مقالات رأي

أين تقف تركيا من الأزمة الأمريكية – الإيرانية المتصاعدة؟

بخلاف الجو السائد في منطقة الخليج العربي هذه الأيام، والذي يخيّم عليه القلق البالغ والترقّب إزاء تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتّحدة الأميركية، تبدو تركيا -وبشكل استثنائي- غائبة عن المشهد تماماً. لا تعليقات ولا تصريحات ذات شأن بهذا الخصوص باستثناء خبر يتيم عزته «رويترز» إلى مسؤول تركي، يؤكّد فيه أنّ أنقرة كانت قد توقّفت عن استيراد النفط الإيراني تماماً في شهر مايو الحالي، مشيراً الى أنّه لم ترسُ أي ناقلة نفط إيرانية هذا الشهر.

 

الخبر يلفت أيضاً أن شركة توبراش، وهي أكبر مصفاة للنفط في تركيا، كانت قد ضغطت لتمديد الاستثناء السابق الممنوح من الإدارة الأميركية لاستيراد النفط الإيراني، مشيراً إلى أنّها عندما فشلت في هذه المهمّة امتثلت للعقوبات الأميركية على إيران. المعلومات المتوافرة حول ناقلات النفط التي رست في تركيا هذا الشهر تؤكّد ما نقلته «رويترز» عن المسؤول التركي، علماً أن هناك من يشير إلى أن إحدى ناقلات النفط الإيرانية كانت تحمل حوالي ١٣٠٠ طن من النفط اضطرت إلى التوجّه إلى ميناء طرطوس في سوريا، بعد أن منعت من تفريغ الحمولة في تركيا.

 

التقييم الأولي لوضع تركيا الشهر الماضي كان يوحي تماماً بأنّها لن تكون قادرة على معارضة الضغوط الأميركية بخصوص الموقف من إيران. أي خرق تركي للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران كان سيؤدي إلى عقوبات على أنقرة، والوضع الحالي يقول إنّ وضع الاقتصاد التركي غير قادر بتاتاً على تحمّل أي نوع من أنواع العقوبات. في حقيقة الأمر، تزامن الالتزام التركي بالعقوبات الأميركية على إيران مع قيام واشنطن بتخفيف الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الصلب التركي إلى الولايات المتّحدة بمقدار النصف.

 

إذا ما أردنا ربط الحدثين مع بعضهما البعض، يفُهم من هذه الخطوة أنها مكافأة للجانب التركي لتعويضه عن الأضرار المالية الناجمة عن استبدال النفط الإيراني بنفط آخر أكثر كلفة، وقد ردّت السلطات التركية على الخطوة الأميركية فخفضت الرسوم على 22 منتجاً أميركيا بمقدار النصف، أو ما يعادل حوالي ٢٦٠ مليون دولار. يفتح هذا التنازل المتبادل من الطرفين الباب أمام إمكانية إيجاد تسويات جانبية، وبهذا المعنى، فإن الأزمة الإيرانية- الأميركية قد تتحوّل إلى نعمة أميركية- تركية. بالرغم من أنّ حصول مثل هذا التحوّل ليس بالأمر السهل أو اليسير، فإنه ممكن ووارد، خاصة إذا كانت حسابات واشنطن تقوم على منع إيران من الاستفادة من تركيا.

 

تركيا، وعلى عكس الدول الخليجية، ليست مشغولة تماماً بالتصعيد الأميركي- الإيراني. فعلى الرغم من أنّها معنيّة به، نظراً لانعكاساته على المنطقة برمتّها، إلا أنها لم تعد معنيّة حقيقة بالصراع الجاري بين إيران والسعودية، كما كان الأمر عليه سابقا. هناك أولويات داخلية الآن تحتّم على أنقرة النظر في وضعها أولاّ، كما أنّ المعطيات الإقليمية من العبث بمكان بحيث قد تجد نفسها خاسرة، بغض النظر عن المحور الذي قد تتطلع إلى أن تكون أقرب إليه أو إلى الانضمام إليه. ولذلك، وإن عارضت تركيا العقوبات الأميركية على إيران لكونها عقوبات أحادية وليست دولية، فإن أولوياتها وحسابات الربح والخسارة في نهاية المطاف هي التي تحدد أين تقف أنقرة من هذا الموضوع الإقليمي أو ذاك، وهي تقف اليوم مع نفسها في الأزمة الأميركية- الإيرانية المتصاعدة.

بواسطة/د. علي حسين باكير

أحدث الأخبار

أنطاليا.. رجل يسكب البنزين على طليقته ويشعل النار فيها

في حادث مروع هز مدينة أنطاليا، توفيت "بينار زورلو" بعد 20 يومًا من معاناتها إثر…

19/01/2025

تركيا تتصدى للمجرمين عبر الإنترنت

لم يختلف عام  2024 عن الأعوام التي سبقته بإثارة الزخم على وسائل التواصل الاجتماعي. والتي…

19/01/2025

ما الذي تحاول سوريا فعله؟

عندما وصل خبر فرض سوريا ضريبة تتراوح بين 300% و500% على المنتجات التركية، اعتقدت في…

19/01/2025

تطورات جديدة.. مؤسس Getir وأبوظبي في مواجهة قانونية

اتهم ناظم سالور، مؤسس شركة جيتر "Getir" للتوصيل السريع، صندوق مبادلة التابع لحكومة أبوظبي بمحاولة…

19/01/2025

إذا كان هناك زلزال مدمّر سيحدث قريباً في تركيا، فسيكون في هذه المنطقة

حذر البروفيسور ناجي غورور، أستاذ الجيولوجيا المعروف، من احتمال حدوث زلزال في منطقة "يَدِسو فاي"…

19/01/2025

واقعة غريبة بين امرأتين في أدرنة التركية تصبح حديث مواقع التواصل

في واقعة صادمة بمدينة أدرنة، تعرضت امرأة لاعتداء عنيف من قبل امرأة أخرى، ظنت أنها…

19/01/2025