فرنسا الغارقة في دعم «أمير الحرب الليبي» خليفة حفتر تتهم اليوم تركيا بتعميق الأزمة هناك، وتبلغ الاتهامات مداها بين باريس وأنقرة، فتقول الأولى إن الثانية نكثت تعهداتها بمؤتمر برلين إزاء ليبيا، وترد الأخيرة باندهاش وتتساءل: من «يلقي الدروس بشأن ليبيا؟».
«أردوغان لم يحترم كلامه لوقف التدخل الخارجي»، يقول الرئيس الفرنسي، ويوغل الأخير في اتهامه أنقرة بإرسال «سفن حربية ومرتزقة» إلى البلد الأفريقي.
ويصف ماكرون، خلال لقاء رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس «وثيقة ترسيم الحدود بين تركيا وليبيا» بأنها باطلة لا تحمل أي سند قانوني أو سياسي.
ساعات قليلة، وترد الخارجية التركية وتقول إن ماكرون «حاول خلق أجندة جديدة بادعاءاته العارية عن الصحة تجاه تركيا، وهو من استقبل في قصره خلال مناسبات عدة إرهابيين يهددون وحدة ليبيا»، وفق بيان خارجية أنقرة.
وما يحمل فرنسا على أفعالها، بحسب الخارجية «المطامع في الحصول على مصادر الغاز الطبيعي في ليبيا».
أردوغان في تصريحات أشد حدة يعلق بأن «الذين يدعمون الجنرال الانقلابي خليفة حفتر بالمرتزقة من جميع أنحاء العالم، ويقدمون له مختلف أنواع الأسلحة، ينتقدون تركيا «بلا خجل».
الرئيس التركي، اعتبر كذلك خلال كلمة له باجتماع موسع لرؤساء فروع حزب العدالة والتنمية، في العاصمة أنقرة، أن «الوقوف في صف الانقلابي حفتر بدلا من الحكومة الشرعية والشعب خيانة للديمقراطية»، وفق «الأناضول».
لم يكتف بذلك، بل شدد أنه «لا يحق لأحد توجيه انتقادات إزاء الموقف التركي من ليبيا، وخصوصا أولئك الذين يدعمون بارونات حرب أياديهم ملطخة بالدماء»، وفق تعبيره.
الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، آنييس فون دير مول، ذهبت عبر وسائل إعلامية لترديد ما جاء به رئيسها، وقالت «إن تركيا تنتهك المتفق عليه حديثا في برلين بشأن الأزمة الليبية، وإن بلادها رصدت سفنا وبارجات حرب أرسلت بها تركيا لإشعال الوضع هناك».
ترمي فرنسا باتهاماتها «متناسية دورها في إرسال صواريخ جافلين إلى ليبيا»، هذه المرة ينتفض مندوب ليبيا بمجلس الأمن الطاهر السني من مقعده. ويخاطب السني المندوبة الفرنسية: «لقد تناسيت أن اسم دولتك ذكر في خرق حظر السلاح، وأهمها دعم حفتر بصواريخ جافلين»، ويسأل الأخير أمام الملأ نظيرته: «هل أخذتم موافقة مجلس الأمن بخصوص ذلك؟».
فرنسا معنية بسلم ليبيا واستقرارها، تصر الأخيرة، لكن سرعان ما تخرج «ماضيها» بعد حاضرها إلى سقف العلن، ويعلن أردوغان أنه طلب خلال جولة أفريقية، وثائق من رئيس الجزائر تثبت «قتل فرنسا خمسة ملايين جزائري بغير حق».
بل ويضيف أردوغان أنه سيعرض الوثيقة «المأهولة» على الرئيس الشاب «الجاهل لتاريخ بلده الأظلم» في الجزائر، بعد أن أخبره نظيره الجزائري عبد المجيد تبون بأفعال فرنسا في حقبة الاستعمار.
خلاف دبلوماسي وتبريرات إعلامية، تحاول باريس لفت الأنظار عن دعمها الواضح لحفتر، رغم اعترافات سابقة، ويقول إعلامها إن «ليبيا على مشارف استعمار عثماني».
ترد تركيا بأن أيادي فرنسا «ملطخة بدماء الليبيين»، بل وتعتبر أن «المستعمرة الأفريقية» هي التي أججت أزمة هذا البلد منذ 2011. تمتد الاتهامات من فرنسا إلى تركيا ومن تركيا إلى فرنسا، وليبيا كلمة السر هذه المرة، وقبلها عدة كلمات وكلمات، إلى أن تقيم إحداهما الحجج الإعلامية الأكثر إقناعا على صاحبتها، في إطار تأسيس رأي عام، وعلى كل فإن الغربال لا يحجب الشمس.
,