شكّل ملف معتقلي تنظيم الدولة القابعين في سجون مايسمي قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بشمال سوريا، أحد الذرائع الأمريكية لمعارضة أي عملية عسكرية تركية في هذه المنطقة، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أشار لنظيره الأمريكي دونالد ترامب في مكالمتهما الأخيرة، إلى أن بلاده تمكنت من ترحيل ستة آلاف مقاتل أجنبي خلال السنوات الماضية.
وذكر أردوغان أنه يمكن العمل معا بهذا الشأن، وأن بلاده تدرس الخطوات اللازمة لضمان عدم فرار عناصر “داعش” من السجون في تلك المنطقة، لافتا إلى أن الأرقام التي تتحدث عن عددهم بالشمال السوري مبالغ فيها، ولا يتجاوز عددهم الـ10 آلاف.
ومع زيادة الحشود التركية لبدء العملية العسكرية، يتبادر للأذهان تساؤلات مهمة، أبرزها؛ هل يؤثر ملف معتقلي تنظيم الدولة المتواجدين بمنطقة شرق الفرات على العملية التركية المرتقبة؟ وكيف ستتعامل أنقرة مع هذا الملف؟ وما مدى جدية قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في تنفيذ تهديداتها بالإفراج عنهم في حال نفذت تركيا عمليتها؟
وفي هذا الشأن، يرى المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز أن “الولايات المتحدة استغلت مسألة داعش منذ البداية، للتمركز في المنطقة، ثم لتمكين مجموعات إرهابية للسيطرة على جزء كبير من سوريا، ثم الآن تستخدم قضية معتقلي داعش لمنع العملية العسكرية التركية”.
ويؤكد يلماز ،أن “تركيا تعتبر تنظيم داعش منظمة إرهابية، وستواصل اعتقال وتوقيف عناصرها”، مضيفا أنه “ستكون هناك جهود دولية لبحث قضيتهم، أما بالنسبة لعوائلهم، فهذه مسألة إنسانية ويجب النظر إلى قضيتهم من منظور إنساني”.
ويرفض يلماز استخدام هذه القضية للتأثير على العملية العسكرية التركية، قائلا: “تركيا تتصرف كدولة، وليس كما تتصرف المجموعات الإرهابية (بي كا كا/ ب ي د)، وما يحدث أن مجموعات إرهابية تعتقل مجموعات إرهابية أخرى”، بحسب تعبيره.
ملف معتقلي داعش لن يؤثر على بدء تركيا لعمليتها العسكرية
ويشدد على أهمية عدم اقتصار مسؤولية هذا الملف على تركيا، معتقدا أن “تهديد (بي كا كا) بإطلاق سراح معتقلي داعش، يأتي لإخافة الرأي العام، ولكن ذلك لن يجدي نفعا”، وفق تقدير المحلل السياسي التركي.
ويوضح يلماز أن “استخدام هذه القضية، ستنقلب ضد المجموعات الكردية، التي تظهر نفسها أنها قاتلت داعش، وستبطل هذه الدعاية التي روجتها في السابق”، معتبر أن “ملف معتقلي داعش لن يؤثر على بدء تركيا لعمليتها العسكرية لتطهير المنطقة”.
من جانبه، يشير الخبير العسكري العقيد أحمد حمادة إلى أن “معتقلي تنظيم الدولة الموجودين في منطقة شرق الفرات، يبلغ عددهم نحو 5000 عنصر، منهم عدد من الأجانب ودولهم رفضت استقبالهم، لذلك بقوا في سجون قوات سوريا الديمقراطية، التي تهدد كل فترة بتركهم وتخفيف الحراسة عنهم، إذا نفذت تركيا عمليتها العسكرية”.
ويلفت حمادة في حديث لـ”عربي21″ إلى أن “الاتفاق الذي جرى بين ترامب وأردوغان، يقول إنه على تركيا أن تضمن هؤلاء وأن تحافظ عليهم في هذه السجون، وربما محاكمتهم لاحقا”، مرجئا ذلك إلى أن “المحاكمات لا توجد بمنطقة شرق الفرات، وواشنطن ترفض استقبالهم بغوانتانامو، لأنهم يكلفونها مبالغ وجهود كبيرة”.
ويتابع قائلا: “لذلك الاتفاق أفضى بأن تتولى تركيا شؤون هؤلاء المعتقلين، الذين يصنفون بإرهابيين ومتواجدين في منطقة شرق الفرات”، منوها إلى أن “تركيا يمكن أن تجلبهم لأراضيها وتحاكمهم، لأن لديها سجناء من تنظيم الدولة وإرهابيين من توجهات مختلفة”.
الجيش التركي لديه قوات إنزال تعمل خلف الخطوط ووسائل استطلاع
ويضيف حمادة قائلا: “ربما تضم تركيا هؤلاء المعتقلين لباقي المعتقلين لديها، وتقترح أن يكون هناك محاكمات دولية لهم أو محاكمات تركية وفق اتفاقيات تنتج عن المحادثات التركية الأمريكية”، مستبعدا في الوقت ذاته تنفيذ “قسد” تهديداتها بشأن إطلاق سراحهم.
ويؤكد أن “مثل هذه الخطوة سترفع الغطاء عن قوات سوريا الديمقراطية التي تقول إنها تحارب الإرهاب، وستكون حينها تنظيم إرهابي مثل داعش (..)، لكن لا أعتقد أنهم سيتجرؤون على هذا الفعل، لأن لديهم أمل أن يبقى لهم حيز جغرافي، خاصة بعد تأكيد ترامب تمسكه بدعمهم”.
ويختم الخبير العسكري بقوله إن “تركيا تمتلك قوات خاصة، وتستطيع استيعاب ملف معتقلي تنظيم الدولة بالمنطقة التي ستنفذ بها عمليتها”، لافتا إلى أن “الجيش التركي لديه قوات إنزال تعمل خلف الخطوط ووسائل استطلاع، تمنع أن يكون الأمر منفلتا ويسمح بتواجد عناصر داعش خارج السجون”.
.
المصدر/ arabi21