نشر مركز “ماسكوفسكي كارينغي” الروسي دراسة تحدث فيها عن تزايد مطالب المجتمع التركي بتعزيز مكانة البلاد الدولية. وتعتبر القوة النووية وسيلة فعالة للاقتراب من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي.
وقال مركز ماسكوفسكي كارينغي الروسي، في تقريره ، إنه في حين لا يوجد إجماع أو أي نقاش بنّاء داخل مؤسسات الدولة حول حاجة تركيا إلى حيازة الأسلحة النووية، فإن أردوغان ما ينفك يتطرق إلى هذه المسألة بشكل دوري.
وأفاد المركز بأن التكنولوجيا النووية لا تزال من بين الشروط الأساسية لدخول البلاد إلى نادي القوى الكبرى. لذلك ليس من المستغرب أن تصل طموحات الزعيم التركي أردوغان إلى حيازة السلاح النووي.
ولفت إلى أن تركيا اتخذت خطواتها الأولى في هذا البرنامج في أواخر الخمسينات. ومنذ العام الماضي، قام الأتراك مع روزتوم ببناء محطة أكويو نووية، التي تعد الأولى من نوعها في تركيا. وفي الوقت الراهن، نُشرت معلومات على أعلى مستوى مفادها أن البلاد لم تكن ضد امتلاك الأسلحة النووية الخاصة بها، معتبرة ذلك وسيلة موثوقة لرفع مكانتها من قوة إقليمية إلى قوة عالمية.
الموارد التركية
وأضاف مركز الدراسات الروسي أن نقاط القوة في طموحات تركيا النووية تمكن في رواسبها الهائلة من الوقود، التي تساعد على تجنب الاعتماد على الموردين الخارجيين. ووفقا لوزارة الطاقة التركية، أثبتت البلاد أن احتياطيها من خام اليورانيوم لا تقل عن تسعة آلاف طن، وهي كمية من شأنها أن تحقق الاكتفاء الذاتي من اليورانيوم لصناعة الطاقة الكهربائية لمدة تتراوح ما بين 30 و50 سنة. وفي سنة 2018، استعادت السلطات التركية سيطرتها الكاملة على الاحتياطات، بعد إلغاء رخصة الأمريكيين.
مع ذلك، تأثرت إمكانات البحث التركية في هذا المجال بشكل خطير عندما توفي علماء نوويون بارزون في حادث تحطم طائرة سنة 2007. وفي مجال التكنولوجيا النووية في تركيا، فإن الوضع لا يعد سيئا. ففي سنة 1958، افتتح مركز التدريب والبحث العلمي في إسطنبول أول مفاعل نووي تركي بقدرة 1 ميجاوات.
وأورد المركز أن تطوير الطب النووي لا يساهم في تلميع صورة تركيا وتمكينها من المكافآت المالية فحسب، وإنما يسمح لها باكتساب الخبرة وإنشاء سلسلة لتحويل الخام إلى وقود مخصب وتقنيات الانشطار الذري.
من المفاعل للقصف
نوه المركز إلى أن ذلك لا يعني أن تركيا ستكون قادرة على تحويل إنجازاتها بسهولة بشكل يمكنها من إنشاء قنبلة نووية خاصة بها. وفي الحقيقة، إن العقبة الرئيسية التي تقف في طريقها هي معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، هذا بالإضافة إلى الاتفاقيات الأخرى التي وقعت عليها تركيا في هذا المجال.
وأشار المركز إلى أنه تضاف إلى عقبات السياسة الداخلية والخارجية التي تحول دون تمكن تركيا من حيازة السلاح النووي، الصعوبات التقنية. ويتعلق الأمر بزيادة المكانة الدولية، مما يعني أن الأتراك لن يكونوا راضين عن القنبلة الذرية البدائية. وبالتالي، سيتعين عليهم بناء أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم وتطوير قاعدة بحثية وتدريب المتخصصين وتنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس.
ونوه المركز إلى أن تركيا تمتلك مركبات تسليم: صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، يمكن من الناحية النظرية تعديلها لتلائم الرؤوس الحربية النووية. ولكن لا توجد صواريخ باليستية طويلة المدى وتنافسية حتى الآن. ومن وجهة نظر تقنية واقتصادية، سيتطلب البرنامج النووي من تركيا استثمارات ودراية كبيرة للغاية.
الإطارات تقرر
أوضح مركز ماسكوفسكي كارينغي الروسي أن القيادة التركية تدرك هذه القيود جيدا وتركز حتى الآن على تطوير إمكانياتها البشرية والتكنولوجية من خلال التقنيات النووية السلمية. وفي الوقت الحالي، تدرب روسيا أفرادا من محطة الطاقة النووية والمهندسين النوويين. كما يخضع الأتراك لتدريب لمدة أربع سنوات في تخصص محطات الطاقة النووية والتصميم والتشغيل والهندسة. وإلى جانب التخصصات التطبيقية، يحصلون أيضا على التعليم الأساسي في الفيزياء النووية.
ومن المزايا الأخرى لمحطة الطاقة النووية الروسية لتركيا أن النظائر سيتم إنتاجها كمنتج ثانوي في مفاعلات أكويو. وفي الواقع، لا ينص اتفاق أكويو على نقل التكنولوجيا، على الرغم من أن الأتراك يحاولون إقناع روسيا بتبادل الأسرار التكنولوجية في هذا السياق.
وختم مركز ماسكوفسكي كارينغي الروسي بأن تركيا تمتلك قاعدة واعدة لتصبح قوة نووية غير عسكرية، على الأقل على المستوى الإقليمي. وبفضل تطور الصناعة النووية المدنية وتراكم الإمكانيات الفكرية، ستكون تركيا قادرة على اتخاذ خطوات أولى مستقلة في طريقها نحو القوة الذرية العسكرية، في إطار زمني مقبول. ولكن، في المستقبل القريب، لن يكون لدى تركيا ترسانة نووية خاصة بها.