كفت وزارة الداخلية التركية أمس الإثنين، يد رؤوساء بلديات ولايات ديار بكر، ووان، وماردين عن العمل، وعيّنت أوصياء حلوا مكانهم في إدارة شؤون هذه البلديات الكبرى التي كان يديرها رؤوساء منتسبون لحزب الشعوب الديمقرطي.
وجاء قرار عزل الداخلية، رؤوساء البلديات، لإجراء السلطات الأمنية والقضائية العديد من التحقيقات والملاحقات القضائية بحقهم في إطار جرائم من قبيل “تأسيس منظمة إرهابية مسلحة وإدارتها” و”الدعاية لمنظمة إرهابية”.
ويعتبر كف يد الرؤوساء الثلاثة من منصبهم، كـ “إجراء احترازي”، لوجود أدلة قوية بعدم ابتعادهم عن فلك منظمة “بي كا كا” الإرهابية، منها:
*محاولة إدارة البلديات بنظام مغاير عن نظام إدارة البلديات في تركيا، عبر إجراء نظام الرئاسة التشاركية.
*إعادة موظفين فصلوا من البلديات لارتباطهم بمنظمة إرهابية
*توكيل مهام لأشخاص انتخبوا من قائمة حزب الشعوب الديمقراطي لعضوية مجالس البلديات؛ رغم عدم مصادقة السلطات القضائية على عضويتهم بسبب فصلهم سابقا من الدوائر الحكومية.
*فصل أقارب الشهداء من العمل، ومشاركتهم في جنائز قتلى الإرهابيين.
*تسمية شوارع وحدائق بأسماء أعضاء منظمة “بي كا كا” الإرهابية، والوقوف دقيقة صمت أثناء عزف أناشيد المنظمة الإرهابية.
تعيين السلطات التركية أوصياء على البلديات بسبب علاقات رؤوساء هذه البلديات بمنظمة “بي كا كا” الإرهابية، ليس بالإجراء الجديد، سيما أن عدد البلديات التي عينت الداخلية عليها أوصياء قبل انتخابات 31 مارس/ آذار 2019 المحلية بلغ 93 بلدية.
وهذا الإجراء بدأ في 2016، من أجل منع استفادة منظمة “بي كا كا” من موارد وإمكانات البلديات؛ أي بمعنى آخر حماية السكان المحليين من تسلط المنظمة وعنجهيتها، كجزء من مكافحة الإرهاب.
غير أن المعارضة قابلت مساعي الدولة في حماية مواطنيها وأمنهم؛ عبر شجب الإجراء الأخير، بعبارات من قبيل “انقلاب سياسي على الانتخابات” و”الإجراء غير الديمقراطي”، زاعمة أن الحكومة يمكن أن تعين أوصياء على بلديات إزمير وإنقرة وإسطنبول أيضا.
يبدو أن الحكومة بمجرد ما رأت علاقات رؤوساء البلديات الثلاثة مع “بي كا كا” اتخذت قرارها الحاسم على الفور، وعيّنت أوصياء على البلديات، الأمر الذي كان بمثابة رسالة قوية لرؤوساء البلديات الأخرى عن حزب الشعوب الديمقراطي، تحذرهم من التعامل مع المنظمة الإرهابية المذكورة، أو تقديم أي دعم لها.
أما بالنسبة لذريعتي أنهم “منتخبون” والحديث عن “طعن الديمقراطية”، فنحن مضطرون لتحليل الموضوع بشكل موضوعي.
نعم لا شك أن التمثيل الشعبي، جزء لا ينفصل عن الديمقراطية؛ ولكن بشرط ألا يعيق مكافحة الإرهاب العرقي.
للأسف حزب الشعوب الديمقراطي الذي يدعي أنه يمثل الفئة الكردية في تركيا، وضع أداء سيئا في الابتعاد عن فلك منظمة “بي كا كا” الإرهابية، خصوصا وأن موقفه من مكافحة الحكومة للمنظمة في 2015 العام الذي كثفت فيها أعمالها الإرهابية، تجاوز حدود تحمل دولة ديمقراطية.
حاول حزب الشعوب الديمقراطي، شرعنة أعمال المنظمة الإرهابية، ولم يبخل بالثناء عليها؛ لذا رفعت الحصانة عن بعض نواب الحزب في البرلمان وكفت الدولة يد بعض رؤوساء البلديات عن مهاهم في تلك الفترة التي حفرت فيها المنظمة الخنادق داخل المدن واشتبكت مع قوات الأمن.
واليوم، عبر قرارها بتعيين أوصياء على ثلاثة بلديات، جددت الدولة تأكيدها في مكافحة الإرهاب.
توجيه أصابع الانتقاد للديمقراطية التركية بالخروج من أطر الديمقراطية في مكافحة الإرهاب العرقي، باتت موضة بالية، ولا شك أننا سنرى ونسمع الكثير من الانتقادات من الإعلام الغربي على غرار انتقادات المعارضة التركية للديمقراطية التركية.
وعندما نرى نماذج مكافحة الإرهاب العرقي في العالم بما في ذلك إسبانيا، فإننا نرى تمثيلا عرقيا واسعا أكثر مما نظن في تركيا.
وذلك على الرغم من استمرار حزب الشعوب الديمقراطي، في تجاوز حدود الديمقراطية… وعلى الرغم من التهديد الكبير الذي تشكله أذرع منظمة “بي كا كا” الإرهابية في العراق وسوريا.. إذن ما يقع على عاتق حزبي الشعب الجمهوري و”إيي” ليس مهاجمة الحكومة وتشجيع حزب الشعوب الديمقراطي على مواصلة إجراءاته المليئة بالمعضلات؛ بل تحمل المسؤوليات لدفع حزب الشعوب الديمقراطي لوضع مسافة بينه وبين الإرهاب.
.