في مقال لها بمجلة “فورين بوليسي” الأميركية تقول الكاتبة والأكاديمية نرجس باجغلي إن العلاقة بين إيران وحلفائها أعمق بكثير مما يدركه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتناولت الأستاذة بكلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز جوانب مهمة يجهلها الرئيس الأميركي حول نفوذ إيران وطبيعة علاقاتها بحلفائها في منطقة الشرق الأوسط.
واستشهدت الكاتبة بتصريح لأحد الأعضاء البارزين في قوات الحرس الثوري الإيراني قال فيه “ما لا يفهمه الأميركيون هو أن الجماعات التي ندعمها في المنطقة ليست مرتزقة”.
وتوضح باجغلي في مقالها عن مصادر القوة والنفوذ الإيرانيين، أن المسؤولين الأميركيين يمنون النفس بأن تسهم العقوبات في التقليل من قدرة طهران على تمويل هذه الجماعات، لكنهم لا يدركون أن الأموال ستستمر في التدفق بطريقة تعجز وزارة الخزانة الأميركية عن تتبعها.
لا يحفزها المال
وفي الإشارة إلى أن الجماعات الموالية لإيران لا يحفزها المال، تقول باجغلي إن الرغبة في التخلص من النفوذ الأجنبي هو المُحفز الأساسي لشعوب الشرق الأوسط على القيام بالثورات.
وأشارت إلى أنها شاهدت كذلك تدفقا كبيرا للعديد من الأجانب داخل الهيئات الاقتصادية والعسكرية للحرس الثوري الإيراني. ومن المؤكد أن تدفق الأشخاص والسلع والأفكار بين إيران وحلفائها سيستمر رغم عقوبات ترامب المفروضة على طهران.
الروابط التجارية والثقافية
وذكرت الكاتبة أن صناع السياسة وعامة الناس يسيئون فهم العلاقة بين إيران والعراق وبلاد الشام، إذ يرون أنها مرتبطة بالطائفة الشيعية، مؤكدة أن ما يربط إيران بالدول المجاورة وحلفائها لا يتقيد بعقيدة دينية محددة، وأن أصول هذه العلاقة تعود إلى الماضي البعيد حيث امتدت طرق التجارة بين هذه البلدان وسافرت الأسر عبرها وأوجدت روابط ثقافية واجتماعية فيما بينها.
السياسة قبل الدين
وقالت باجغلي إنه لو كان ارتباط إيران بالجماعات الأخرى مقتصرا على الهوية الدينية فقط، لما قامت علاقة بين إيران وجماعات المقاومة الفلسطينية أو المجموعات الكردية في العراق. ويبدو أن علاقة إيران بحلفائها تقوم على بحثها عن تحقيق السيادة على المستوى السياسي لا الديني.
وبينت الكاتبة أن فهم علاقة إيران بحلفائها يتطلب النظر في الثورة التي قادت إلى تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المقام الأول.
فالدعم الجماعي للإيرانيين للثورة في السابق كان نابعا من رغبتهم في تخليص بلادهم من الإمبريالية، كما أن خطاب الجماعات المقاتلة التي تدعمها إيران يرتكز أساسا على نفس الهدف، ويبدو ذلك جليا من خلال خطابات هذه الجماعات وتصريحاتها الرسمية. ومع أن تقديم الدعم يستند إلى رمزية الإسلام كهوية ثقافية وسياسية، فإنه لا يمثل القوة الدافعة الحقيقية لهذه العلاقات.
وتشهد منطقة الشرق الأوسط توترا سياسيا كبيرا وسط تنامي المخاوف من تطور الخلاف الأميركي الإيراني إلى الدخول في حرب مدمرة.
وفي الأسابيع الماضية بدا أن الطرفين على وشك الاشتباك، لكن مسؤولي الجانبين بعثا مؤخرا رسائل إيجابية تؤكد عدم رغبتهما في المواجهة العسكرية.
حرب نفسية
وفي سياق متصل، اعتبر فصيلان مسلحان على صلة وثيقة بإيران أن واشنطن تمارس “حربا نفسية” ضد طهران وحلفائها.
وأعلن فصيلا “عصائب أهل الحق” و”حركة النجباء” المنضويان في هيئة الحشد الشعبي أن حديث واشنطن عن وجود تهديدات لمصالحها في العراق ليس إلا “ذرائع”.
وقال نصر الشمري المعاون العسكري لحركة النجباء إن واشنطن اليوم “تحاول صنع ضجة في العراق والمنطقة تحت أي ذريعة”.
ومن جانبه استبعد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي اندلاع حرب بين إيران والولايات المتحدة، وقال إنهما لا تريدان ذلك، مؤكدا أن هناك مؤشرات من الجانبين على أن الأمور ستنتهي على خير.
وكشف رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” ديفد هيرست أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو فاجأ عبد المهدي خلال زيارته غير المعلنة الأخيرة لبغداد وطلب منه إبلاغ الإيرانيين بأن الرئيس دونالد ترامب ليس متحمسا لحرب ضدهم، وكل ما يريده هو إبرام اتفاق نووي جديد يحمل اسمه.
المصدر: الجزيرة