع حلفائهم الغربيين بإدارة المنطقة، كما ترفض قوات سوريا الديمقراطية وجود جنود أتراك بالقرب من المدن ذات الأغلبية الكردية.
وحيال هذا الشأن، قال إشك إن “الجمود الذي يسيطر على الوضع أجبر الولايات المتحدة على أن تكون أكثر إبداعًا، فهي تلعب الآن دور الوسيط بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية”.
وبحسب إشك، يعد “البيان في حد ذاته دليلا على أن المسؤولين الأتراك قد التقوا بالفعل مع أوجلان. لقد توصلوا إلى أرضية مشتركة تخول لهم المضي قدما وخوض المزيد من المحادثات، وهو ما دفع أوجلان لإصدار هذا البيان”.
وأشار الموقع إلى أنه على خلفية إثارة العديد من المسؤولين الأمريكيين في الماضي فكرة حل المشكلة في سوريا من خلال ربطها بالمسألة الكردية في تركيا، أبدى المسؤولون الأتراك رفضهم لهذا الخيار مرارًا نظرا لانعدام ثقتهم بالأمريكيين، لاسيما بريت ماكغورك الذي تولى دور المبعوث الخاص للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة قبل جيفري، والذي عرف بعلاقاته الوثيقة مع وحدات حماية الشعب. ومع ذلك، يبدو أن جيفري الذي يحظى باحترام أردوغان كان قادرًا على تطوير نهج جديد.
وأفاد الموقع بأن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، فرحات عبدي شاهين، المعروف باسم مظلوم كوباني، قد صرح لوسائل الإعلام المحلية خلال عطلة نهاية الأسبوع بأن قوات سوريا الديمقراطية كانت تجري محادثات غير مباشرة مع أنقرة، مؤكدا “نحن مستعدون لخوض حوار والتفاوض بطرق السلمية من أجل حل المشكلة”.
ونقلت مصادر عديدة أن شاهين يعتبر وجهًا مألوفًا بالنسبة للمسؤولين الأتراك، علما بأنه أشرف على محاولات حزب العمال الكردستاني في أوروبا في أواخر التسعينيات لمناقشة وقف إطلاق النار بين تركيا وهذا الحزب.
وأكد الموقع نقلا عن مصدر تركي، رفض الكشف عن هويته، أن مسؤولين في جهاز الاستخبارات الوطنية التركية التقوا بالفعل مع شاهين في أواخر شهر آذار/ مارس الماضي، كما قاموا بزيارة أوجلان قبل 15 يومًا ليلتقوا به مجددا خلال الأسبوع الماضي. ويقول إشك إنه نظرا لانتهاء الحرب في سوريا، تملك كل من وتركيا وقوات سوريا الديمقراطية حافزا لإجراء المحادثات.
وفي الختام، بين الموقع أن إشك لا يعلّق حاليا آمالا كبيرة على حل النزاع القائم بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، ولكنه مع ذلك يقر بأن تحقيق انفراجة بين الطرفين في سوريا، يتطلّب عملية سلام جديدة في تركيا.
.
المصدر:عربي21