نشر موقع “مركز ماسكوفسكي كارينغي” الروسي تقريرا تطرق فيه إلى احتمال نجاح الضغط الأمريكي المسلط على تركيا في دفعها إلى إلغاء صفقة المنظومة الروسية “أس400″، بيد أنه من الواضح أن الولايات المتحدة فقدت العديد من مناطق النفوذ في سوريا وخسرت ثقة أردوغان.
وقال الموقع، إن عقد شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية “أس400” كان طيلة سنتين من بين أكثر المواضيع التي ناقشها البلدان، وترى الولايات المتحدة أن المضي قدما في الصفقة يشكل خطرا عليها، ويعد بمثابة انتصار غير متوقع بالنسبة لروسيا التي استطاعت إقناع إحدى دول الناتو بتفوق أسلحتها.
وذكر الموقع أنه قبل ثماني سنوات بدأت روسيا في تعريف تركيا على أنظمتها الدفاعية الجوية والصاروخية، وفي سنة 2013، دخلت تركيا في مفاوضات مع الجانب الصيني بهدف شراء نظام الدفاع الصاروخي الصيني “إف.دي.2000″، لكن لسبب ما، فشلت المفاوضات وألغيت المناقصة، وفي ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة حذرة للغاية بشأن انتقاد مسألة عزم تركيا على شراء أنظمة مضادة للصواريخ من دول أخرى.
وأورد الموقع أن الولايات المتحدة رفضت بيع مجمعات “باتريوت” إلى تركيا، خشية من أن تسليم هذه الأسلحة المتطورة سيقلل من اعتمادها على الولايات المتحدة وحلف الناتو، ومن جهتها، تصر تركيا على نقل التكنولوجيات المتقدمة إلى أراضيها، حتى مع موافقة واشنطن على مضض.
وأشار الموقع إلى أن الأسلحة التي تمتلكها تركيا لا تفي باحتياجات قادتها. فبالنسبة لأنقرة، تعد أنظمة مثل “أس400” أو باتريوت بمثابة أداة للردع والتأثير السياسي على الدول المجاورة، بما في ذلك سوريا والعراق واليونان وإسرائيل، ومراقبة مساحات كبيرة في المنطقة، وقد أصبح العالم سنة 2016 على دراية بالمفاوضات الجارية بين روسيا وتركيا بشأن إمكانية شراء منظومة “أس400″، وفي سنة 2017 وقّع البلدان العقد، مع العلم أن المنظومة الروسية أقل تكلفة من نظيرتها الصينية والأمريكية.
وأكد الموقع أن عقد الاتفاق بين روسيا وتركيا مثّل مفاجأة كبيرة، ذلك أنه قبل أشهر قليلة من التفاوض كانت روسيا وتركيا على شفا مواجهة مفتوحة على خلفية تورط الأتراك في إسقاط الطائرة الروسية سو-24 بالقرب من الحدود السورية في تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 2015.
وأوضح الموقع أن روسيا حاولت لسنوات عديدة اقتحام سوق الأسلحة التركية، بعد عملها على تصحيح الأخطاء التي أدت بها إلى خسارة المناقصات السابقة التي شاركت فيها منذ أواخر التسعينيات. وبعد سقوط الطائرة الروسية، سلطت روسيا ضغوطا شديدة على تركيا في مختلف المجالات، انطلاقا من قطاع الفلاحة، وصولا إلى السياحة، لذلك من الممكن أن يؤدي إلغاء تركيا لهذا الاتفاق إلى تكبدها خسائر كبيرة.
علاوة على ذلك، توقفت المفاوضات الأمريكية التركية بشأن الحصول على مجمعات “باتريوت”، كما تأزمت العلاقة بين البلدين بعد الانقلاب الفاشل الذي عرفته تركيا سنة 2016، والذي اتهم الداعية المقيم بالولايات المتحدة، فتح الله غولن، بتنفيذه.
وأفاد الموقع بأن منظومة “إس-400” الروسية سوف تمنح تركيا تفوقا ملموسا على العديد من الدول الأخرى في المنطقة، لا سيما أنها تتميز بقدرتها على إسقاط أي هدف جوي على بُعد 400 كيلومتر، وقدرتها على مراقبة عملية إطلاق القذائف وتحركات الطائرات في جميع أنحاء قطاع غزة، بالقرب من القدس وتل أبيب.
وستظهر بيروت ودمشق وشرق البحر المتوسط على شاشة الرادار، بينما سيقوم الرادار الواقع في شرق البلاد بمراقبة بغداد وضواحي طهران، وستكون المنظومة قادرة على مراقبة زاوية قبرص، حيث أعربت أنقرة في العديد من المناسبات عن استيائها من اتفاقات نيقوسيا وتل أبيب حول تطوير النفط والغاز في المناطق التي تعتبرها تركيا مشتركة.
وبين الموقع أنه باعتبارها حليفا لإسرائيل، فإن الولايات المتحدة قلقة بشأن خروج تركيا عن السيطرة، ومن غير المقبول بالنسبة لها أن يكون نظامها تحت مراقبة خصمها روسيا. ومن المرجح أن إسرائيل دعت الولايات المتحدة للتأثير على الوضع بطريقة أو بأخرى. لذلك، بدأت الولايات المتحدة تهدد تركيا علانية بأنها ستواجه عواقب وخيمة في حال أصرت على شراء المنظومة الروسية، وستستبعدها من برنامج صناعة مقاتلات “إف-35”.
وأشار الموقع إلى أن تركيا ترغب في الحصول على 100 مقاتلة من طراز “إف-35″، بيد أن تمركز المنظومة الروسية على أراضيها يعني أن هذه المقاتلات ستكون تحت رقابة منظمة الدفاع الجوي “أس400″، ما سيؤدي إلى كشف تقنياتها وربما نقلها إلى موسكو.
ونوه الموقع إلى أن موجات النقد التي طالت تركيا بشأن المنظومة الروسية أثارت مجددا الرهاب الأمريكي القديم الذي نشأ خلال الحرب الباردة. ففي ذلك الوقت، اختارت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي طرقا منفصلة في سباق التسلح، حيث اهتم السوفييت بتطوير أنظمة الدفاع الجوي والدفاع الصاروخي، بينما ركزت الولايات على تطوير الطائرات التي لا يستطيع الرادارات والصواريخ السوفيتية الوصول إليها.
وذكر الموقع أن أردوغان من الوجوه السياسية التي لا يمكن التنبؤ بتحركاتها، لذلك من الناحية النظرية لا يزال أمام أنقرة إمكانية استلام مدفوعاتها المسبقة وإنهاء العقد. ويعتقد المراقبون الأتراك أن تركيا يمكن أن تتخذ مع المنظومة الروسية موقفا مماثلا للذي اتخذته من قضية القس الأمريكي أندرو برونسون، حيث صرح أردوغان في العديد من المناسبات أن القس الأمريكي سيمكث في السجن التركي لفترة طويلة بتهمة الإرهاب. وردا على ذلك، اتخذت الولايات المتحدة سلسلة من التدابير الاقتصادية، مثل زيادة رسوم الاستيراد على السلع التركية. وبعد بضع جلسات استماع، تم الإفراج عن برونسون.
في المقابل، يعتقد البعض أن الضغط الأمريكي قد يدفع تركيا إلى إلغاء الصفقة الروسية، ومن جهتها، لا ترغب روسيا في تعطيل الاتفاقيات لأن ذلك سيكون بمثابة خسارة للأموال والنفوذ العسكري والسياسي. وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة فقدت نفوذها في سوريا وثقة أردوغان، فإن محاولاتها للتأثير على الوضع قد لا تكون فعالة بما فيه الكفاية. أما تركيا فترى أن موقف الولايات المتحدة ليس بناءً، لذلك تصر على حقها في اختيار المورد، وهي تدرك أنه حتى مع شراء المنظومة الروسية ستبقى أنقرة حليفا مهما لواشنطن في المنطقة.
.
وكالات
اندلع حريق هائل في أحد المنازل الصفيحية الكائنة بشارع 1615 في منطقة إيكين التابعة لماماك…
بعد سقوط نظام بشار الأسد، تواصل الحكومة السورية المؤقتة خطواتها لتشكيل إدارة جديدة. ورغم أن…
مع اقتراب الاجتماع الرابع والأخير للجنة تحديد الحد الأدنى للأجور في تركيا، يترقب الملايين من…
فاز اللاعب التركي الدولي، اردا جولار، نجم ريال مدريد، بجائزة أفضل لاعب شاب تحت 23…
أدلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصريحات بارزة عقب اجتماع مجلس الوزراء، الذي عقد في…
أعلن رئيس فرع حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، عثمان نوري كاباك تبه، عن انسحابه من…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.