بكل بساطة أحتفل اليوم ببلوغي سن الثالثة من عمري، فالحياة تبدأ في اليوم الذي تدرك فيه أنك في ركب القضية التي تؤمن بها، لا في اليوم الذي ولدتَ فيه جسديا من بطن أمك.
اليوم الإثنين الواقع في 15 تموز/يوليو 2019، أحتفل بهذه الذكرى وقد بلغتُ سن الثالثة من عمري، على أمل أن يثبتنا الله تعالى على الطريق الحق في ما تبقى من عمر وحياة، وأن يختم لنا بخاتمة السعداء.
في مثل هذا اليوم قبل 3 أعام، ولدت الولادة الحقيقية يوم أن كُتِبت محلمة تاريخية على وجه هذا الكوكب الذي نعيشه عليه، محلمة قل نظيرها في التاريخ والحاضر، قل نظيرها في المجتمعات البشرية.
إنها ملحمة 15 تموز/يوليو 2016، يوم تصدى الشعب التركي ـ مدعوما بدعاء ملايين المسلمين حول العالم ـ بصدور عارية للرصاص والمدافع والدبابات والطائرات النفاثة والمروحية التي احتـُلت من قبل انقلابيين باعوا شرفهم ووطنهم لشرذمة من الأعداء، مقابل عرض قليل من الدنيا.
في ذاك اليوم ولدتُ الولادة الحقيقية، عندما أيقنت عين اليقين بصوابية الطريق الذي نسير عليه مع أهل الحق والإنسانية والعدالة… مع أهل الله الصادقين الطيبين.
كيف لا يكون ذاك اليوم يوم ميلاد وفيه انتصر الشعب، وهُزم الانقلاب… وفيه فرح أهل الحق وحزن أهل الباطل.
لو نجح الانقلابيون يومها بفعلتهم، لكنا شهدنا بعد ذلك حياة سوداء مظلمة لا راحة ولا أمن ولا استقرار فيها.
لو نجحوا في تلك الليلة لما كانت تركيا اليوم تعيش هذا الجو الآمن المستقر، بل كنا سننزلق لأتون حرب أهلية مدمرة لا تبقي ولا تذر.
لو نجح تنظيم “غولن” الإرهابي بانقلابه في تلك الليلة لما كانت تركيا اليوم تعيش مبادئ الديمقراطية والحرية، بل كنا سنقع في مستنقع الظلم وكبت الحريات والسجون ومصادرة الآراء وتكميم الأفواه.
لو نجح الانقلاب يومها لتقسمت تركيا إلى دويلات طائفية وعرقية، فمحاولة انقلاب 15 تموز 2016 ليست كالانقلابات العديدة التي شهدتها تركيا في السابق.
لو نجحوا بفعلتهم الآثمة لكانت تداعيات الزلزال المدمر وصلت إلى دول أخرى، ولانتهت الثورة السورية بتقسيم سوريا، ولمررت صفقة القرن التي تعارضها تركيا اليوم، ولتمكن الديكتاتوريون والظالمون أكثر وأكثر بشعوب المنطقة.
لو أفلح الخونة بانقلابهم في تلك الليلة لما كنا اليوم في نهضة اقتصادية وازدهار تنموي وتقدم حضاري، وربما لما كنا اليوم على قيد الحياة، أو لكنا مجرد هامشيين لا قيمة لنا ولا قيمة لرأينا.
بإفشالنا للانقلاب في تلك الليلة ولدنا من جديد، أقوى وأشد وأفضل وأحسن مما كنا عليه قبل 15 تموز 2016… لقد كانت ولادة أمة تنهض اليوم من تحت الركام رغم كل المعوقات والصعوبات والعراقيل والخيانة والتآمر والحرب.
في ذكرى ميلادنا السنوية الثالثة، لابد من أن يسمع المحبون الصادقون الطيبيون المؤمنون كلمة تطمئنهم، أن تركيا الجديدة لن تعود أبدا إلى الوراء ولن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه كل من يحتمي بها ويحبها، ولن تقبل أبدا بالدونية أمام أي قوة في هذا العالم، ولن تسمح للقوى الظلامية المتحكمة بالشعوب من العمل بأريحية، بل ستعمل أيضا على إقصائهم ومحاسبتهم… وكله في أوانه.