تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بضرب قوات النظام السوري في أي مكان ردا على “اعتداءاته”؛ هو تعهد لا يمكن تجاهله بعد الحشود الضخمة للجيش التركي في إدلب؛ تبعها هجمات قاتلة لقوات المعارضة والمدفعية والصواريخ التركية على قوات النظام السوري.
موقف دولي مساند لتركيا
ليست الحشود التركية السبب الوحيد لدفع النظام السوري لمراجعة حساباته السياسية بل المخاوف من اتساع نطاق المواجهة لتشمل روسيا وأمريكا؛ فالناتو والولايات المتحدة الأمريكية وعلى نحو غير متوقع دعمت الموقف التركي في إدلب؛ بتصريحات الأمين العام لحلف الناتو فينس ستولتنبيرغ قال فيها: “ندعو نظام الأسد، وروسيا التي تؤيد الأسد إلى وقف الهجوم، والالتزام بالقانون الدولي فورًا”؛ فتركيا لم تعد تحتمل موجات لجوء جديدة؛ وأوروبا والناتو يدركان خطورة التخلي عن تركيا في هذا الظرف الصعب على التوازن والاستقرار غرب آسيا والمتوسط.
رغم الموقف الروسي المتواطئ إلا أن هواجسها من فقدان الشريك التركي وتعاظم الدور الأمريكي في سوريا؛ دفعها إلى إعادة التأكيد على آليات التعاون مع تركيا
تصريحات ستولينبيرغ تطابقت مع تصريحات المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الناتو كاي بيلي هاتشسون استبقت فيها اجتماعات وزراء دفاع دول حلف الناتو في بروكسل بقولها: “نحن مصممون بكل حزم على دعم تركيا في هذا الوضع، وسنطلب من روسيا وقف الدعم للأسد”؛ تصريح حسم المواقف الأوروبية المتباينة من تركيا.
رد فعل واشنطن والناتو السريع قدم قوة دفع للتحرك التركي السياسي والعسكري لاستعادة التوازن ومواجهة هجمات النظام المدعوم بموقف روسي متواطئ؛ فرغم دعوات أنقرة المتكررة لموسكو للضغط على النظام السوري للالتزام باتفاق سوتشي لمناطق خفض التوتر؛ سارعت موسكو إلى استغلال غياب الحلفاء الأوروبيين والأمريكيين بالضغط على تركيا للقبول بأجراء تعديلات تتناسب مع التقدم الذي أحرزه النظام بسيطرته على طريق دمشق حلب (ام 5 وام4 ) وعدد من البلدات والمدن أبرزها معرة النعمان وسراقب متجاوزة بذلك بنود الاتفاق الذي شاركت فيه وقدمت ضمانات لاستمراره.
موقف روسي متواطئ
الموقف الروسي المتواطئ كشفته مناورات الوفود الأمنية الروسية التي زارت أنقرة في 8 شباط (فبراير) الحالي بعد ضغوط دبلوماسية تركية قابلتها موسكو بضغوط عسكرية؛ فالتحرك الروسي تجاه أنقرة ترافق مع هجمات قاتلة لقوات النظام على نقاط المراقبة التركية في 2 شباط (فبراير) الحالي أوقعت 4 إصابات قاتلة تبعها هجمات في 8 شباط (فبراير) أوقعت 6 إصابات قاتلة بالجنود الأتراك.
الموقف غير المتوقع لدول حلف الناتو أحرج موسكو ودفع وزارة الدفاع الروسية إلى تحميل تركيا مسؤولية التدهور الأمني الحاصل بالقول: إن الحشود التركية الكبيرة في سوريا هي من تسبب باندلاع المواجهات؛ نافية بذلك مسؤولية النظام السوري عن خرق اتفاق خفض التصعيد.
ليست الحشود التركية السبب الوحيد لدفع النظام السوري لمراجعة حساباته السياسية بل المخاوف من اتساع نطاق المواجهة لتشمل روسيا وأامريكا؛
رغم الموقف الروسي المتواطئ إلا أن هواجسها من فقدان الشريك التركي وتعاظم الدور الأمريكي في سوريا؛ دفعها إلى إعادة التأكيد على آليات التعاون مع تركيا بالإشارة إلى استمرار جهود وفودها الأمنية مع الأتراك لإيجاد حل للأزمة على أمل أن لا يتدخل الناتو ليصبح شريكا مباشرا في مناطق خفض التصعيد في إدلب؛ بسبب حسابات مغامرات روسية غير محسوبة ومدروسة بدقة.
ختاما: تهديد الرئيس التركي بتوسيع دائرة الاشتباك جدي إلى حد كبير؛ إذ جاء بعد استنفاد أنقرة كافة الوسائل الممكنة لوقف الهجوم سواء من خلال الضغط الدبلوماسي على موسكو الذي قابلته بضغط عسكري مفضوح؛ أو من خلال الحشود التركية الضخمة لردع قوات النظام؛ تهديد بات ضروريا لاستعادة التوازن المفقود مع الشريك الروسي المراوغ.
.
بواسطة/ حازم عياد