فجر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مفاجأة، حين أعلن وجود أكثر من مليون شخص من “أحفاد الأتراك” في ليبيا، يريد اللواء المتقاعد خليفة حفتر القضاء عليهم بهجومه المتواصل على العاصمة الليبية طرابلس، ومدن الساحل الغربي.
وقال أردوغان في خطاب أمام البرلمان التركي الاثنين: “في ليبيا ثمة أخوة لنا من العرب ضد حفتر، الذي يريد القضاء عليهم. ومن يستهدفهم حفتر في هذا البلد إخوتنا الأمازيغ والطوارق، وأحفاد بربروس (خير الدين بربروس) وتورغوت رئيس (الأميرال العثماني فاتح طرابلس الغرب)”.
وذكر أردوغان: “إن ليبيا كانت لعصور طويلة جزءا هاما من الدولة العثمانية، وثمة روابط تاريخية وإنسانية واجتماعية تربطنا مع ليبيا والليبيين، ولأجل هذا لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي حيال ما يجري هناك”.
وأضاف: “لا أحد بإمكانه أن ينتظر منا إشاحة وجهنا عن إخوتنا الليبيين الذين طلبوا منا يد العون.. إن نصرة أحفاد أجدادنا في شمال إفريقيا تأتي على رأس مهامنا. إن أبناء كور أوغلو (أتراك ليبيا) وقفوا بجانبنا في أحلك أيامنا بالتاريخ، وعلينا أن نكون بجانبهم في هذه الأيام العصيبة، ونحن على وعي بمسؤوليتنا التاريخية تجاه إخوتنا العرب، والأمازيغ والطوارق في ليبيا”.
وتثير أقوال أردوغان هذه تساؤلات عن ظروف قدوم الأتراك إلى ليبيا، ممن يطلق عليهم حاليا “الكراغلة”، وأعدادهم، وأماكن تمركزهم.
الكاتب والمحلل السياسي الليبي، جمال عبد المطلب يجيب على هذه التساؤلات بالقول، إن ليبيا تربطها بالفعل علاقات تاريخية بتركيا، تعوذ جذورها لعهد الدولة العثمانية.
وأضاف ، أن انطلاق العلاقة بين الجانبين كانت حين استنجد سكان مدن الساحل الليبي بالسلطان العثماني لصد هجمات من سموا فرسان القدس يوحنا (فرسان مالطا)، بعد أن ارتكبوا جرائم في البلاد ومارسوا عمليات سلب وقتل بحق الليبيين في القرن الخامس عشر الميلادي.
وذكّر أن وجهاء وأعيان قبائل من مدن تاجوراء، وطرابلس، ومصراته ذهبوا في حينه إلى اسطنبول والتقوا بالسلطان العثماني، وطلبوا منه النجدة والمؤازرة، فما كان من الأخير إلا أن أرسل قوات من الانكشارية العثمانية، التي تمكنت من طرد “فرسان مالطا” من البلاد، في حين استمر وجود هؤلاء في ليبيا فترة طويلة حتى جاءت إيطاليا واحتلت البلاد.
ولفت إلى أن جزءا “كبيرا جدا” من العائلات والشخصيات التركية موجودة في ليبيا منذ ذلك الحين، ممن كانوا يسمون “أبناء السلطان” أو “الكراغلة الانكشاريين”، وتمركزوا تحديدا بالذات من مدن الساحل، مشددا على أن غالبية سكان مصراته الحاليين هم من أصول تركية، فيما يتوزع آخرون بين طرابلس والزاوية وزليتن ومدن أخرى.
قنصل تركيا السابق في بنغازي، سعيد أكين أكد وجود أعداد كبيرة من الأتراك الليبيين حين قال إن اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مارس التطهير العرقي ضد “الأتراك النبلاء” في ليبيا، وقام بطرد عشرات الآلاف من شرق البلاد، إلى الغرب حيث تسيطر حكومة الوفاق المعترف بها دوليا.
وأضاف في الحوار المطول الذي أجرته معه صحيفة “Türkiye Gazetesi”، وترجمته “عربي21″، أن حفتر مارس التطهير العرقي ضد “النبلاء الأتراك”، وقد تسببت هذه السياسة الممنهجة في مغادرتهم المنطقة الشرقية، وغالبيتهم أصولهم من مصراتة، بسبب أعمال القتل والنهب والتهديد التي مورست بحقهم.
وأشار إلى أن عدد المهاجرين من تلك المنطقة من “النبلاء الأتراك” تجاوز الـ100 ألف مواطن، دون أن يحدد أرقام الليبيين الأتراك في مدن الغرب.
وتشن تلك القوات، منذ 4 أبريل/ نيسان الماضي، هجومًا للسيطرة على طرابلس، مقر الحكومة الشرعية؛ ما أجهض جهودًا كانت تبذلها الأمم المتحدة لعقد مؤتمر حوار بين الليبيين.
وبدعم من المنظمة الدولية، تستضيف برلين، الأحد المقبل، قمة دولية موسعة، في محاولة للتوصل إلى حل سياسي للنزاع الليبي.
.
المصدر/ arabi21