ورشة العمل التي ستستضيفها العاصمة البحرينية في 25 و26 يونيو / حزيران المقبل، هي في الحقيقة الخطوة الأولى لتطبيق الخطة التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وإعادة رسم خارطة المنطقة لتعزيز أمن إسرائيل. وهي باختصار شديد محاولة شراء ما تبقى من فلسطين لصالح إسرائيل بأموال دول الخليج الداعمة للخطة.
زوج ابنة الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر، أحد أبرز مهندسي هذه الخطة. وكان كوشنر قد صرح في بداية مايو / أيار الجاري أن الخطة سيتم الإعلان عنها بعد شهر رمضان. ونشرت صحيفة “إسرائيل اليوم”، المقربة من رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، قبل أيام، ما قالت إنها تفاصيل “صفقة القرن” وفقا للوثيقة المتداولة في وزارة الخارجية الإسرائيلية. وتنص الخطة، حسب ما نشرته الصحيفة الإسرائيلية، على إقامة دولة “فلسطين الجديدة” في الضفة الغربية وقطاع غزة، باستثناء المستوطنات الإسرائيلية المقامة في الضفة الغربية، كما تنص على ضم المستوطنات المعزولة إلى الكتل الاستيطانية الكبيرة. وبعبارة أخرى، سيتم تقسيم المناطق التي يعيش فيها الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى كانتونات محاصرة بالمستوطنات.
القدس المحتلة، وفقا لما نشرته الصحيفة، لن يتم تقسيمها وتقاسمها بين “إسرائيل” و”فلسطين الجديدة”، بل ستكون عاصمة إسرائيل وفلسطين الجديدة، وسيكون السكان العرب هم مواطنو فلسطين الجديدة. ولكن بلدية الاحتلال هي التي ستكون المسؤولة عن كافة مناطق القدس وشؤونها، باستثناء تعليم السكان العرب. وستدفع السلطة الفلسطينية الجديدة لبلدية القدس ضرائب رسوم الأملاك والمياه.
ما الذي يعني ذلك؟ يعني أن القدس، شرقها وغربها، ستكون عاصمة الكيان الصهيوني حقيقة، وعاصمة “فلسطين الجديدة” على سبيل المجاز. وهل يمكن أن يسمى كيان ما “دولةً” على الرغم من أنه لا يملك أي سلطة في عاصمته سوى تعليم جزء من سكانها؟ وإذا كانت الدولة ذاتها مجرد حبر على ورق فمن الطبيعي أن تكون عاصمتها افتراضية.
فلسطين الجديدة لن يكون لها جيش، ولن تملك السلاح غيرالأسلحة الخفيفة التي ستستخدمها الشرطة، كما تقول الصحيفة الإسرائيلية. ومن المؤكد أن تلك الأسلحة الخفيفة أيضا ستستخدم لملاحقة المقاومين. وستتولى إسرائيل حماية فلسطين الجديدة من كل عدوان خارجي. وستدفع هذه الأخيرة، أو بالأحرى مموِّلو الخطة، للكيان الصهيوني مقابل تلك الحماية.
الخطة التي نشرت الصحيفة الإسرائيلية تفاصيلها، “سمن على عسل” من منظور دولة الاحتلال. وهي تحتل مزيدا من أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، ثم تتقاضى مبالغ طائلة مقابل هذا الاحتلال، وليس للتخلي عنه. كما أن هناك سؤالا يطرح نفسه وهو: “إسرائيل تزعم أنها ستحمي فلسطين الجديدة من أي عدوان خارجي ولكن، يا ترى، من الذي سيحمي الفلسطينيين من عدوهم المحتل؟”
ومن المتوقع أن تقدم الدول المشاركة في ورشة العمل التي ستستضيفها المنامة، سلسلة من الوعود إلى الفلسطينيين، مثل إنشاء مصانع، وخلق فرص العمل لآلاف الشباب، وإنجاز مشاريع للبنية التحتية، بالإضافة إلى رفع الحصار عن غزة. ولكن لا أحد يمكن أن يضمن عدم تخلي إسرائيل عن وعودها في المستقبل، ولا استهدافها لكل تلك المباني والمؤسسات بحجج تختلقها.
دول الخليج الداعمة لصفقة القرن ستدفع 70 بالمائة من تكاليف المشاريع، كما ذكر في تقرير صحيفة “إسرائيل اليوم”. أي أن الولايات المتحدة ستقوم بتصفية القضية الفلسطينية، وستكرس إسرائيل احتلالها في القدس والجولان والضفة الغربية، وستطوي ملفات عديدة مثل قضية القدس وقضية اللاجئين وغيرهما، وستقيم علاقات دبلوماسية مكشوفة مع دول كانت علاقاتها حتى اليوم مستورة، ولكن ستدفع فاتورة هذه الخطة دول أخرى، بل وستحصل إسرائيل على أموال بحجة حماية “فلسطين الجديدة” وتقديم خدمات للفلسطينيين في القدس المحتلة. وماذا يمكن أن يريد نتنياهو أكثر من ذلك؟!.
بواسطة/ إسماعيل ياشا