ذكر مرشح حزب الشعب الجمهوري لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، على الهواء مباشرة في برنامج تلفزيوني، أنه لم يعترض على إعادة فرز جميع الأصوات التي أدلى بها الناخبون في محافظة إسطنبول، إلا أن الحقيقة خلاف ذلك تماما. بل تقدم حزب الشعب الجمهوري إلى لجنة محافظة إسطنبول للانتخابات بطلب وقف إعادة فرز الأصوات، وقبلت اللجنة ذاك الطلب، وتوقفت عملية إعادة الفرز، ولم يتم سوى فرز حوالي 10 بالمائة من الأصوات.
إعادة فرز 10 بالمائة من الأصوات في عموم محافظة إسطنبول أدَّت إلى تراجع الفارق بين أصوات إمام أوغلو وأصوات منافسه، مرشح حزب العدالة والتنمية، بن علي يلدريم، من حوالي 27 ألف صوت إلى حوالي 13 ألف صوت. ولو لم يعترض حزب الشعب الجمهوري على إعادة فرز جميع الأصوات في إسطنبول، لتأكد فوز يلدريم، ولم تكن هناك حاجة لإعادة إجراء الانتخابات. وبمعنى آخر، خاف حزب الشعب الجمهوري من افتضاح عملية التلاعب والتجاوزات والخروقات المنظمة التي شابت الانتخابات.
إمام أوغلو يعرف أن حزب الشعب الجمهوري اعترض رسميا على إعادة فرز جميع الأصوات في إسطنبول. ومن المستحيل أن يجهل ذلك، بل هو نفسه انتقد المطالبين بإعادة فرز جميع الأصوات. ولكنه كذب في البرنامج التلفزيوني. ولكن تلك الكذبة لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة، كما يبدو. ومن الواضح أن الفريق الذي يقوم بتخطيط حملته الانتخابية بنى استراتيجيته على الكذب المتواصل، بالإضافة إلى التظاهر بالمظلومية.
مجلس بلدية إسطنبول الكبرى قرر في نوفمبر / تشرين الثاني 2018 خفض أسعار المياه، ورفض إمام أوغلو آنذاك هذا القرار. ثم عاد في نهاية فبراير / شباط الماضي، أي قبل شهر من الانتخابات المحلية، ليعد الناخبين بخفض أسعار المياه في إسطنبول في حال فوزه في الانتخابات. وادعى كذبا بأنه هو من نفَّذ بعض المشاريع التي قام بها رؤساء البلديات المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية. وكان يلدريم أعلن في بث تلفزيوني مباشر، في 5 فبراير / شباط 2019، مشاريعه التي سينفذها خلال رئاسته لبلدية إسطنبول إن فاز في الانتخابات، وبعد يوم فقط، أي في 6 فبراير / شباط 2019، خرج إمام أوغلو ليعلن ذات المشاريع وكأنها مشاريعه هو.
مرشح حزب الشعب الجمهوري وصف الصحيفة اليونانية التي قالت إنه يوناني، بــ”التافهة”، ولكن اتضح أنه تحدث إلى تلك الصحيفة وأجرى حوارا موسعا مع مراسلتها. وادَّعى بأن قناة سي أن أن تورك طردت المصوِّرين الأربع الذين قاموا بتصويره خلال البرنامج الذي شارك فيه، إلا أن إدارة القناة نفت ذلك بشكل قاطع. وقال إنه يثق تماما باللجنة العليا للانتخابات، ثم زعم أنه لم يقل شيئا من هذا القبيل. وبعد أن ألغت اللجنة العليا للانتخابات وثيقة الفوز التي منحت إليه من قبل لجنة محافظة إسطنبول للانتخابات، واضطر لمغادرة مكتب رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، قال إن موظفي البلدية أخرجوا من المكتب صورة أتاتورك التي قام بتعليقها على جدار المكتب، ولكن كاميرات المراقبة كشفت أن من قاموا بإخراج الصورة من المكتب هم رجال إمام أوغلو، وليسوا موظفي البلدية.
إمام أوغلو، كان في مطار محافظة أوردو قبل أيام، وأراد أن يستخدم صالة كبار الشخصيات، إلا أن رجال الشرطة لم يسمحوا له بذلك، لأنه لا يحق له قانونيا أن يستخدم تلك الصالة. وقام بإثارة بلبلة في المطار، كما أساء إلى محافظ أوردو الذي لم يسمح له باستخدام الصالة، ووصفه بــ”الكلب”. وكان بإمكانه أن يستخدم صالة الركاب كبقية المواطنين، لو كان رجلا متواضعا، كما يتظاهر، إلا أن انفعاله كشف عن حقيقته، وأسقط القناع عن وجهه.
مرشح حزب الشعب الجمهوري، يتحدث دائما عن الشفافية ومكافحة الفساد، إلا أنه قام بإصدار قرار من المحكمة ليخفي حجم أمواله وممتلكاته، الأمر الذي يطرح هذا السؤال: “لماذا يسعى إمام أوغلو إلى إخفاء حجم أمواله وممتلكاته عن الرأي العام عبر قرار المحكمة إن كان حريصا على الشفافية ومكافحة الفساد كما يدَّعي؟”
المثل يقول إن حبل الكذب قصير. ومن المؤكد أن إمام أوغلو وفريقه يعرفون هذه الحقيقة، إلا أنهم يطلقون كذبة تلو الأخرى، للتشويش على الناخبين، وإطالة ذاك الحبل حتى موعد إعادة الانتخابات في 23 يونيو / حزيران الجاري.
بواسطة/إسماعيل ياشا