الأعنف منذ الأزمة.. هكذا قرأ مراقبون خطاب الرئيس أردوغان الأخير حول إدلب
قرأ مراقبون أتراك، خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنه كان الخطاب الأعنف بشأن التوتر المتصاعد في إدلب، مشيرين إلى أنه شكل مرحلة جديدة في الاستراتيجية التركية تجاه المسألة السورية.
وقال الكاتب التركي، سيدات أرغين، إن أردوغان في خطابه أمس الأربعاء حول إدلب، كان أكثر صرامة، مشيرا إلى أنه كان خطابا تصعيديا ليس فقط ضد النظام بل وروسيا أيضا.
هجوم قاس على روسيا
وأشار في مقال له على صحيفة “حرييت” ، إلى أن أردوغان قد عبر بوضوح عن مسؤولية روسيا عن مجريات ما يحدث في إدلب، وسبق له أن اتهم نظام الأسد بالمسؤولية عن الهجمات في إدلب، وكان يتعمد تجاهل ذكر مسؤولية روسيا حول ما يحدث على الرغم من أن طائراتها كانت تنفذ الجزء الأكبر من الغارات الجوية التي أدت لمقتل عدد كبير من المدنيين.
وأضاف أن أردوغان في خطابه، كان واضحا للغاية، وحوّل الدفة باتجاه روسيا وانتقدها بعبارات قاسية للغاية، بل وأضاف إليها الدور الإيراني في الأحداث الجارية في الشمال السوري.
وأوضح أن الثلاثة المسؤولين عن الوضع المأساوي في إدلب، هم: النظام، وروسيا الداعمة له، والمليشيات الإيرانية، الذين “يهاجمون السكان المدنيين باستمرار، ويرتكبون المجازر، ويسفكون الدماء” .
وأشار إلى أن أردوغان اتهم روسيا كذلك بـ”إرغام سكان المنطقة على التحرك نحو حدود تركيا”، ولذلك فليس من الصعب التنبؤ بأن تصريحاته ستثير دهشة الكرملين وطهران.
مهلة لنهاية الشهر
أما الجانب الآخر من الخطاب، فأشار الكاتب، إلى أن أردوغان كرر ذكر مهلته للنظام السوري مرة أخرى، لتكون قبل نهاية شباط/ فبراير الجاري، ولكنها كانت أكثر شدة من الأسبوع الماضي في التأكيد على استخدام الخيار العسكري لطرد قوات الأسد من منطقة خفض التصعيد.
ولفت إلى أن مهلة الرئيس التركي واضحة، أي أن أنقرة عازمة على طرد قوات الأسد من المناطق التي استولى عليها في عملياته التي انطلقت منذ آب/ أغسطس الماضي.
ونوه الكاتب إلى أن السؤال المطروح حاليا، هو: ماذا لو لم ينسحب النظام قبل 29 شباط/ فبراير الجاري، حيث تنتهي المهلة بعد نحو أسبوعين؟ مشيرا إلى الخشية من التصادم مع روسيا التي تتواجد إلى جانب النظام السوري في إدلب.
بالإضافة إلى ذلك، أشار الكاتب إلى تهديدات أردوغان حول نطاق الرد على النظام السوري في حال تعرض الجنود الأتراك للخطر مرة أخرى، لافتا إلى أنه من الواضح أن تركيا رسمت استراتيجية جديدة بإمكانية الرد ليس فقط في إدلب، بل في كافة أماكن السيطرة الجغرافية للنظام السوري.
المجال الجوي بإدلب
الجانب الآخر والجدير بالملاحظة من خطاب أردوغان، هو المجال الجوي لإدلب، والتي أشار فيها إلى أن “الطائرات التي تضرب البلدات في إدلب لن تعد قادرة على التحرك بحرية كما قبل”.
وأضاف الكاتب التركي أن روسيا هي التي تسيطر على المجال الجوي السوري في غربي الفرات وفي إدلب، ولا يمكن للمقاتلات التركية أو الهليكوبتر استخدام المجال الجوي في الشمال السوري دون إذنها.
وأوضح أن حديث أردوغان، تضمن رسالة مفادها أن حرية الحركة للطائرات الحربية الروسية والسورية سيتم تقييدها بشكل ما.
واستبعد الكاتب التركي، أن القصد من تصريحات أردوغان هو أنه يريد المشاركة مع روسيا باستخدام المجال الجوي في إدلب، متسائلا بالوقت ذاته: “هل الهدف إغلاق المجال الجوي في المنطقة الآمنة التي ستحددها تركيا في الشمال السوري أمام طائرات روسيا والنظام؟ أم أنها رسالة لإعلان أن الطائرات الحربية التركية ستدخل المجال الجوي لإدلب؟”.
في سياق متصل، لفت الكاتب التركي، إلى أن إحدى مفاجآت أردوغان في خطابه، هي تحذيره لجماعات المعارضة المسلحة في إدلب، والتي قال فيها: “لن نتسامح مع الذين يتصرفون بشكل عشوائي ويعطون للنظام الذرائع لكي يشن الهجمات في إدلب”.
ورأى الكاتب أن المقصود هنا ليست فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا، بل كانت رسالة واضحة إلى هيئة تحرير الشام التي تصنفها الأمم المتحدة كيانا إرهابيا، وليست طرفا في اتفاق سوتشي.
ورجح أن رسالة أدوغان تعني أن تركيا ستقوم بإجراء ما يلزم ضد الهيئة التي تهيمن على مساحة كبيرة في إدلب، وهي خطوة تركية جديدة.
ولفت الكاتب إلى أن حديث أردوغان حول المعارضة السورية الموالية لتركيا، رسالة إلى روسيا، أنه مثلما نكبح جماحها في الميدان، فالأمر ينطبق أيضا على قوات النظام، وهي رسالة من الممكن أن ترسي أساسات محاولة جديدة لوقف إطلاق النار في إدلب.
وختم الكاتب بالقول، إنه على الرغم من الخطاب القاسي لأردوغان والذي يزيد التوتر في إدلب بسبب التأكيد على اللجوء للخيار العسكري، فإن قنوات الحوار مع روسيا ما زالت مفتوحة، في إشارة إلى المكالمة الهاتفية مع الرئيس فلاديمير بوتين، والزيارة المرتقبة للوفد التركي الذي سيصل إلى موسكو.
مساومة بين “تحرير الشام” و”النظام السوري”
بدوره قال الكاتب التركي، محرم ساريكايا، إنه بدءا من أمس الأربعاء، بدأت تركيا في المسألة السورية مرحلة جديدة، موضحا أن خطاب أردوغان يؤكد أنه إذا هاجمت قوات دمشق القوات التركية مرة أخرى، فلن يتبع سياسة “الرد” بل “التدخل العسكري”.
وأشار في مقال على صحيفة “خبر ترك“، إلى أن أنقرة تشعر بالانزعاج الشديد من هيئة تحرير الشام التي انسحبت من مدينة سراقب، وحاولت نقل الصراع نحو مركز مدينة إدلب.
وأضاف أن هيئة تحرير الشام تتصرف بمفردها، ولا يربطها أي صلة بالقوات التركية والجيش الوطني السوري، مشيرا إلى أن أنقرة قررت عمل ما يلزم ضد تلك الهيئة التي لها ارتباطات بتنظيم القاعدة.
ولفت الكاتب، إلى أن تصريحات أردوغان، تشير إلى أن المباحثات الهاتفية التي أجراها مع الرئيس بوتين صباح أمس، لم تكن إيجابية، مستدركا بالوقت ذاته أن ذلك لا يعني أن الحبال بين موسكو وأنقرة قد انقطعت.
وأشار إلى أن وزيري الخارجية والدفاع التركيين، سيتوجهان إلى موسكو، وستتمحور نقاشاتهما مع الروس حول آلية التخلص من هيئة تحرير الشام، مقابل إخراج النظام السوري من منطقة خفض التصعيد.