تحدث مركز أبحاث إسرائيلي في تقديره الاستراتيجي، عن اختيار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مسار التحول النووي العسكري، مؤكدا أن توجهات وطموح أردوغان يحمل تهديدا ليس فقط لدول المنطقة بمن فيهم “إسرائيل”، بل للقوى العظمى العالمية.
وأشار “مركز بحوث الأمن القومي” التابع لجامعة “تل أبيب” العبرية، في تقديره الاستراتيجي، إلى تصريحات أردوغان مؤخرا، والتي تناول فيها بشكل “علني ومباشر وواضح، لأول مرة إمكانية أن تختار تركيا مسار التحول النووي العسكري”.
وأوضح التقدير أن “تصريحات أردوغان تعكس رؤيته للوصول إلى قدرة نووية كتعبير عن مدى تطور تركيا”، لافتا إلى أن “الرئيس التركي ومنذ زمن بعيد يولي أهمية لتطوير صناعة السلاح التركي (بهدف التصدير أيضا)، ولبناء قدرات عسكرية مستقلة”.
ونوه المركز في نشرته شبه الدورية بعنوان “نظرة عليا”، إلى أن “تركيا في هذا السياق، تشترط المشتريات العسكرية من جهات خارجية بالمشاركة في المعلومات، وتناول أردوغان في الماضي الإشكالية الكامنة في امتلاك إيران لصواريخ ذات مدى بعيد بينما لا توجد هذه لدى تركيا، وبالفعل، في السنوت الأخيرة طرأ تقدم لصناعة السلاح التركية”.
ونوه إلى أن “الأزمة بين تركيا والولايات المتحدة حول شراء منظومات الدفاع الجوي أس 400 الروسية، وتجميد صفقة إف 35 الأمريكية، دفعت هذه الإشكالية أنقرة للاستناد إلى جهات أخرى لتحقيق قدرات عسكرية متطورة”.
وبرغم أن تركيا تتمتع بمظلة نووية لأنها عضو في الناتو منذ 1952، إلا أنها بحسب التقدير الإسرائيلي “لديها شكوك في مدى التزام باقي أعضاء الحلف تجاهها، وبخاصة واشنطن، علما بأن تركيا من الدول القليلة في أوروبا التي لا يزال فيها سلاح نووي تكتيكي أمريكي، ويقدر بأنه يوجد في قاعدة سلاح الجو في أنجرليك هناك 50 قنبلة نووية من طراز بي 61 بقيادة أمريكية”.
وأضاف: “بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا في 2016، وبعد حدوث محاولات تمرد داخل هذه القاعدة، تصاعدت في واشنطن الأصوات الداعية إلى التفكير ببدائل عن أنجرليك؛ سواء من ناحية استخدام مطارات أخرى في المنطقة لأغراض عملياتية، ومن ناحية استمرار حيازة القنابل النووية التكتيكية في تركيا”.
ورأى المركز، أن “تصريح أردوغان شذ عن تصريحات سابقة له في الموضوع النووي، إذ أنه ألمح في هذه المرة بأن تركيا ستطور قدرات نووية عسكرية، مع العمل أن لتركيا برنامج نووي مدني لبناء نحو 10 مفاعلات للكهرباء، والمفاعل الأول الذي تبنيه شركة روسية حكومية، يوجد في مراحل البناء”.
وأوضح أنه “في الاتصالات التي جرت بين تركيا واليابان، لبناء محطات توليد طاقة نووية، وجدت أنقرة صعوبة في الحفاظ على خيار تخصيب مفتوح لليورانيوم، رغم أنه ليس لديها قدرة كهذه في الوقت الحالي”، معتبرا أن “إصرار تركيا أثار الاشتباه بان لدى تركيا نوايا أن تطور في المستقبل قدرات نووية، ليست للأغراض مدنية”.
كما ينبغي بحسب التقدير، “النظر لتصريح أردوغان في السياق الواسع للأزمة في علاقات أنقرة مع واشنطن في الوقت الحالي، خاصة في ظل المشاعر المناهضة لأمريكا في تركيا، والتي كانت موجودة من قبل ولكنها احتدمت عقب اتهام أنقرة لواشنطن بالتدخل في محاولة الانقلاب الفاشلة، إضافة لدعم واشنطن للقوات الكردية”.
وتابع: “هكذا تآكلت الثقة، التي كانت محدودة على أي حال في أن يأتي الناتو لنجدة تركيا عند الحاجة، فضلا عن ذلك، فلا تثق أنقرة بالضمانات التي لديها وحسب، بل إن سياستها الاستفزازية نفسها تجاه واشنطن تسحب الأرض من تحت هذه الضمانات، إضافة لذلك، تقدر أنقرة أن مكانة الولايات المتحدة في حالة خبو، والعالم يسير باتجاه منظومة متعددة الاقطاب، وهو ما ينبغي الاستعداد له”.
ونبه المركز، أنه “ينبغي قراءة تصريح أردوغان، كجزء من انتقاده الواسع للشكل الذي تدار فيه الساحة الدولية والحاجة إلى إصلاح مجلس الأمن”، مضيفا أنع “هكذا، يمكن أن نرى حديثه بأن الدول ذات القدرة النووية تضع عراقيل غير منطقية في وجه الدول التي ليس لديها قدرة كهذه، وهكذا تخلق نوعا من الاحتكار النووي”.
ونبه إلى اتهام أردوغان الأسرة الدولية بالازدواجية؛ فهي تنتقد البرنامج النووي الإيراني السلمي، بينما تصمت على وجود ما بين 250 – 300 رأس نووي لدى إسرائيل، مبينا أن “تركيا التي ترى بعين سلبية البرنامج النووي الإيراني، لكن نهجها تجاه الموضوع مختلف جدا عن نهج إسرائيل والسعودية، فهي تعتقد أنه يجب التفاوض مع طهران”.
ومع كل ما سبق، يجدب التذكير أن تركيا موقعة على كل المواثيق المركزية المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل، بما في ميثاق منع نشر السلاح النووي (NPT) والبروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وخلص التقدير الإسرائيلي، إلى أن “تصريح أردوغان في الموضوع النووي يغذي أحد المخاوف المركزية؛ بشان مستقبل الشرق الأوسط في وضع تكون فيه عدة قوى عظمى نووية”، مؤكدا أن “التغيير في المستوى الخطابي الذي يأتي من أنقرة، من الانتقاد لإسرائيل والدعوة لنزع السلاح النووي في المنطقة، إلى التهديد بالانضمام لدائرة الدول ذات القدرة النووية لا بأس فيه، هو إشارة تحذير ليس فقط لدول المنطقة بل للقوى العظمى العالمية”.
ونبه المركز، أن ” البنية التحتية بتركيا في الوقت الحالي لا تزال في الموضوع النووي هامشية، كما أن علنية أردوغان في الموضوع، تجعل من الصعب على أنقرة التقدم في هذا الاتجاه، كون نشاطها سيفحص بمزيد من الاشتباه”. المصدر/عربي21