منذ أن خلق الله تعالى الخلق، والرسالة الإلهية للمؤمنين أن يتحدوا وأن يعملوا فيما بينهم كالجسد الواحد، ومع بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أصبحت الرسالة الإلهية بهذا الشق أكثر وضوحا.
واليوم وبعد نحو 15 قرنا هجريا على البعثة النبوية، تعيش الأمة حالة من النكران ـ عن قصد أو عن غير قصد ـ لهذه الرسالة، وكون أن “العارف عند الخطأ يكون عقابه أشد من الجاهل”، شاء الله تعالى أن يذكّر هذه الأمة بالرسالة التي من المفترض أن تتمسك بها، ولكن هذه المرة على لسان أحد أبرز خصوم الأمة!
الإشارة واضحة، أن الأمة يوم أن تخلت عن أعظم ما وجِد على سطح هذا الكوكب، وهو كلام الله وكتاب الله ورسالة الله، ويوم أن أصرت الأمة على هذا التخلي رغم كل الإشارات الإلهية السابقة بضرورة العودة للجذور الأصلية، شاء الله أن يبعث رجلا أظهر مدى ضعف وشرذمة المسلمين في هذا العصر.
لو جاء التذكير بالرسالة الإلهية على لسان رجل صالح مؤمن لكان الأمر فيه خير كثر للأمة، ولكان الأمر في غاية الجمال علّ الأمة تستفيق بطريقة “لطيفة”… ولكن التذكير هذه المرة جاء على لسان زعيم عالمي معروف بعدائه وكرهه للمسلمين، وبالتالي فإن حقيقة الأمر إهانة للمسلمين وتذكير لهم بضعفهم وبعدهم عن ربهم ودينهم وقرآنهم وتعاليم نبيهم عليه الصلاة والسلام.
كلنا سمعنا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يذكر المسلمين قبل أيام بعيد القمة الثلاثية التي عقدت في تركيا، بدينهم وقرآنهم، مستهزئا أن الأمة الإسلامية لديها تعاليم تدعوها للوحدة والتعاضد والتكاتف إلا أنها لا تلتزم بها… رغم أنها تعاليم إلهية وليست تعاليم بشر!
توجه بوتين للمسلمين مذكرا إياهم بقول الله تعالى في القرآن الكريم :”وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا”.
كان كلام بوتين الاستهزائي بالمسلمين واضحا جدا أنكم “يا مسلمين بيدكم رسالة ربكم التي تدعوكم للوحدة إلا أنكم متفرقين متخاصمين دمرتم منطقتكم بحروبكم بين بعضكم البعض”!
الخطر، أن التذكير الإلهي بهذه الآية أتى للمسلمين هذه المرة على لسان شخص غير مسلم وبالتالي يوشك أن يعم الله هذه الأمة بعقاب شديد إذا لم تتدارك نفسها على مستوى الأشخاص والأسر والمجتمعات والجمعيات والأحزاب والجماعات والدول… على الأمة أن تلتقط التذكير هذا قبل فوات الأوان.
على الأمة أن تستيقظ من غفلتها ـ ولا يقول أحد “أنا لا علاقة لي” ـ فالخطر كبير وإن لم يكن العمل مستقبلا بروح الوحدة والتآخي بين كل كل كل المسلمين، فإن سفينة المسلمين ستغرق وسيغرق معها كل من فيها بغض النظر عن مذهبه وتوجهه وفكره.
لقد وصلت الأمة لمرحلة من الذل والضعف والتشرذم والتخاصم والبغضاء، أن يرسل الله تعالى رجلا غير مسلم ـ بل يعادي المسلمين ـ ليذكرها بما بين يديها من تعاليم إلهية ربانية… فهل ستفهم الأمة بكل أفرادها ودولها دون أي استثناء “الرسالة الأخيرة”!
عيب على أمة المليار ونصف مليار فرد أن يستهزئ بها شخص كـ”بوتين”.
.
عرض التعليقات
بوتين لم يستهزئ و ليس بعدو ، الملف السوري حالة خاصة ، الرجل لديه علاقات جيدة بالمسلمين داخل روسيا و لديه اطلاع على الإسلام و لديه مشاعر جيدة تجاه قادة مسلمين ، الحكمة هي في كسبه و استمالته و قبول الجانب الحسن فيه بدل من هذا التناول الغير ملائم .. هدى الله الجميع ..