ليس سرا القول إن تركيا تتعرض اليوم لحرب إعلامية شعواء تقودها أنظمة “الثورات المضادة” في العالم العربي بتوجيه ودعم من قوى غربية عديدة، حرب غايتها بث الرعب في قلوب كل من أحب هذا البلد سواء كان سائحا أو زائرا أو مستثمرا أو مقيما.
ولأن تركيا أصبحت اليوم تحظى بمكانة كبيرة وبارزة ومتصدّرة في قلوب وعقولوتوجهات شريحة واسعة وكبيرة من أبناء العالم العربي، نرى ما تتعرض له من حروب إعلامية واقتصادية بهدف الضغط عليها كي تتراجع عن مواقفها المساندة للشعوب وقضاياها.
إن مجرد شن مثل هذه الحروب على تركيا وخاصة الحرب الإعلامية المتعلقة بالاقتصاد والاستثمار، لهو أمر يؤكد أن الاقتصاد التركي في حالة صحية ممتازة وأن الاستثمار الأجنبي ـ وخاصة العربي ـ على الأراضي التركية في أفضل مستوياته، وإلا لو كان العكس لما شُنت هذه الحروب. رغم كل هذه الحملات التشويهية المنظمة والنشر المُتعمّد للأكاذيب، إلا أنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن تركيا تمضي بخطى واثقة في سبيل تعزيز اقتصادها القومي، ومضاعفة مختلف أنواع ومنتجات الصناعات المحلية.
ورغم كل ما تتعرض له تركيا وكل ما تحمله من ملفات ثقيلة على كاهلها، إلا أنه لا يستطيع أحد أن يتجاهل أن تركيا تسير وبشكل واضح في طريق محدّد ومُعبّد من أجل تحقيق هدف كبير وهو أن تكون مع حلول عام 2023، ثالث أقوى قوة اقتصادية في أوروبا، وعاشر قوة إقتصادية على مستوى العالم.
مقومات كثيرة تمتلكها تركيا تؤهّلها كي تصل إلى هدفها مهما كانت الصعوبات ومهما كانت قوة شراسة الحرب الإعلامية الاقتصادية التي تُشن ضدها… فلا ينسينّ أحد مقدرات تركيا الجيوسياسية والتنوع الكبير في مصادر ثرواتها سواء داخليا أو خارجيا، فضلا عن التعداد السكاني الذي يمنحها قوة بشرية هائلة
قادرة على تحقيق الأهداف خاصة حال وجود قيادة تعمل للأهداف نفسها، لا لسرقة الشعوب وتحطيم آمالها وتطلعاتها. قيادة، استطاعت أن تنقل معدلات النمو الاقتصادي في تركيا إلى مستويات متقدمة، فضلا عن رفع إجمالي الناتج المحلي من 232 مليار دولار عام 2002 إلى أكثر من 857 مليار دولار عام 2017.
ولا نغفل عن أن الصادرت التركية قفزت أيضا قفزة هائلة خلال العام الماضي، إذ وصلت لأكثر من 168.1 مليار دولار.
كما أن “العدالة والتنمية” تمكّن من نقل حجم الاستثمارات الدولية في تركيا خلال السنوات الـ 16 الماضية إلى مستوى 201 مليار دولار، فضلا عن خفض عجز التجارة الخارجية إلى 55 مليار دولار فقط.
ونقطة إضافية مهمة سيكون لها الدور الهام في إيصال اقتصاد تركيا إلى المستوى الذي يسعى للوصول إليه، وهي الثروات النفطية التي تتحضر تركيا لاستخراجها من مياه البحر الأبيض المتوسط شاء من شاء وأبى من أبى، وهذا أمر سيكون دافعا قويا لقوة اقتصاد البلاد.
وفي هذا السياق لابد من الإشارة لفئة لها دور هام في دعم الجهود التركية للوصول لأهداف عام 2023 الاقتصادية، وهي فئة المستثمرين العرب في تركيا، التي لا ينكر تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد التركي إلا جاحد أو جاهل.
هذه الفئة تعمل بشكل إيجابي في تركيا، إن كان لناحية تحقيق أرباح مالية أو لناحية دعم الاقتصاد في تركيا… تركيا البلد الإسلامي الذي يحمل اليوم على عاتقه ـ مع عدد من الحلفاء ـ مهمة وأد المشاريع السوداء التي تحاك ضد أمتنا، هذه الأمة التي لا يعرف شرعها فرق بين تركي وعربي وكردي.
لقد دخل المستثمرون العرب إلى تركيا من أفضل أبوابها، وقد حققوا نجاحات باهرة في قطاعات عديدة ـ نفصلها لاحقا إن شاء الله ـ وما زالت مسيرة النجاح مستمرة، فالدخول بأحد الاستثمارات في تركيا ليس عملية معقدة، على عكس ما تحاول بعض الجهات ترويجه بهدف ضرب العلاقة الطيبة بين العرب وتركيا.
فمجرد تحديد دقيق للمشروع الاستثماري وطبيعته ـ مهما كان رأس ماله ـ ثم استشارة أهل العلم والاختصاص والثقة، وإلى جانب التسهيلات القانونية، سنكون أمام مشروع استثماري ناجح لكلا الطرفين، المستثمر العربي وتركيا.
تركيا بلد آمن للاستثمار العربي، هذا الاستثمار الذي يعتبر شريكا في نقاط إيجابية عديدة شهدتها تركيا خلال الفترة الماضية، فهو شريك في المساهمة بوصول عدد السياح الذين زاروا تركيا خلال عام 2018 إلى نحو 42 مليون سائح وذلك لأول مرة في تاريخ تركيا، وهو شريك في جذب العمالة الخارجية إذ أن
تركيا منحت عام 2018 فقط نحو 920 ألف إذن عمل، شريحة واسعة منهم من العرب، كما أنه شريك في تحقيق جو مطمئن وبالتالي تستضيف تركيا اليوم على أراضيها نحو 60 ألف شركة أجنبية، أي أن هذا البلد آمن للاستثمار.
تركيا بلد آمن للاستثمار الأجنبي وخاصة العربي، وإلا لما وصلت حصة الاستثمار الأجنبي فيها إلى 820 مليون دولار خلال شهر آذار/مارس الماضي.
تركيا بلد آمن للاستثمار الأجنبي وخاصة العربي، وإلا لما أعلنت شركة “ميكروسوفت” العملاقة قبل يومين أنها تثق بالاقتصاد التركي وأنها مستمرة بالاستثمار في تركيا.
وأكدت الشركة الشهيرة أن تركيا تجاوزت مرحلة التأثر بالموجات الاقتصادية، بفضل الإصلاحات البنيوية التي أجرتها، واليوم باتت تركيا على عتبة تحولات بنيوية جديدة.
وما يشير أيضا لنجاح الاستثمار العربي في تركيا، أن نسبة مبيعات قطاع العقارات السكنية للأجانب ارتفعت خلال الثلث الأول من العام الجاري 2019 بنسبة 82% مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2018.
وقد بلغ عدد الشقق السكنية المُباعة للأجانب خلال هذه الفترة، 13 ألفا و338 شقة سكنية، فيما كانت العام الماضي، 7 آلاف و341 شقة.
وتصدر العراقيون قائمة الأجانب الذين اشتروا شققا في تركيا خلال نيسان/أبريل الماضي، إذ بلغ عدد الشقق المباعة لهم 533 منزلا، وحل السعوديون في المرتبة الثانية بـ 395 شقة، والإيرانيون بالمرتبة الثالثة بـ
332 شقة، والكويتيون في المرتبة الرابعة بـ 202 شقة.
تسير تركيا بخطى واثقة لتحقيق أهدافها الاقتصادية، التي تنعكس إيجابا على كل جيرانها ومحبيها وحلفائها، وكل المعطيات والدراسات تؤكد أن الحروب الإعلامية والاقتصادية والمالية التي تشن على هذا البلد لن تنجح في كبح
عجلات التقدم… تقدم يحتل فيه المستثمرون العرب مكانة بارزة.
فعلا اليوم تركيا تعتبر مرآة لنجاحات عربية اقتصادية واستثمارية ومالية، ربما لم تستطع هذه الكفاءات أن تحقق أحلامها في بلادها الأم بسبب أنظمة لا تريد الخير لشعوبها.
.