في ضربة عسكرية كبيرة لإيران، أعلن التلفزيون الرسمي العراقي ومتحدث باسم «الحشد الشعبي»، مقتل قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في هجمة جوية أمريكية بالقرب من مطار بغداد استهدفته ومجموعة من قيادات الحشد بينهم أبو مهدي المهندس، الرجل الثاني في الحشد، في ساعة مبكرة من يوم الجمعة ٣ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٩.
واشنطن لم تنتظر طويلاً لتأكيد النبأ الذي سيكون له ما بعده، إذ أكد مسؤول أمريكي فجر الجمعة لرويترز مقتل سليماني والمهندس، قائلاً إن واشنطن بانتظار التأكد من الحمض النووي من الجثتين. في حين قال على الفور عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، الديمقراطي كريس ميرفي، إن «سليماني كان عدوًا للولايات المتحدة». متسائلاً في الوقت نفسه، حول أن «اغتيال سليماني ثاني أقوى شخص في إيران، سيؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية ضخمة محتملة؟»
فمن هو قاسم سليماني، الجنرال الإيراني الذي يصفه الأمريكيون بـ»الرجل الأخطر» في الشرق الأوسط، الذي أدار معركة إنقاذ الأسد في سوريا على مدار أعوام طويلة، وكان له دور كبير في بناء ودعم حزب الله اللبناني، والفصائل الشيعية في العراق، وتنفيذ عشرات العمليات السرية خارج إيران؟
ولد سليماني في عام 1957 ونشأ في قرية رابور، التابعة لمحافظة كرمان، جنوب شرقي إيران، من أسرة قروية فقيرة، وكان يعمل كعامل بناء، ولم يكمل تعليمه سوى لمرحلة الشهادة الثانوية فقط. ثم عمل في دائرة مياه بلدية كرمان، حتى نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
ويعتبر سليماني (٦٢) عاماً، من قدامى المحاربين في الحرب العراقية – الإيرانية في الثمانينيات. وكانت بدايات سليماني أو «الحاج قاسم» كما يسميه الإيرانيون، قد ظهرت بعد انتمائه إلى مجموعة صغيرة تشكلت وقت الحرب العراقية – الإيرانية.
ويعد اللواء سليماني قائداً لـ «فيلق القدس» منذ عام 1998، وفي عام 2011 تم ترقية رتبة سليماني من عقيد إلى رتبة لواء بيد قائد الثورة الإيرانية آية الله خامنئي. وفيلق القدس هو عبارة فرقة خاصة تابعة للحرس الثوري الإيراني مسؤولة عن العمليات العسكرية السرية خارج الحدود الإيرانية. ومنذ نهاية التسعينيات، استطاع سليماني خلال ثلاثة عقود من بناء دائرة التأثير الشيعية التي كان مركزها طهران، وامتدت إلى العراق، وسوريا، ولبنان، وشرق المتوسط، واليمن.
وحول ذلك تقول مجلة «نيويوركر» الأمريكية، إن سليماني عندما تولى قيادة فيلق القدس كان يعمل على إعادة تشكيل الشرق الأوسط لصالح إيران، فمن اغتيال الأعداء إلى تسليح الحلفاء، كان سليماني يعمل كوسيط أحيانا وكقوة عسكرية أحيانًا أخرى، ولأكثر من عقد كان عمله توجيه الشبكات الشيعية المسلحة داخل العراق، وبناء قوة حزب الله في لبنان، وجماعة الحوثي في اليمن، وحتى دعم أبرز حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين كحماس والجهاد الإسلامي.
كانت وزارة الخزانة الأمريكية فرضت عقوبات على شخص سليماني بسبب دوره في دعم نظام الأسد أو في مساندة الإرهاب، ورغم إدارته للعمليات والعملاء حول العالم، إلا أن سليماني يكاد يكون غير مرئي للعالم الخارجي، فهو «الأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط» بحسب «جون ماجير» ضابط الاستخبارات الأمريكية السابق.
منذ بداية الأزمة السورية عام ٢٠١١، بدأ سليماني يسافر بشكل دوري إلى دمشق، وقد كان «يدير المعركة بنفسه» بحسب تقارير استخباراتية أمريكية. وبحسب مسؤولين أمريكيين، فقد كان سليماني يدير معركة بقاء الأسد من دمشق، محاطاً بقادة متعددي الجنسيات الذين يديرون الحرب، بينهم قادة الجيش السوري، وحزب الله اللبناني، وممثلون عن الميليشيات الشيعية في العراق، يتبعهم آلاف المقاتلين الشيعة، الذين استطاعوا مع الدعم الروسي بالسيطرة على معظم المدن والمحافظات السورية التي كانت بيد المعارضة لسنوات.
وربما أكبر نجاحات حاج قاسم فيما يتعلق بالملف السوري هو استخدام نفوذه على العراق للسماح باستخدام الأجواء العراقية في نقل ما يحتاجه الأسد من جنود وعتاد إلى سوريا من إيران عبر العراق طول ٨ سنوات من الحرب. فبالنسبة لسليماني، كان سقوط الأسد يعني القضاء على مشروع التوسع الذي قاده سليماني لخمسة عشر في قيادة فيلق القدس. وفي كلمة له أمام مجلس الخبراء الإيراني عام ٢٠١٣، قال سليماني: «سوريا هي خط الدفاع الأول للمقاومة، وهذه حقيقة لا تقبل الشك».
منذ نهاية التسعينيات، بدأ سليماني في توطيد علاقاته في لبنان، مع حسن نصر الله وعماد مغنية، عندها كانت إسرائيل قد احتلت لبنان منذ ١٦ عامًا، وكان لفيلق القدس بزعامة سليماني وجودًا قويًا للغاية في لبنان، حيث كان دعمهم لحزب الله سببًا رئيسيًا في الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام ٢٠٠٠، والصمود في حرب عام ٢٠٠٦، والسيطرة على مفاصل الدولة اللبنانية في السنوات التي تلت ذلك. واستغلال آلاف المقاتلين في الحزب، بمعركة تثبيت أركان نظام الأسد في سوريا لسنوات عدة.
مع الاحتلال الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣، شكل سليماني ما عرف بفيلق بدر الذي بدأ في الثأر من البعثيين، والمتهم بتصفية كوادر السنة في العراق. كما شكل سليماني جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر، وكلاهما تلقى تدريبات مباشرة من فيلق القدس، ونفذ عمليات طويلة ضد الجيش الأمريكي في العراق حتى خروجه منه. كما استمر دور سليماني في العراق حتى تشكيل ما يعرف بالحشد الشعبي المكون من فصائل شيعية مسلحة، شاركت في الحرب ضد «داعش» منذ عام ٢٠١٤، وشاركت في دعم نظام الأسد في سوريا ضد المعارضة المسلحة.
ومؤخراً، تقول مصادر أمريكية إن سليماني أدى دوراً بارزاً في مواجهة الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام العراقي، إذ زار قائد فيلق القدس بغداد عدة مرات خلال الأشهر الأخيرة، في محاولة منه لقمع التظاهرات وإخمادها، وحماية أذرع طهران في البلاد. وكان معهد «واشنطن» لدراسات الشرق الأدنى أورد معلومات تشير إلى أن مجموعة من الميليشيات العراقية وقادة الأمن العراقيين وضباط في الحرس الثوري الإيراني شكلوا خلية أزمة في بغداد بقيادة سليماني في ٣ من أكتوبر الماضي مهمتها قمع التظاهرات.
بعد اندلاع الصراع في اليمن وانطلاق عاصفة الحزم ضد الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح عام ٢١٤، راجت أنباء عن وجود سليماني في اليمن، غير أن إيران بادرت إلى نفي الخبر. لكن تقارير عديدة اتهمت سليماني بالإشراف على دعم وتدريب وتطوير قدرات الحوثيين.
إذ أكدت رويترز في مارس ٢٠١٧، نقلاً عن مصادرها، أن سليماني أرسل أسلحة متطورة ومستشارين عسكريين إلى جماعة الحوثي، معتبراً «اليمن هو المنطقة التي تدور فيها الحرب بالوكالة الحقيقية وكسب معركة اليمن سيساعد في تحديد ميزان القوى في الشرق الأوسط».
وكان سليماني قد أشاد بالحوثيين وقتالهم للتحالف الذي تقوده السعودية، إذ قال في مايو ٢٠١٥، إن نتائج الحرب في اليمن كرست وأثبتت قدرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على نحو لا يمكن تجاهله. وأضاف أن من سماهم الأعداء «يقاتلون بعنجهية في اليمن، مما أدى إلى هزيمتهم»، معتبرا أن نتيجة الحرب هناك هي تعزيز قوة الحوثيين.
وغير الدور الإقليمي، تقول المصادر الأمريكية، إن سليماني أدار عشرات العمليات في أماكن عديدة وبعيدة مثل تايلاند، نيودلهي، لاجوس ونيروبي وأفغانستان. وأنه منذ عام ١٩٩٨ بنى سليماني لنفسه اسماً «قاتلاً»، حتى قاد الفيلق ليصبح منظمة قادرة على الوصول إلى كل مكان، بفروع تركز على عمليات الاستخبارات، وأخرى للتمويل، وثالثة للضغط السياسي، وغيرها للعمليات الخاصة.
لكن باغتيال سليماني اليوم، يرى مراقبون أن الولايات المتحدة الأمريكية حققت ضربة موجعة لطهران وأذرعها في المنطقة، يرى البعض فيها أنها فتحت باب مواجهة كبيرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة -على رأسها إسرائيل- وبين طهران وأذرعها في المنطقة، ستقود ربما نحو حرب متعددة الأشكال، على جبهات مختلفة.
.
المصدر/ arabicpost
وفي سياق الحديث عن تدابير الحماية، أوضح غونر أن الوباء قد سلط الضوء على أهمية…
تشهد مدينة أنطاليا، الوجهة السياحية الشهيرة في تركيا، تساقط الثلوج الكثيف الذي يؤثر بشكل ملحوظ…
شهدت قرية كوزكوي التابعة لمدينة بوردور حادثة نادرة، حيث ضربت صاعقة سقف منزل في ساعات…
أعلن وزير العمل والضمان الاجتماعي، وداد إشيكهان، أن الحد الأدنى للأجور لعام 2025 سيكون 22,104…
أكد رئيس غرفة تجارة إزمير، محمود أوزجنر، أن العاملين الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور يشكلون…
شارك رئيس دائرة الإحصاءات السكانية في معهد الإحصاء التركي (TÜİK)، متين آيتاش، بيانات مهمة…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.
عرض التعليقات
بئس الحقد وبئس الشر