عام كامل مضى على تعرّض الاقتصاد التركي لما سُمّي آنذاك بـ “حرب العملات” من قبل المسؤولين الأتراك، شهدت خلالها تركيا العديد من التطورات والمستجدات على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
ففي أغسطس/آب 2018، شهدت الليرة التركية انهياراً أمام الدولار، هو الأكبر من نوعه في تاريخ الجمهورية التركية، حيث تجاوزت قيمة الدولار الواحد 7 ليرات تركية، الأمر الذي انعكس سلباً على اقتصاد البلاد وبالتالي شكّل ضغوطاً على أداء الحكومة.
واصلت أنقرة مساعيها لتخفيف تداعيات “أزمة الدولار”، عبر تعزيز قوة عملتها المحلية، والعمل على إجراء إصلاحات في المجال الاقتصادي، رغم أن المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم رئيس البلاد رجب طيب أردوغان، أكد آنذاك مراراً على أن أسباباً سياسية لا اقتصادية تقف وراء هبوط قيمة الليرة التركية.
لعلّ أبرز الأسباب السياسية التي أشار إليها أردوغان، كانت الضغوط الأمريكية على أنقرة لاعتقال الأخيرة القس “برانسون”، وإقدامها على إتمام منظومة “إس 400” الدفاعية من روسيا.
ومما يعزز حقيقة هذا الرأي، هو استئناف الليرة التركية، الصعود عقب فرض السلطات التركية الإقامة الجبرية على “برانسون”، بعد أن كان خاضعاً للسجن، ومن ثم إطلاق سراحه بقرار من محكمة تركية، بعد انتهاء مدة حبسه.
واصلت أنقرة إجراء الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز مقاومة الليرة التركية أمام الضغوط والتدخلات الخارجية.
وقبل أسابيع، أعلن وزير الخزانة والمالية التركي، براءت ألبيراق، في مؤتمر صحفي بالعاصمة أنقرة، عن أرقام وإحصائيات حول الوضع الاقتصادي الحالي في البلاد.
وأوضح ألبيراق أن أكثر من 10 مليار دولار استثمارات أجنبية، دخلت البلاد منذ مايو/ أيار الماضي، مبيناً أن من وثقوا بتركيا خلال العام الماضي واستثمروا فيها ربحوا بنسبة 20 تتراوح بين 20 إلى 60 بالمئة، فيما خسر المنخرطون في الإشاعات السلبية بنسبة 10-15 بالمئة.
ألبيراق وخلال تقييمه للوضع الاقتصادي في تركيا، قال إن اقتصاد البلاد مقبل على مرحلة أكثر إيجابية في النصف الثاني من العام الحالي، وأنه سينمو بشكل إيجابي هذا العام، وسط توقعات بأن يقترب النمو من الهدف المرسوم للعام الحالي.
وأشار إلى أن تركيا استطاعت خلال الفترة الماضي التصدي للهجمات الاقتصادية التي استهدفتها، وتمكنت من الحفاظ على استقرار الأسواق الداخلية، مضيفاً: “تركيا تقدم على خطوات هامة في شرق المتوسط، حيث تقوم بأعمال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، ونأمل أن نسمع أخبارا إيجابية في القريب العاجل”.
ولفت ألبيراق إلى أن حكومة بلاده تعمل على تخفيض أسعار الفائدة ونسب التضخم، وأن تخفيض البنك المركزي التركي لنسب الفائدة مؤخراً، قوبل بترحيب من قِبل الأسواق الداخلية.
وشدد على أن بلاده ستحقق الأهداف التي رسمتها ضمن إطار الخطة الاقتصادية الجديدة، بل وستتجاوز المستوى المستهدف سابقاً.
كما تعهّد ألبيراق بإعلان خطة اقتصادية جديدة أخرى بحلول سبتمبر/أيلول المقبل.
وفيما يخص نسبة التضخم، أكد ألبيراق على أن العام الحالي سينتهي بمستويات تضخم أدنى من تلك المستهدفة في البرنامج الاقتصادي الجديد، أي دون 15.9%، موضحاً أن اقتصاد بلاده تخلصت من مرحلة الغموض واللاستقرار.
وأفاد ألبيرق أن العام القادم سيكون مرحلة لقطف ثمار السياسات الاقتصادية التي تشهدها البلاد في هذه الأيام، مبيناً أن اقتصاد البلاد مقبل على مرحلة أكثر إيجابية في النصف الثاني من العام الحالي.
وفي معرض تعليقه على قرار البنك المركزي التركي حول خفض معدلات الفائدة، قال الوزير التركي إن هذا القرار سيكون له أثره في قطاع القروض، مشيراً إلى أنه “سنشهد في الأيام القادمة اتجاهاً مستمراً في خفض معدلات الفائدة”.
وشدد الوزير ألبيرق على أنه “سيكون العام المقبل عاماً ناجحاً وجيداً، حيث سنقطف خلاله ثمرات ما نعيشه في هذه الأيام” في ظل البرنامج الاقتصادي الجديد الذي تطبقه الحكومة بإشراف الوزير.
كما أشاد ألبيراق بالإصلاحات الاقتصادية والضريبية التي أجرتها حكومته خلال الفترات الماضية، متعهداً بمواصلتها في الفترات المقبلة.
الإصلاحات الاقتصادية التركية أثمرت عن انتعاش العملة المحلية لتبلغ أعلى مستوى لها أمام الدولار خلال الأشهر الـ 5 الأخيرة (الدولار الواحد = 5.5 ليرة تركية)، إضافة إلى تحقيق أنقرة رقماً قياسياً في الصادرات خلال تاريخ الجمهورية.
ولعلّ أبرز نتائج هذه السياسات تقليص سعر الفائدة عدة نقاط، والتي جاء بعد قرار أردوغان بعزل محافظ البنك المركزي، في خطوة بررها الرئيس التركي بمقاومة الأخير أمام تقليص سعر الفائدة. .المصدر/ترك برس