لا تزال قضية الأميرة الأردنية هيا بنت الحسين، وهروبها من زوجها حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، تتفاعل وتأخذ أبعاداً جديدة في ظل تطورات دراماتيكية، دخلت على خط الصراع، وهو ما يُنذر بمعركة قضائية حامية الوطيس بين الطرفين.
خاصة بعدما كشفت صحيفة (القدس العربي) بتعيين هيا دبلوماسية في السفارة الأردنية بالعاصمة البريطانية لندن، لتخلط هذه الخطوة الأوراق كافة، وتربك حسابات الطرف الآخر، وتضع القضية على صفيح ساخن.
يُمكن قراءة تعيين الأميرة هيا في سفارة بلادها بلندن بأنه “دليل واضح على تضامن الأسرة الهاشمية والمؤسسة الملكية الأردنية في نزاعها العائلي مع بن راشد”.
وباتت الأميرة الأردنية حالياً في موقف أقوى بكثير؛ لكونها تحمل الجنسية البريطانية، إضافة إلى تمتعها بحصانة دبلوماسية، وهو ما يُعد ترجمة لنصيحة قانونية من محامية هيا؛ بغية توفير حماية انتقالية على الأراضي البريطانية لها ولولديها من زوجها، الذي يُعد “ثاني أرفع مسؤول سياسي في الإمارات”.
ويتمتع بن راشد بنفوذ سياسي كبير في الإمارات؛ إذ يتولى منصب نائب رئيس الدولة، كما أنه رئيس مجلس الوزراء، فضلاً عن كونه حاكم دبي، وهي الإمارة التي تُعتبر “العاصمة الاقتصادية” في البلاد.
هذه الخطوة كانت ضرورية- بحسب طاقمها القانوني- قبل اللجوء للقضاء وتوفير الحماية بموجب القانون البريطاني بقرار ملزم من المحكمة، كما أن الوصول إلى تسوية بالتراضي “أصبح بعيد المنال”، بحسب ما نسبته (القدس العربي) إلى مصادر دبلوماسية غربية.
الخطوة الهاشمية الجديدة، أتت بعد أزيد من شهر بقليل من نشر الأمير علي بن الحسين، الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني، صورة تجمعه وشقيقته الأميرة هيا، مصحوبة بعبارة “اليوم مع أختي وقرة عيني هيا بنت الحسين”.
كما أجرى الملك الأردني زيارة عمل إلى العاصمة البريطانية، في الأسبوع الأول من آب/ أغسطس 2019، التقى خلالها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وسط تساؤلات كثيرة مفادها “هل سيلتقي بشقيقته الأميرة هيا، وينحاز إليها علناً مثلما فعل الأمير علي؟”.
رسالة قوية وحماية
الخبير الفلسطيني في القانون الدولي، عبد الكريم شبير، يقول إن تعيين الأميرة هيا دبلوماسية في سفارة بلادها بلندن “يحمل كثيراً من المضامين والرسائل القوية لزوجها حاكم دبي بأن القضية أصبحت متشابكة ومعقدة جداً”.
وأوضح الخبير شبير، وفق موقع “النهضة نيوز” الإلكتروني، أن “هناك ثلاثة قوانين سيتم النزاع عليها في أي قضية ترفع ضد الأميرة هيا في المحاكم البريطانية، وهي القانون البريطاني؛ لكونها تحمل الجنسية البريطانية، أم القانون الإماراتي، أم القانون الأردني”.
وأشار إلى أن الخطوة الجديدة “رسالة بأن المملكة الأردنية بدأت رسمياً في تقديم الحماية للأميرة هيا في مواجهة بن راشد”، مشيراً إلى أنه في حال اتخذت المحكمة البريطانية قراراً ضد الأميرة فالاعتراض عليه سيكون سهلاً بسؤال مفاده: “هل هي المحكمة المختصة؟”.
وشدد على أن النزاع بين الطرفين “سيستغرق وقتاً طويلاً؛ لكون القضية أصبحت أكثر تعقيداً لتداخل القوانين الدولية فيها”.
وقدمت الأميرة طلباً للمحكمة العليا في بريطانيا، 30 تموز/ يوليو الماضي، “بعدم التعرض”، الذي يحمي من المضايقة أو التهديدات، كما قدمت أيضاً طلباً بالوصاية القضائية، الذي يعني وضع طفل تحت سلطة المحكمة، فيما يتعلق بالقرارات المهمة.
بالفعل صدر قرار قضائي بتوفير الحماية للأميرة وولديها، وبصيغة تجبر النظام الأمني والبيروقراطي البريطاني على الالتزام والمتابعة، بما في ذلك توفير الحراسة للأميرة وطفليها في حال التنقل، وتشكيل خلية من عناصر أمنية تراقب محيط مقر إقامتها، ومراقبة كل أنواع الاتصالات.
أما نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أيدوا تضامن الملك مع شقيقته الأميرة في صراعها مع حاكم دبي.
واعتبروا تعيين الأميرة الأردنية دبلوماسية في سفارة بلدها بلندن “خطوة ذكية أتت في الوقت المناسب”، كما أنها ستكبح أي “تهور قد يقدم عليه حاكم دبي”.
ولا يزال من غير الواضح إن كانت ستؤثّر المعركة القضائية بين الأميرة الأردنية وحاكم دبي في العلاقات السياسية بين عمّان وأبوظبي، لكنها قد تكون مصدر إزعاج لقيادتي البلدين في وضع إقليمي حرج، في الوقت الذي استعادت فيه عمّان علاقاتها الدبلوماسية كاملة مع قطر، بعد عامين من تخفيضها.
يُذكر أن الأميرة هيا وُلدت عام 1974، وهي ابنة ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال من زوجته الثالثة علياء، وعانت هيا اليتم مبكراً بعد وفاة والدتها في حادث تحطم هليكوبتر عام 1977، قبل وفاة والدها عام 1999. وتقول تقارير إن هيا هي الزوجة السادسة لحاكم دبي، وقد اقترنت به عام 2004.
وهي الأخت غير الشقيقة للعاهل الأردني عبد الله الثاني، وتلقت تعليمها في أرقى المعاهد البريطانية، وتخرجت في جامعة أكسفورد، وتُعد ناشطة إنسانية وسفيرة الأمم المتحدة للسلام، كما أنها الأردنية الوحيدة التي تملك رخصة سياقة الشاحنات الثقيلة.
والأميرة هيا بطلة فروسية، مثلت الأردن في مسابقات دولية عدة؛ من أبرزها سباق قفز الحواجز عام 2000، أثناء الدورة الأولمبية في سيدني الأسترالية، وترأست الاتحاد الدولي للفروسية لمدة ثماني سنوات، إلى أن استقالت منه عام 2014.
المصدر: دنيا الوطن