شهدت سوريا خلال عام 2019 تطورات عديدة، أبرزها عملية “نبع السلام” العسكرية التركية بمنطقة شرق الفرات، ومقتل أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي، والهجمات العسكرية والقصف المكثف من جانب النظام بمساعدة روسيا وإيران على إدلب (شمال غرب) في خرق لتفاهمات أستانة.
من العلامات الفارقة كذلك لـ2019 إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في فبراير/شباط الماضي، الانتصار على “داعش” في سوريا، واستعادة كامل الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم.
وحاليًا، ينحصر وجود “داعش” في منطقة البادية السورية تحت حصار من قوات النظام.
ومن الأحداث البارزة أيضا، توقيع ترامب على قرار يعتبر مرتفعات الجولان السورية المحتلة أرضًا إسرائيلية.
ومر السوريون بأيام دموية عديدة في 2019، ويعد 22 يوليو/تموز الماضي هو الأكثر دموية في إدلب؛ حيث قُتل 50 مدنيا في قصف للنظام وروسيا على مدينتي معرة النعمان وسراقب وبلدات بداما وكفرنبل وكفرومة، وكلها تقع ضمن منطقة خفض التصعيد، التي تم التوصل إليها بموجب مباحثات أستانة بين الدول الضامنة (تركيا وروسيا وإيران).
وسيطر النظام وحلفاؤه، في 22 أغسطس/آب الماضي، على مدينة خان شيخون، التي سبق أن استخدم ضدها سلاحًا كيميائيًا، في أبريل/نيسان 2018.
سياسيًا، توصل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، خلال اجتماعهم بأنقرة في 16 سبتمبر/ أيلول، إلى تفاهم على تشكيل اللجنة الدستورية المعنية بكتابة دستور لسوريا.
واجتمعت اللجنة، المؤلفة من 3 قوائم لأول مرة بمدينة جنيف السويسرية، في 30 أكتوبر/تشرين الأول.
– “نبع السلام”
بالتعاون مع الجيش الوطني السوري، أطلقت تركيا، في 9 أكتوبر، عملية “نبع السلام”، لتأمين حدودها الجنوبية عبر مواجهة الإرهابيين وإقامة منطقة آمنة لعودة اللاجئين.
بعد أيام قليلة، سيطرت قوات “نبع السلام” على مدينتي تل أبيض ورأس العين عقب طرد عناصر منظمة “ي ب ك-بي كا كا” الإرهابية منهما.
وسبق هذه العملية انسحاب لنقاط المراقبة الأمريكية من المدينتين.
وبينما العملية مستمرة، وصل نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، إلى أنقرة في 17 أكتوبر، وتم الاتفاق على توقف العملية مؤقتًا، مقابل إعطاء مهلة 120 ساعة لانسحاب عناصر “ي ب ك” من مسافة 30 كم من الحدود السورية التركية.
وخلال العملية، سحبت واشنطن قواتها من 11 قاعدة شمالي شرقي سوريا، مقابل زيادة وجودها في القواعد القريبة من حقول النفط.
وسارعت روسيا، حليفة نظام بشار الأسد، إلى ملء القواعد التي أخلتها الولايات المتحدة.
وتوصل أردوغان وبوتين، في 22 أكتوبر، إلى اتفاق بخصوص المنطقة، خلال اجتماع بمدينة سوتشي الروسية.
وتلا وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، بيانًا مشتركًا جاء فيه أن الشرطة العسكرية الروسية ستُخرج عناصر “ي ب ك” وأسلحتهم حتى مسافة 30 كم من الحدود التركية.
وأضاف أنه سيتم إخراج جميع عناصر “ي ب ك” مع أسلحتهم من منطقتي منبج وتل رفعت بريف محافظة حلب.
وأفاد بأن الجيشين التركي والروسي سيبدآن بتسيير دوريات مشتركة بعمق 10 كم بشرق وغرب منطقة عملية “نبع السلام”.
وأكد أنه سيتم الحفاظ على الوضع الراهن في المنطقة الواقعة ضمن العملية، التي تضم تل أبيض ورأس العين.
وشددت أنقرة وموسكو، في البيان، على أنهما مصممتان على محاربة الإرهاب وتعطيل المشاريع الانفصالية في سوريا.
– مقتل البغدادي
أعلن ترامب، في 27 أكتوبر، مقتل زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي، أبو بكر البغدادي، خلال عملية نفذتها قوة أمريكية خاصة في إدلب.
وقال ترامب، عبر كلمة متلفزة من البيت الأبيض، إنه تم القضاء على ما وصفه بـ”القاتل الوحشي والإرهابي رقم واحد”.
وتابع أن نتائج اختبارات الحمض النووي التي أجروها على أشلاء القتيل أكدت أنها تعود للبغدادي.
وأوضح ترامب أنه شاهد معظم أحداث العملية، مشددًا على عدم وجود خسائر بشرية في صفوف القوة الأمريكية.
وأردف أن “البغدادي قُتل بعد تفجير سترته الناسفة، إثر محاصرته من جانب القوات الأمريكية في نفق مسدود، وكان يبكي ويصرخ”.
– دماء في إدلب
يعتبر الوضع في إدلب هو الأكثر مأساوية في 2019؛ حيث واصلت قوات النظام وروسيا والمجموعات الإرهابية التابعة لإيران استهداف منطقة خفض التصعيد، في خرق واضخ لاتفاق أستانة.
بعد السيطرة على مدينة خان شيخون، في 23 أغسطس/آب الماضي، إثر عملية عسكرية، أطلقت قوات النظام وحلفائه عملية عسكرية، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بدأت بقصف مكثف على قرى وبلدات منطقة خفض التصعيد.
وتلا القصف هجوم بري، في 20 ديسمبر/كانون أول الماضي، وركز النظام قصفه على مدينتي معرة النعمان وسراقب في ريف إدلب الجنوبي.
وتشارك في الهجوم مجموعات إرهابية مدعومة إيرانيًا، والفيلق الخامس، المعروف باسم “قوات النمر”، التي تقودها قوات روسية خاصة، ويدعمها من الجو طيران النظام وحلفائه.
وسقط أكثر من 225 قتيلًا مدنيًا، بينهم 73 طفلاً، في قصف النظام وحلفائه على منطقة خفض التصعيد شمالي سوريا، منذ مطلع نوفمبر.
وأجبرت هذه العملية العسكرية 215 ألف مدني على النزوح، خلال الفترة ذاتها، حسب جمعية “منسقو الاستجابة المدنية في الشمال السوري”.
.
المصدر/ yenisafak