كشف مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان،ياسين أقطاي، عن حملة تواقيع قام بها مواطنون أتراك في أحد الأحياء التركية للمطالبة بعدم ترحيل جيرانهم السوريين “بعدما اعتادوا على الحياة معهم”.
وسرد أكطاي، تفاصيل ذلك في منشور له عبر صفحته الشخصية في منصة التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.
وتستضيف تركيا أكثر من 3.6 ملايين سوري وهو أكبر عدد من السوريين الذين تشردوا جراء الحرب المستمرة في بلادهم منذ نحو ثماني سنوات.
وكتب أقطاي قائلًا: “تلقيت مكالمة هاتفية وأنا أسير في طريقي.. نظرتُ إلى هاتفي لأجد رقما لا أعرفه، لكنه اتصل مرة قبل ذلك دون أن ألاحظ، أجبت المكالمة لأجد صوتا حزينا للغاية”.
وأضاف: “أخذت سيدة تسرد قلة الحيلة التي تشعر بها دون أن تعرفني بنفسها أو تقص عليّ ما هي مشكلتها، فاعتقدت لوهلة أن هذه المكالمة مثل سائر المكالمات التي أتلقاها يوميا، ولهذا فقد استمعت إليها لبرهة بشكل روتيني لما اعتدت عليه، ثم طلبت منها (هل يمكنك أن تعرفيني بنفسك؟ ما هي مشكلتك؟)”.
وأشار إلى أن المتصلة هي سيدة تركية كان لها جار سوري يجاورها منذ سنوات، ومنذ أن سكن في حيهم اعتادوا عليه وصار جزءا من حياة كل واحد من سكان الحي، لدرجة أنه أصبح وكأنه فردا من أسرة كل ساكن في الحي.
وتقول “فعلى سبيل المثال عندما أمرض يهتم بي ويساعدني بالقدر الذي لا أراه من عائلتي”، ثم تضيف “لقد حارب هو وأقاربه ضد ظلم نظام الأسد، والتنظيمات الإرهابية المتطرفة في سوريا، فقتل شقيقه، وأصيب هو في قدمه، والآن يعيش حياته الطبيعية، بعدما ركب قطعة من البلاتين، فجاء إلى تركيا حيث سُمح له بالإقامة في إحدى مدنها، لكنه عجز عن توفير احتياجاته في تلك المدينة، ولهذا أتى إلى إسطنبول، ومنذ ذلك اليوم وهو يعيش في المكان ذاته”.
وتسرد أنه “كان وهو في سوريا رجل أعمال، لديه القدر الكافي من التجارة، لكنه الآن يعمل في أي عمل يجده في إسطنبول، أعمال نقاشة أو مقاولات أو ما إلى ذلك، وإذا ما جلس في منزله وهو جائع لا يخبر أحدا بأنه جائع أو أنه يحتاج المساعدة”.
وأضافت أن هذا السوري “يحبه كل سكان الحي ويعتبرونه واحدا منهم، لكنه اضطر للاختباء بمنزله ما إن بدأت اجراءات إعادة ترتيب أوضاع السوريين قبل فترة قصيرة، والآن لا يخرج منه أبدا، لأنه لو عاد إلى المدينة المسجل بها، فإنه سيكون قد فقد الحياة التي أسسها لنفسه هنا، كما أنه استطاع توفير احتياجاته بطريقة ما بالعمل هنا، فماذا سيفعل هناك إذن؟ ولهذا فقد جمعنا التوقيعات نحن سكان الحي، لأننا لا نريد أن يتركنا جارنا السوري، فنقول للمسؤولين لا تأخذوا جارنا منا”.
ويقول أقطاي عن تلك السيدة المتصلة: “بعدما أنهت كلامها بكت بكاء شديدا، ولا أخفيكم سرا أنني كذلك لم أستطع السيطرة على دموعي، وشعرت وكأن الكلام قد وقف في حلقي، فبلعت ريقي، ولم أستطع أن أرد عليها بشيء لبعض الوقت”.
ويضيف: “كان ما شعرت به كالمعجزة، فأنا أعلم أن الأصوات العنصرية التي ليس بها شفقة ولا رحمة، التي بدأنا نسمعها مؤخرا لا يمكن أن تكون أصوات أبناء هذا الشعب الأصيل، الذي نصر أناسا ظلموا وهجروا على مدار السنوات الثمان الماضية، وفتح أبوابه على مصراعيها لاستقبالهم”.
ومضى يقول: “لقد كانت هذه هي المعجزة التي ظهرت فجأة في وقت كاد الأمل فيه أن يختفي، فهذه هي المرة الأولى التي أتلقى فيها مكالمة كهذه من بين المكالمات التي تأتيني، ويحكي أصحابها آلامهم وطلباتهم الشخصية، إن هذا الصوت لم يكن يطلب شيئا لنفسه، بل لشخص آخر.. لم يكن يبكي على حاله، بل على حال شخص آخر، وبالرغم من أنني لا أسد أذناي عن الاستماع لمن يبكي على حاله، لكن مستوى التأثير والمستوى الإنساني الذي يمثله من يبكي على حال إنسان آخر، يثبت لنا عظمة أشرف مخلوقات الله على هذه الأرض”.
وزاد في منشوره قائلًا: “لقد شعرت عندما سمعت صوت السيدة عائشة في الهاتف، وكأن الضمير والأخلاق الجميلة التي كنت قد ظننت لوهلة أنها قد اندثرت لدى شعبنا الأصيل، قد أشرقت من جديد كالشمس على ذلك المناخ الظلامي.. لقد بكى ذلك الصوت وتوسّل إليّ من أجل شخص آخر، عندما قالت: أرجوك، يمكننا أن نرسل إليك التوقيعات التي جمعناها من أبناء الحي، لكننا لا نريد أن يأخذوا منا جيراننا، لقد اعتدنا على الحياة معهم”.
.
وكالات