أعلن وزير الدفاع الأمريكي السابق مايكل كاربنتر، متحدثا عن تأثير روسيا على بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، أن جورجيا يجب أن تحد من تدفق السياح الروس، فهذا، حسب زعمه، أيضا أحد أشكال الاحتلال، وعندما تستيقظ جورجيا في يوم من الأيام، سترى أن روسيا تحتل ليس فقط 20٪ من بلدها، بل 100٪.
يرى بعض المواطنين في جورجيا، أن الروس سيمتلكون جورجيا بأكملها قريبا.
وأجرى موقع “سبوتنيك” الروسي بحثا دقيقا حسب زعمه عما إذا كانت تصريحات الوزير الأمريكي السابق صحيحه، ورأي أن أغلبية المستثمرين في جورجيا ليسوا من الروس بل من الأتراك.
ما هو وضع الملكية
تحدثت تسيالا، إحدى المواطنات في جورجيا، قائلة أن نصف المبنى الذي تسكن فيه يملكه الأتراك وتسكن فيه 20 عائلة، كما أن هناك متجرا تركيا تم بناؤه مكان مبنى قديم.
وتعمل تسيالا في أحد منازل الأتراك، وتقول أنهم أشخاص محترمون ودائما يساعدونها هي وعائلتها، كما أنها تعلمت اللغة التركية تقريبا.
ما وضع الأعمال التجارية
ويهتم الأتراك بشكل كبير بمدينة باتومي وهي من أهم المدن الساحية في جورجيا وتقع على الحدود مع تركيا، كما أنها عاصمة مقاطعة أجاريا جنوب غرب جورجيا وهي منطفة إسلامية، ويشترون هناك العقارات ليس للسكن بل للاعمال التجارية، ويحبذوا أن يوظفوا موظقين أتراك وأن يوظفوا السكان المحليين كعاملين خدمة.
وانتشر الأتراك خصيصا في حي كوتايسكي، فهنا تسمع اللغة التركية أكثر من الجورجية، ويوجد جامع، بالإضافة إلى مطاعم ومحلات تركية، حتى يمكنك أن تنسى أنك في جورجيا في الأصل.
وقال عمر فاروق، أنه من السهل القيام بأعمال تجارية في جورجيا بالنسبة للأتراك، فلا توجد هنا الكثير من الأشياء التي توجد في تركيا منذ فترة طويلة، من الفنادق والمتاجر والمصانع والمطاعم، فالتجارة في باتومي في بداية نموها لذلك كل المشاريع هنا مربحة، فهناك ما تفاجئ الزوار به.
بالإضافة إلى ذلك، الضرائب في جورجيا أقل، والعمالة رخيصة، وأشار فاروق، إذا كان الموظفون في جورجيا يكلفون 10 دولارات كحد أقصى يوميا، فيكلفون في تركيا 20-30.
وأضاف فاروق، الحياة هنا أرخص، والأعمال أسهل، والجميع يتحدث لغتي الأم، الحياة جميلة، أشعر أنني في المنزل. الفنادق والمطاعم والنزل والوجبات السريعة في هذا الحي يملكه الأتراك، الموظفين من تركيا، فقط النادلات الإناث من جورجيا.
بعض الحقائق التاريخية
من عام 1989 أيام الاتحاد السوفيتي تم فتح الحدود بين جورجيا وتركيا وأصبحت باتومي ممرا إلى تركيا والأخيرة مكانا مربحا للتجارة بالنسبة للسوفيت فتاجروا بالألعاب السوفيتية والساعات والذهب والبصريات ومعدات التصوير الفوتوغرافي واشتروا المواد الغذائية والملابس وخاصة السترات الجلدية.
بعد ذلك بقليل، تم إرسال الأخشاب والمعادن والخام وحتى البضائع العسكرية إلى تركيا بواسطة القطارات، لذلك في ربيع عام 1991، فتح مكتب المدعي العام للاتحاد السوفيتي مع لجنة أمن الدولة، قضية التصديرات إلى تركيا عبر باتومي. وقد كانت تلك الفترة وقتا ذهبيا لعمال الجمارك السوفيتية آنذاك، الذين أصبحوا في فترة قصيرة جدا أناسا أثرياء جدا.
بداية الإستثمار التركي
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 وإلى عام 2004 كان تواجد الأتراك في المنطقة نسبيا، وأكبر مشروع تم تنفيذه هو بناء فندق “شيراتون” عام 2006 وكان هذا الفندق الأول من نوعه في المدينة التي كانت تعاني حينها من سوء إمدادات المياه والكهرباء والاتصالات.
وفي زمن الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، الذي أنتهت فترته الرئاسية عام 2013، تم تقديم الجوازات الجورجية للأتراك بشكل واسع، وقال النائب السابق للبرلمان الجورجي ديمتري لورتكيبانيدزه “أصبحت مقاطعة أجاريا المتمتعة بالحكم الذاتي (سابقا) ساحة لإستثمارات الأتراك”.
وأضاف النائب: “في أكتوبر/تشرين الأول 2012، عندما كنت عضواً في البرلمان، اتضح أنه لمدة شهر واحد فقط… بموجب مرسوم مباشر من رئيس جورجيا، حصل 2233 مواطنا تركيا على الجنسية الجورجية… وتخيلوا كم العدد في عدة سنوات “.
وبعد ما منعت الحكومة التركية عام 1997 ألعاب الكازينو وجد البعض منفذا في جورجيا لوجود تسهيلات تطوير هذه الأعمال هناك، فأصبح الاستثمار في أعمال المقامرة في باتومي للشركات التركية استثمارًا موثوقًا به ، وأصبحت سياحة الألعاب من تركيا واحدة من المجالات الرئيسية للأعمال السياحية في المنطقة.
ومتى وجد الكازينو في مكان ما توجد جميع الخدمات الأخرى ذات الصلة.
مطار خاص للأتراك في جورجيا
قامت شركة تركي” TAV Urban Georgia” ببداية إنشاء مطار في باتومي عام 2000 وفي بحلول عام 2007 قامت الشركة التركية ببناء مطارين في تبيليسي وباتومي.
وكان الهدف الرئيسي من بناء المطار في تبليسي هو منع ظهور مركز إقليمي جديد، والذي بمرور الوقت يمكن أن ينافس إسطنبول.
فمطار باتومي مطار داخلي صغير ولا مكنه أن ينافس اسطنبول.
الاستثمار في العقارات
بحلول عام 2011، عندما تم الانتهاء من تحديث البنية التحتية الحضرية بأكملها، وإعادة إعمار المدينة القديمة وتوسيع الشارع الجديد، بدأت شركات البناء التركية الاستثمار بنشاط ، ودخلت سوق العقارات في باتومي بسرعة.
وبسبب القوانين التعسفية تمكنت الشركات التركية في وقت قصير بتحويل مناطق كاملة في جورجيا إلى “غابات حجرية” من البناء.
والمشترين هناك أغلبهم أتراك والعاملين أيضا أتراك.
كما فتحوا 25 مصنع خياطة في المناطق الريفية من أجاريا لرخص القوى العاملة هناك، بالإضافة إلى مؤسسات صغيرة لتجهيز الفواكه والبندق.
الاستثمارات في الطاقة
استثمر الأتراك بشكل رئيسي مؤخرا ببناء محطات الطاقة الكهرومائية في جورجيا وفي عام 2015، بلغت الاستثمارات التركية 107.5 مليون دولار، في عام 2016، 135.6 مليون دولار، وفي عام 2017، 52.3 مليون دولار. هذا الانخفاض الحاد يرجع إلى الانتهاء من بناء محطات الطاقة الكهرومائية.
وتعد تركيا ثاني دولة من حيث الاستثمار في أجاريا، يتم مشاركة المركزالأول بشكل غير متوقع بين النرويج والهند.
ولكن هنا أيضًا، يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن أولوية الهنود والنرويجيين مرتبطة ببناء محطات الطاقة الكهرومائية في شواخيفي وخولو، والتي ينبغي أن تكتمل في عام 2019. في حين أن الاستثمارات التركية كانت أكثر تنوعًا، البناء والسياحة والخدمات.
وبالمناسبة ، يتم مشاركة المركز الثالث في النشاط الاستثماري في أجاريا من قبل ثلاث دول في وقت واحد، أذربيجان وتركيا والعراق.
بشكل عام، مسألة الخطر التركي تحظى بشعبية كبيرة في دوائر معينة من المجتمع الجورجي. يستخدم هذا الموضوع ، باعتباره الموضوع الرئيسي لجذب ناخبيه، من قبل الحزب “تحالف الوطنيين” البرلماني، وهذا الموضوع يثيره باستمرار القوميون وعدد من الأحزاب والحركات السياسية الصغيرة. يشار إلى أن تحالف الوطنيين يحظى بدعم قوي في أجاريا على وجه الخصوص.
قد يقول شخص ما أن حجم التوسع التركي في أجاريا مبالغ فيه من قبل السياسيين والخبراء. لكن المبالغة لا تعني أنها ليست الحقيقة، تمتلك تركيا كل شيء من أجل نفوذها في المنطقة بدءا من الأصول الاقتصادية ووكلاء التأثير. حقيقة أن تركيا ليست نشطة سياسياً في المنطقة الآن، لا يعني أنها لن تصبح نشطة سياسيا.
المصدر/سبوتنيك