إن تركيا تواجه تصفية حسابات ترجع لألف عام. إن بلادنا تتعرض لتهديد من يرغبون في الانتقام لفتح إسطنبول وما حدث في ملازغرد التي فتحت الباب أمام فتح الأناضول ومن يريدون الانتقام لمقاومة الأناضول ضد الاستيلاء الصليبي وكذلك الانتقام من العالم الإسلامي لأننا نرسم ملامح التاريخ والجغرافيا بريادتنا على مر القرون.
تتعرض بلادنا لتهديد من يريدون الانتقام من الذين رفعوا لواء مقاومة الأناضول عقب الحرب العالمية الأولى وصاروا مثالا تحتذي بها المنطقة كلها، ومن الذين حاولوا لم شمل المنطقة بعد مائة عام من الفرقة، ومن أظهروا مقاومة باسلة في مواجهة من أردوا السيطرة على إسطنبول ليلة 15 يوليو.
تركيا تحت الحصار
فلماذا الآن؟ وماذا يحدث؟
لقد حاولوا طرد أمتنا خارج سياق التاريخ قبل قرن من الزمان، لكن هذه الأمة نهضت مجددا بعد مائة عام من الغفلة ليبدأ عهد الصعود مرة ثانية. والآن يحاولون من جديد طردنا خارج سياق التاريخ وإيقاف صعودنا بالعمليات الداخلية والحصار الخارجي والتنظيمات الإرهابية ومحاولة إقامة جبهة دولية داخلية.
إنهم يمارسون ضغوطهم في المجال الاقتصادي والسياسي، كما يحاولون إفشال مساعينا لحماية أنفسنا في المجال الدفاعي. ولقد طلبوا في أحداث غيزي بارك إلغاء المشاريع الكبرى، كما أرادوا ليلة 15 يوليو الاستسلام الكامل.
كل حدودنا الجنوبية والغربية ملأت بالقواعد العسكرية
لقد أقاموا جبهة لمئات الكيلومترات على الحدود التركية شمالي سوريا، كما نشروا القواعد العسكرية على طول حدودنا الجنوبية من إيران شرقا إلى البحر المتوسط غربا، وزودوا تلك القواعد بذخيرة تكفي لجيوش بأكملها. فالحشود العسكرية الموجودة الآن في شرق المتوسط غير موجودة في أي مكان بالعالم.
إن الذين أغلقوا الحدود الجنوبية من ناحية البر يحاولون اليوم إغلاقها كذلك من ناحية البحر. فبحر إيجة يشهد تحركات مفاجئة؛ إذ بدأت إسرائيل والسعودية والإمارات ودول العالم الغربي التركيز على جزر بحر إيجة التي تشهد المناورات العسكرية، فيضعون مخططات تدمير الأسطول التركي ويحولون جزر بحر إيجة إلى قواعد صاروخية.
لا يخفى على أحد الحصار البحر كذلك عند حدودنا الغربية. وكأن ذلك لم يكفيهم حتى حولوا أراضي اليونان إلى قواعد عسكرية مباشرة على حدودنا الغربية. هذا فضلا عن أن الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أوروبا تحشد قوات بكل ما أوتيت من عتاد في بلغاريا ورومانيا بعد فعلوا ذلك بمدينة أليكساندروبولي اليونانية المتاخمة للحدود التركية.
ضد أي دولة هذه الاستعدادات؟
هل ضد روسيا أو الصين؟ بالطبع لا!
ألا يشعر أحد بالقلق؟ ألا يتساءل أحد حول “سبب هذا الحصار الممتد من حدود إيران إلى البحر المتوسط وطول بحر إيجة وحتى البحر الأسود”؟
هل كل هذه الاستعدادات العسكرية من أجل إيران؟ من أجل الصين؟ بالطبع لا، بل جميعا من أجل تركيا.
يطالبوننا بإنهاء النهضة التي بدأناها في مجال الصناعات الدفاعية بإمكانيات محلية. يقولون لنا لا تصنعوا دبابات ومدافع وصواريخ وسفنا وطائرات مروحية وبرامج بإمكانيات محلية. فكما أنهم عارضوا النظام الرئاسي ومطار إسطنبول الجديد فإنهم يعارضون دون حياء كل شيء يمكن أن يجعل تركيا تستفيق.
بماذا تهددوننا؟
هل بحملة 15 يوليو جديدة؟
أم بهجوم آخر جديد؟
بماذا يهدد تركيا من يقولون “لو اشتريتم منظومة إس-400 ستفرض واشنطن عليكم عقوبات، بل إنكم ستواجهون عقوبات حلف الناتو”.
هل يهددوننا بحملة 15 يوليو جديدة؟ أم بهجوم بري؟ أم بهجوم بحري؟ أم بموجة إرهاب جديدة؟ أم بإرهاب اقتصادي؟
هل أقاموا تلك القواعد العسكرية والجبهات لهذا الغرض؟ ماذا يعني “ستواجه تركيا نتائج واقعية للغاية”؟ هل ستضرب الولايات المتحدة وإسرائيل والناتو وبعض دول المنطقة تركيا؟ ماذا تعني هذه العبارات؟
لا يمكن لأي دولة أن تطلق هذه التهديدات لتهديد تركيا، كما لا تستطيع أي دولة أن تثني تركيا عن بناء قوتها الدفاعية الجوية، ولا يمكن لأي دولة إعادة تأسيس نظام الوصاية والحكم علينا بالتبعية في المجال الدفاعي.
ثمة تفسير وحيد لكل هذه الأقاويل والتصرفات والتحضيرات، ألا وهو أن من يحاصرون تركيا يخططون لشيء جديد لا محالة.
إن ابتزازنا بقولهم “إياكم أن تشتروا صواريخ إس-400” يهدف لحرمان تركيا من أي قدرات دفاعية. وهل ستقصفون إسطنبول؟ ما الذي يخطط لقصفه اليوم من قصفوا ليلة 15 يوليو برلمان هذا الشعب؟
علينا أن نرى العاصفة التي تقترب منا. فبينما تهدد الولايات المتحدة وحلفاؤها إيران، فإننا أمام خطر تدخل ضد تركيا في إيجة وشرق المتوسط وشمال سوريا.
أغلقنا البوابات الشرقية والغربية
تركيا ستتغلب على هذا الحصار
ولهذا السبب تحديدا أقدمت تركيا على خطوات عظيمة بفضل عمليتي درع الفرات وعفرين لمواجهة الجبهة الدولية التي تحاول حصارها، فأغلقت بوابات جبهة تركيا المفتوحة على البحر المتوسط في شمال سوريا.
ولهذا السبب كذلك تغلق تركيا الآن البوابة الشرقية لهذه الجبهة الكبيرة بفضل عملية “المخلب” العسكرية. فأنقرة تقدم على الخطوة القوية الثانية لفك الحصار الكبير الذي يريدون مده من حدود إيران إلى البحر المتوسط. والذي يشارك فيه التنظيمات الإرهابية وبعض دول المنطقة مثل السعودية والإمارات وكذلك الولايات المتحدة وإسرائيل وتقريبا كل دول التحالف الأطلسي.
بيد أن المعركة الحقيقية والكفاح الحقيقي سيكون عندما نتخلص من تلك الجبهة الدولية، التي أغلقت بوابتها الشرقية والغربية، في شمال سوريا كذلك.
كل الملفات على طاولتنا
لقد أعيد فتح كل الجبهات
إن أمامنا كل الملفات التي لم تغلق طيلة تاريخنا، ملفاتنا وملفاتهم، كما أن كل الجبهات التي لم تغلق في المنطقة مطروحة على الطاولة، طاولتنا وطاولتهم على حد سواء.
وبأي ملامح يفرضها الآخرون علينا للمنطقة سنرضى في الوقت الذي يعاد فيه بناء المنطقة مرة ثانية بعد مائة عام؟ فلو طأطأنا رؤوسنا وركعنا واستسلمنا، فإننا سنخسر مائة عام قادمة بعدما نعيش في دولة ومنطقة هم الذين رسموا حدودها لنا، بل ربما تقسم هذه الدولة بمرور الوقت إلى دويلات صغيرة. لن نكون من يخسر، بل سيسخر أبناؤنا وأحفادنا.
مسؤوليتنا هي إحياء الهوية التاريخية والجينات السياسية
ولهذا السبب ليس هناك أي قضية داخل تركيا محلية أو قاصرة على تركيا وحسب، بل كل شيء جزء من أجزاء تصفية حسابات دولية، بل حتى إن الانتخابات البلدية في إسطنبول تعتبر جزءا من تصفية الحسابات هذه. فالذين قالوا “لقد بدأ الظلم عام 1453” يحاولون الانتقام كذلك لما حدث في ملازغرد وعندما فتحت إسطنبول.
فإذا كانوا يقتربون من حدودنا لتصفية هذه الحسابات وينفذون إلى مدننا ويتسربون إلى أوقافنا وجماعاتنا ويستهدفون اقتصادنا وقيمنا ويحاولون بشتى الطرق كسر شوكة الإرادة التي جعلتنا أمة قوية، فإن ما يقع على عاتقنا من مسؤولية هو التمسك بالجينات السياسية التي تصنع التاريخ وتبني الجغرافيا في هذه المنطقة وإحياؤها واستغلالها على الدوام.
يجب على الجميع ألا يقعوا في هذا الخطأ، ألا وهو الاعتقاد بأننا من أشعلنا فتيل تصفية الحسابات هذه. فلقد جاءوا ودمروا المنطقة واقتربوا من حدودنا وبدأوا يقولون “لا نريد أن نراكم على هذا الوضع، يجب أن تتقلص قدراتكم”. لقد خافوا من أن نرجع إلى تاريخنا بعد مائة عام من الغفلة، فسيطر عليهم هذا الفزع، ولهذا أرادوا تدميرنا قبل أن نستفيق ونقف من جديد على أقدامنا. فهذا هو أصل القضية.
ماذا يعني أن يقولوا لدولة “سندمر اقتصادكم”؟ ماذا يعني أن يقولوا “إياكم أن تشتروا إس-400، وإلا سنطبق كل العقوبات، نمهلكم لأسبوعين”؟
لنطرح السؤال مجددا: لماذا يخافون من صواريخ إس-400؟ لماذا يريدون حرمان تركيا من امتلاك قدرات دفاعية جوية؟ هل سيجربون شيئا؟ لماذا يستعجلون ويشعرون بالقلق؟ يقولون لنا “أوقفوا نهضتكم في مجال أنظمة الدفاع الوطني”. فماذا هذا يا ترى؟ هل لا تزالون تبحثون عن عباءات جديدة من أجل العمليات الداخلية
إبراهيم قراغول – يني شفق
عرض التعليقات
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. اللهم إحمي تركيا شعبا وحكومة وأدم عليها نعمة الأمن والأمان ورد كيد أعدائها إلى نحورهم
كذابين ومتاجرين في الدين وفي كل شيء امريكا فارضه عقوبات على شراء الأسلحة الروسية وأنتم عبيد حلف النيتو انا لم ارى مسلم يتحالف مع صليبي كان يحاربه ويريد ان ينتقم منه مثل ماتزعمون المهم انتم عبيد وخدام حلف النيتو فباي شكل تريدون ان تشتروا أسلحة من عدو الافتراضي للحلف روسيا كفاكم ابتزازا ومسكنة دولة متلونة حرباء كتلون رئيسها المنافق
امريكا معفية الهند وبنفس الوقت معفية مصر من السوخوي ودول في البلقان لديها اس 300 وهي ضمن النيتو وانتة ي ابن الاهبل تكالح
هرطقات وموضوع غير متماسك ولغة شوارعية ضعيفة تحاول أن تدغدغ المشاعر مرة بالقومية وأخرى دينية، كفى ذر الرماد في العيون والتباكي والعنتريات اللتي تصب لمصلحة الطغمة الحاكمة لإستدامة وحماية الكرسي والسلطة ... حب السلطة والتسلط والشعب في آخر الإهتمامات.