بعد أيام من تمرير اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكي قرارا يتيح مساءلة الرئيس دونالد ترامب بهدف العزل، تفجّرت فضيحة جديدة، من شأنها زيادة الضغوط على الأخير قبل عام واحد من الانتخابات، التي يسعى من خلالها للاحتفاظ بمنصبه، وسط تساؤلات بشأن تفاصيل الأحداث وخلفياتها ومدى خطورتها.
ماذا حدث؟
في 25 تموز/ يوليو الماضي، أجرى ترامب مكالمة مع نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي تولى منصبه في أيار/ مايو، مارس فيها ضغوطا على الأخير، بحسب تقارير، لدفعه إلى فتح تحقيق في كييف ضد أحد المرشحين الديمقراطيين لرئاسيات 2020، وهو جو بايدن، وابنه “هانتر”.
وكشف تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، قبل أيام، الستار عن القضية من مصادر خاصة، موضحة أن مخبرا تقدم بشكوى لادعاء الاستخبارات بالولايات المتحدة، منتصف آب/ أغسطس الماضي، ضد فحوى المكالمة، قبل نقلها إلى لجنتي الاستخبارات بمجلسي النواب والشيوخ.
ويعتقد أن الاتصال تضمن تهديدات من ترامب بحجب مساعدات عسكرية أمريكية لأوكرانيا، و”وعودا” منه لزيلينسكي، بحسب التقرير، مقابل تقديم الأخير دعما سياسيا له، لا سيما عبر تشويه صورة “بايدن”، الذي يعد من أبرز المرشحين الديمقراطيين لمنافسته على الرئاسة العام المقبل.
وقال المختص بالشأن الأمريكي، أسامة أبو ارشيد، إن تلك المساعدات “أقرها الكونغرس، وبالتالي فإن الرئيس لا يمكنه وقفها”.
وأوضح أبو ارشيد أن المساعدات تم إقرارها بعد التدخل الروسي عام 2014، في إشارة إلى انتزاع موسكو شبه جزيرة القرم من كييف ودعمها انفصاليين في شرق البلاد، ما يضفي عليها أهمية خاصة في حسابات واشنطن الاستراتيجية، وهو ما يظهر أن ترامب يتلاعب بمصالح البلاد لحساباته السياسية الشخصية.
ويدور التحقيق الذي يريده ترامب حول تهديد بايدن، عام 2016، حين كان نائبا للرئيس السابق باراك أوباما، بوقف مساعدات واشنطن لكييف إذا لم يتم عزل أحد مسؤولي الادعاء الأوكراني.
وكان الادعاء الأوكراني يحقق لسنوات في قضية فساد تتعلق بشركة “بوريسما” المحلية للغاز، والتي يشغل ابن بايدن منصبا إداريا فيها منذ عام 2014، إلا أن أبو ارشيد أشار إلى أن القضاء كان قد برأه بالفعل آنذاك، وأن محاولات ترامب إعادة فتح القضية تعمق تورطه بتهمة سوء استغلال السلطة.
خطورة “الفضيحة”
أشار “أبو ارشيد” إلى أن خطورة الاتهامات التي يواجهها ترامب، على المستوى القانوني والقضائي، لا تزال غير واضحة تماما في هذه المرحلة، لافتا إلى “وجود رأي لوزارة العدل الأمريكية منذ عام 2000 لم يتم تحديه إلى الآن، يمنع توجيه اتهام لرئيس أمام القضاء أثناء حكمه”، فيما عزله عن طريق الكونغرس تقف أمامه حسابات سياسية معقدة.
وأوضح أبو ارشيد أن الأخطر يكمن في تشوه صورة ترامب أمام الناخبين، إذ تظهره القضية “كرئيس فوضوي، ولا يحترم القوانين ولا يملك الحكمة في إدارته لشؤون الحكم، ويوظف منصبه لحساباته السياسية الشخصية، ويبحث عن الفوز بأي ثمن، وهو ما يضعفه أمام الرأي العام قبل عام من الانتخابات”.
وأضاف أن “أهمية تلك المساعدات، التي لا يمكن للبيت الأبيض حجبها في الواقع، ودفع ترامب لإعادة فتح تحقيق خلص إلى تبرئة ابن بايدن سابقا يظهر المدى الذي وصله الرئيس في كسر القوانين والأعراف، وخشيته من المرشح الديمقراطي، الذي تشير استطلاعات إلى أنه سيحصل على 58% من أصوات الناخبين في حال جرت الانتخابات اليوم”.
تجدر الإشارة إلى أن ترامب لم ينف اتهامه لبايدن وابنه بممارسة انتهاكات، ولكنه أكد عدم استغلاله النفوذ لدفع كييف إلى التحقيق بالأمر، كما لم ينف المرشح الديمقراطي ممارسة ضغوط على أوكرانيا، ولكن بهدف دفعها إلى التحقيق بشبهات فساد كبيرة وليس العكس.
إلا أن بايدن زعم أن ترامب يسعى لاستخدام صلاحياته لتقليل حظوظه في الانتخابات، فيما قال الأخير إن الحزب الديمقراطي يستغل نفوذه في مجلس النواب للإطاحة به، ووضع كلا الرجلين ما يحدث في سياق يقين الآخر بضعف حظوظه بالفوز.
.
وكالات