تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين حول أسباب التقلب المفاجئ الذي شهده سعر صرف الليرة التركية مطلع الأسبوع الجاري، بعد فترة من الاستقرار والتحسن.
وأشارت تقارير إلى تعرض الليرة التركية خلال جلسة التعاملات الآسيوية فجر الإثنين الماضي إلى هبوط مفاجئ دفعها إلى مستوى 6.47 ليرة لكل دولار في “انهيار لحظي” دام لفترة وجيزة.
وبحسب وكالة رويترز، صعدت الليرة بعد الهبوط إلى مستويات تراوحت بين 5.80 و 5.85 ليرة للدولار خلال تعاملات الإثنين والثلاثاء، ثم 5.78 خلال تعاملات الأربعاء، لتعاود الهبوط مجددا في بداية تعاملات الخميس عند مستوى 5.83 ليرة للدولار الواحد.
وقالت الوكالة إن التدفق على الأسواق الآمنة وابتعاد المستثمرين اليابانيين عن الأصول الخطرة، خلال جلسة الإثنين الماضي في التعاملات الآسيوية تسبب في هذا “الانهيار اللحظي”، إلى جانب تفاقم “أزمة الرسوم الجمركية”بين أمريكا والصين الأسبوع الماضي.
في تفسيره للتطورات الأخيرة التي شهدها سعر صرف الليرة التركية، قال رئيس قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول، عبد المطلب أربا، إن الحكومة التركية ترغب في بقاء سعر صرف العملة المحلية بين مستويات 5.5 و 6 ليرات للدولار الواحد، بهدف دعم صادراتها وتخفيض نسبة العجز في التجارة الخارجية.
وأوضح أربا أن سعر صرف الليرة التركية يتأثر صعودا وهبوطا بالعلاقات السياسية الدولية، وكذلك التطورات المحلية سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي. بحسب صحيفة “عربي21” الإلكترونية.
وأضاف: “ما حدث من هبوط مفاجئ لسعر صرف الليرة التركية ووصولها إلى 6.29 في التعاملات الآسيوية قبل أن تعود بدها بدقائق لمستويات 5.78 ربما كان مرتبطا بالتوتر بين الصين واليابان في بحر الصين الشرقي، والمخاوف اليابانية من التقارب الصيني الروسي، إلى جانب تصاعد وتيرة الحرب التجارية بين واشنطن وبكين”.
وتوقع أربا، أن يستقر الدولار عند مستويات تتراوح بين 5.5 و6 ليرات للدولار الواحد، مدفوعة بالسياسة النقدية الجديدة للبنك المركزي التركي، وتشجيع الرئيس أردوغان على زيادة الإنتاج لدعم الصادرات والحد من الواردات، وتدشين المزيد من المشاريع الحكومية.
ولفت الخبير الاقتصادي، إلى أن الحكومة التركية بدأت إعادة ترتيب بيتها الاقتصادي الداخلي، لدعم الاستقرار الاقتصادي، مؤكدا أنه لا يوجد شيء لافت في مؤشرات الاقتصاد التركي تسبب في هذا الهبوط المفاجئ لليرة التركية أمام الدولار خلال التعاملات الآسيوية.
بدوره يرى الخبير التركي في الاستثمار الدولي عبد الله أداك، على أن مخاوف عودة ضبابية المشهد السياسي في تركيا بعد هزيمة حزب العدالة والتنمية الحاكم في انتخابات بلدية إسطنبول، لا تزال تشكل هاجسا يعوق الكثير من القرارات الاستثمارية لعدد كبير من الشركات ورجال المال والأعمال.
وقال أداك، إن خسارة حزب العدالة والتنمية رئاسة العديد من البلديات الكبرى كإسطنبول وأنقرة وأزمير، كانت بمثابة إشارة شكلت انطباعا لدى المهتمين بالمشهد السياسي التركي على الصعيدين المحلي والدولي باحتمالات تكرار تلك الهزيمة في أي انتخابات مقبلة وانعكاسه على حالة الاستقرار السياسي ومن ثم الاستقرار الاقتصادي لتركيا خلال الفترة المقبلة.
وأوضح الخبير في الاستثمار الدولي، أن حساسية المشهد السياسي الداخلي والخارجي يؤثر بشكل كبير على سعر صرف الليرة التركية، إلى جانب العوامل الاقتصادية الأخرى.
وأضاف: “الاقتصاد التركي يعتمد بشكل كبير على رأس المال الأجنبي، ودائما رأس المال الأجنبي يبحث عن الاستقرار السياسي، ولذلك فإن عدم الاستقرار السياسي يؤثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي وفي مقدمته سعر صرف العملة المحلية”.
وأردف: “غالبية الاستثمار الأجنبي في تركيا من الدول الغربية (أوروبا وأمريكا)، ولذلك فإن علاقة تركيا الخارجية وخاصة مع روسيا يؤثر بشكل مباشر على هذه الاستثمارات، ولذلك تكون العلاقات التركية مع دول الغرب بالميزان”.
وعن استفادة الصادرات التركية من تراجع قيمة العملة المحلية، أشار أداك، إلى أن “تركيا تستورد نحو 70 بالمئة من المواد الخام التي تدخل في عمليات التصنيع والإنتاج المحلي، وهو ما ينعكس بالسلب على القيمة الحقيقية للصادرات، ويضغط بشكل دائم على الميزان التجاري التركي، إلى جانب تأثِيره المباشر على سعر صرف الليرة”