أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز، الأسبوع الماضي، أن تركيا بدأت عمليتها الرابعة للتنقيب عن النفط والغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، مشيراً إلى أن بلاده «ستواصل أعمال الحفر والاستكشاف حتى تعثر على النفط»، ومؤكداً في الوقت نفسه أن أنقرة ستستمر بالدفاع عن حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك في الشطر الشمالي من الجزيرة.
وتتهم تركيا قبرص اليونانية بافتعال الأزمة المتفاقمة شرق البحر المتوسط نتيجة تجاهلها حقوق القبارصة الأتراك في الاستكشافات الغازية والنفطية في مياه الجزيرة، إضافة إلى قرارها المضي قدماً بإجراءات أحادية الجانب في هذا المجال، بدعم من اليونان والاتحاد الأوروبي. حاول الجانب التركي إقناع قبرص بحل القضية من خلال اقتراح عدّة مبادرات دبلوماسية، لكن جميعها رُفض، فقررت أنقرة حينها الاعتماد على قدراتها الذاتية الصاعدة في مجال البحث والتنقيب على النفط، مدعومة بقدراتها البحرية المتعاظمة شرق المتوسط لإعادة رسم خطوطها الحمراء شرق البحر المتوسط، بما يضمن عدم تجاوز الآخرين حقوقها وحقوق قبرص التركية في ثروات الغاز والنفط في المنطقة.
في المقابل، تدين اليونان -ومعها الاتحاد الأوروبي والولايات المتّحدة- موقف تركيا، وتعتبره موقفاً مخالفاً للقانون. ليس من قبيل الصدفة أن تتوحّد هذه الجهات على موقف واحد، إذ إن جميعها يستفيد عملياً بطريقة أو بأخرى سياسياً واقتصادياً من عمليات التنقيب الأحادية الجانب التي تجريها قبرص اليونانية. لكن هناك على ما يبدو هدف آخر أيضاً، وهو تقويض قدرة تركيا على الحصول على مصادر القوّة، ومحاولة عزلها إقليمياً، وهو ما تشير إليه العقوبات الأوروبية وتلويح واشنطن المستمر بعقوبات أقسى ضدّ أنقرة.
على الصعيد الإقليمي يبدو هذا الهدف بارزاً بشكل أكبر من خلال التكتّل الناشئ الذي يضم إسرائيل ومصر واليونان وقبرص اليونانية، وهو تكتّل يهدف إلى حرمان تركيا من الحصول على موارد الطاقة شرق المتوسط، ومنافسة دورها كمركز رئيسي لتوزيع الطاقة إلى أوروبا.
تبدو تركيا عازمة على تحدّي التكتّلات الناشئة ضدّها شرق المتوسط وعدم التراجع عن موقفها ما لم يحصل تغيّر في سلوك قبرص اليونانية وداعميها. ينبع هذا الموقف من عدّة معطيات لعل أهمّها أن اكتشاف النفط والغاز -في حال حصوله- سيحدث تحوّلاً استراتيجياً في المعطيات الاقتصادية التركية، وسيكون لذلك مردود مضاعف على المدى المتوسط والبعيد على قطاعات أخرى، خاصة اذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن أنقرة تدفع حوالي 40 مليار دولار سنوياً فاتورة استيراد مصادر الطاقة من الخارج، أما الأمر الثاني فهو امتلاك تركيا واحداً من أكبر الأساطيل البحرية في البحر المتوسط.
تقوم أنقرة مؤخراً بتحديث القطع البحرية الموجودة لديها بأنظمة تقنية وملاحية وأجهزة رادار وأنظمة تسلّح محليّة الصنع. بعض المصادر تشير إلى أن تركيا ستضيف حوالي 24 قطعة بحرية إلى أسطولها البحري بحلول الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية في عام ٢٠٢٣.
وتعتبر حاملة الطائرات الخفيفة «الأناضول» من أبرز القطع البحرية التي ستدخل الخدمة في نهاية عام ٢٠٢٠، وهي أكبر قطعة حربية تنتجها الصناعات الدفاعية المحلية في تركيا على الإطلاق. تفوق تكلفة «الأناضول» نصف مليار دولار وستكون بمثابة مركز قيادة عائم، وهي قادرة على حمل مقاتلات «أف-٣٥» المتعددة المهام والأكثر تطوراً في العالم. هذه المعطيات تعطي أنقرة القدرة على أن توظّف قوتها البحرية في خدمة مصالحها الاستراتيجية، وتخوّلها الدفاع عن حقوقها شرق البحر المتوسط بثبات ودون تقديم تنازلات.
العرب ـ علي حسين بكير
ملاحظة: المقالة تعتبر عن رأي كاتبها
كل هذه الحجج من قبل اليونان و الاتحاد الأوروبي والولايات المتّحدة لتضعيف تركيا و ابقائها متخلفة و معتمدة على الدول اعلاه. ضلموا تركيا اكثر من مائة عام . ادخلوا كل ما هو غيرلائق الى تركيا لكسروتضعيف الدولة. لكن بعد مجيئ اردوغان تغيرت الامور الان تركيا تسعى الى اللحاق بالدول المتقدمة و الاعتماد على النفس لكن الاعداء من كل الاتجاهات حتى الدول العربية غير راضية من تقدم تركيا لانهم خدم الدول اعلاه.