“داود أوغلو” خارج “العدالة والتنمية”.. كيف سيتأثر الحزب الحاكم؟!

يثير مراقبون تساؤلات حول مستقبل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بعد الاستقالات الأخيرة والدعوات للفصل بحق قيادات تاريخية في مقدمتهم رئيس الوزراء الأسبق وأحد مؤسسي الحزب أحمد داوود أوغلو، والمعروف في أوساط الحزب بـ”الخوجا” أي “المعلم”.

وطالبت اللجنة التنفيذية العليا لحزب العدالة والتنمية بالإجماع في وقت سابق الأسبوع الماضي، بتحويل رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو وآخرين، للجنة التأديب الخاصة بالحزب، والتوصية بفصله.
الخطوة تزامنت مع الحديث عن إجراءات وتغييرات جذرية ينوي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وزعيم الحزب الإقدام عليها قريبا، بعد خسارة الحزب لبلدتي أنقرة وإسطنبول في الانتخابات المحلية الماضية.

وتأتي المطالبة بإقالة داوود أوغلو وعدد من رفقائه، بعد تقديم وزير الاقتصاد الأسبق والقيادي البارز سابقا بالحزب علي باباجان استقالته، وإعلانه نيته لتأسيس حزب جديد، وسط الحديث عن نية داوود أوغلو في المقابل بإنشاء حزب آخر.

هجوم من الداخل

وتعليقا على هذا المشهد، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة إسطنبول، أحمد أويصال، أن داوود أوغلو “هاجم حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان، كما لو كان زعيما للمعارضة، وكان أولى له النقد البناء من الداخل”.

وأضاف ، أن “المشاكل التي كان يتحدث عنها داوود أوغلو كانت موجودة خلال فترة خدمته في وزارة الخارجية، ورئاسة الوزراء”.

اقرأ أيضا: قيادة “العدالة والتنمية” توصي بفصل “داوود أوغلو” من الحزب

وأشار إلى أن داوود أوغلو “يريد تأسيس حزب سياسي بطريقة الانتزاع، من خلال توجيه المناشدات لمؤيدي العدالة والتنمية، إلا أن أردوغان لم يسمح له باستغلال وجوده بالداخل، وتقسيم الحزب بهذه الطريقة”.

ونوه أويصال، إلى أن داوود أوغلو “يفضل أن يتم فصله بدلا من الاستقالة من أجل اللعب على وتر الضحية مع قواعد الحزب”، وفق تعبيره.

خلط أوراق

وأضاف الأكاديمي التركي أن داوود أوغلو “أراد استرضاء القاعدة الكردية المحافظة داخل حزب العدالة والتنمية، وقال إن الملفات الإرهابية ستزعج الكثير من السياسيين، إلا أن هذه الاستراتيجية معيبة لأن الأكراد المحافظين هم عموما ضد تنظيم العمال الكردستاني”.

ولفت إلى أن رئيس الوزراء الأسبق، “كان يستهدف الإسلاميين داخل العدالة والتنمية، إلا أن ذلك يعد مهمة مستحيلة، بسبب وجود حزب السعادة، إلى جانب أن القاعدة المحافظة التي مازالت تثق بأردوغان”.

وأضاف، أن داوود أوغلو، “فشل سابقا وليس لديه أي رؤية واضحة حول طريقه المقبل، ومن المحتمل أن ينشئ حزبا سياسيا، إلا أنه لن يكون له تأثير كبير على الساحة السياسية في تركيا على المدى القصير والمتوسط”.

 

قرار غير مفاجئ

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، في حديثه لـ”عربي21″، إن “قرار اللجنة المركزية، لم يكن مفاجئا، وكان من المفترض أن يقدم داوود أوغلو تقديم استقالته، في ظل حراكه داخل الحزب لتكوين حزب جديد”.

وحول إمكانية اجتماع داوود أوغلو، مع علي باباجان، والرئيس التركي السابق عبد الله غول، في تشكيلة حزبية واحدة، أوضح أنه “الأخيرين لا يمكنهما قبول داوود أوغلو، بشخصيته التي لا تقبل إلا الزعامة، كما أن المعارضة ناقمة عليه وتحمله الكثير من المشاكل التي مرت بها تركيا، لذلك فهو مضطر لتأسيس حزب جديد، ولا أحد يرى أنه سينجح في ذلك”.

اقرأ أيضا: كاتب تركي: أردوغان يتجه لضخ دماء جديدة بالحكومة والحزب

اقرأ أيضا

الصبر مفتاح الفرج

وحول مستقبل التنافس السياسي بين حزب العدالة والتنمية، وقوى المعارضة الأخرى، وتأثير إقالة داوود أوغلو على ذلك، لفت الكاتب التركي إلى أن “المعارضة كانت فقط تهدف لخروج داوود أوغلو ومعه عدد آخر من الحزب، للتأثير على نتائج أي انتخابات مقبلة”.

نقاط ضعف العدالة والتنمية

وبخصوص ما يثار عن مشاكل يعاني منها حزب العدالة والتنمية، والتحديات التي يواجهها، أوضح ياشا، أن أي “تنظيم يحكم فترة طويلة، مهما كانت النتائج الذي يحصل عليها، تتضاءل شعبيته بشكل دائم”، ولفت إلى “المشاكل الأخرى مثل المنشقين من الحزب الذين لم يجدوا في داخله ضالتهم إلى جانب تأثير قضايا الوضع الاقتصادي، واللاجئين السوريين واستغلالهم من قبل المعارضة والتحريض ضدهم”.

ونوه إلى أن “المعارضة تستخدم حربا نفسية ضد الحكومة والحزب الحاكم، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بإطلاق سلسلة من الشائعات غير الصحيحة، وهم نجحوا في ذلك”، وأكد أن الرئيس أردوغان “يحاول أن يلملم الحزب، وسد الثغرات”، معربا بالوقت ذاته عن “عدم تفاؤله في ذلك، لأن كوادر الحزب ليسوا على قدر من المسئولية والأهلية”.

الخارطة السياسية

كما توقع ياشا، “إخفاق الشخصيات المنشقة عن الحزب بتحقيق أي نجاحات كتلك التي حققها أردوغان”، منوها إلى أنه “لن ينجح تشكل جبهة من كافة أحزاب المعارضة ضده في انتخابات الرئاسة المقبلة، بسبب تباين المصالح لدى الجميع”.

 

“بعد صمت 3 سنوات”

 

في المقابل، أشار الكاتب والصحفي التركي، اسلام أوزكان، إلى أن “انتقادات داوود أوغلو بعد ثلاث سنوات من الصمت، جاءت بسبب النتائج السلبية التي حققتها العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية الأخيرة”.

وأضاف، أن إقالة داوود أوغلو من الحزب الحاكم، “سيؤثر على القاعدة الشعبية، وأصوات العدالة والتنمية بشكل سلبي، وهو ليس الشخص الوحيد الذي تم إقصاؤه من الحزب، سبقوه إما بالإقالة أو الاستقالة، ومنهم شخصيات كانت ذات صيت ومنصب”.

ولفت إلى أنه من المتوقع أن “يقوم عدد من الشخصيات بعد إقالة داوود أوغلو، بتقديم استقالتهم، ويعد ذلك انشقاقا كبيرا داخل الحزب يؤثر على مصيره”.

 

القاعدة الشعبية

وأوضح أنه “يوجد استياء في القاعدة الشعبية وأنصار حزب العدالة والتنمية، بسبب التفاقم الاقتصادي المتزايد، وانتهاكات من حقوق الإنسان، والفوضى في إدارة الحزب الحاكم”، وفق تعبيره.

وأكد على أن “تلك التراكمات، شجعت بوصول الحزب الحاكم، إلى حالة من التشتت والتفتت، وأردوغان لا يسعى بشكل حقيقي بإصلاحات جدية داخل الحزب”.

وأضاف أن “استطلاعات الرأي العام، تشير إلى أن من ينوون التصويت في الانتخابات المقبلة، للمنشقين من العدالة والتنمية، يشكلون 15% من الشعب التركي، وهذه النسبة قد تتزايد مع مرور الوقت حتى عام 2023”.

.

المصدر/عربي21

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.