يربط المؤرخون الأتراك تاريخ علاقاتهم مع ليبيا بعام 1552، حينما وجه سكان ليبيا استغاثات إلى السلطان العثماني، لتحرير طرابلس من فرقة عسكرية صليبية تعرف باسم “فرسان القديس يوحنا”، وتمكن العثمانيون من تحرير العاصمة الليبية منتصف آب/ أغسطس 1551، وأصبحت ليبيا إحدى ولايات الحكم العثماني.
وانتهت العلاقة الليبية مع الدولة العثمانية قبيل الغزو الإيطالي عام 1911، وعزل الاتحاديون السلطان عبد الحميد، ووقعت حكومة الاتحاد والترقي على اتفاقية التنازل عن ليبيا لإيطاليا في مدينة لوزان بسويسرا، ما عرف باتفاقية لوزان 1912.
وعادت العلاقات بين طرابلس وأنقرة في عهد الرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي (1969-2011)، واتسمت بالاستقرار السياسي والتعاون الاقتصادي، ووصل مستوى التبادل التجاري بين البلدين إلى حد كبير حتى عام 2010.
لكن مع اندلاع الثورة الليبية عام 2011، أعلنت الحكومة التركية مؤازرتها للشعب الليبي، وتمثل هذا الدعم بزيارة لرئيس الوزراء التركي في وقتها رجب طيب أردوغان إلى العاصمة طرابلس، والتقى خلالها رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل وعدد من المسؤولين الليبيين الجدد بعد سقوط القذافي، والاعتراف بهذا المجلس كممثل شرعي لليبيا.
وبعد عام 2015، أعلنت تركيا بشكل متكرر دعمها للمجلس الرئاسي الليبي برئاسة فايز السراج، والذي تشكل بعد توقيع اتفاق برعاية الأمم المتحدة، بهدف وضع حد للصراع الليبي.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة مساندته لحكومة الوفاق الليبية برئاسة السراج، وعقب هجوم قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس في نيسان/ أبريل الماضي، قال أردوغان إن “أنقرة ستسخر كل الإمكانيات لمنع المؤامرة على الشعب الليبي”.
وبعد شهور من فشل حفتر من حسم المعارك بمحيط طرابلس لصالح، وقعت تركيا وحكومة الوفاق الليبية في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، على مذكرتي تفاهم، الأولى تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري، والثانية بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.
ويعتقد مراقبون أن الاتفاق الليبي التركي الأخير، يمهد الطريق أمام التدخل العسكري التركي المباشر لدعم حكومة الوفاق الليبية، في مواجهتها المتواصلة ضد قوات حفتر، التي تسعى للسيطرة على طرابلس منذ شهور.