هذه رسائل روسيا من استهداف الجنود الأتراك بإدلب ومصير علاقاتهما

شكلت حادثة استشهاد  33 جنديا تركيا وإصابة آخرين مساء الخميس، باستهداف جوي من قوات النظام السوري على القوات التركية بمدينة إدلب؛ تطورا خطيرا على العلاقات بين أنقرة وحليف نظام بشار الأسد الرئيسي (روسيا).

وجاءت الحادثة بعد خلافات كبيرة بين موسكو وأنقرة بشأن هجمات النظام السوري بإدلب، وما خلفته من قتلى بصفوف القوات التركية الموجودة في نقاط المراقبة المتوافق عليها ضمن اتفاق سوتشي، الذي ساهم في إنشاء مناطق خفض التصعيد بالشمال السوري.

وفي هذا الإطار، قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إن الضربة الجوية ضد القوات التركية، وحجم أي رد من أنقرة، “قد يعرض العلاقة بين روسيا وتركيا للخطر مرة أخرى”، كما حدث بعد أن أسقطت تركيا طائرة عسكرية روسية في المنطقة عام 2015.

 

الرسائل الروسية

وتوقعت الصحيفة أن “يكون قرار تركي مؤقت يسمح لقوات النظام بالسيطرة على الطرق السريعة الاستراتيجية، التي تربط معاقل النظام ودمشق بحلب؛ مقابل وقف الهجوم”، مضيفة أنه “قد تضطر أنقرة إلى التنازل عن بعض الأراضي التي تسيطر عليها في إدلب لنظام الأسد”.

 

وأشارت إلى أن تركيا اقترحت بالفعل إنشاء منطقة آمنة بالقرب من الحدود لحماية اللاجئين ومنعهم من اللجوء إلى أراضيها، معتقدة أن “هذه المنطقة ستمنحها ذريعة لمواصلة إدخال القوات التركية، ومن ثم التأثير في سوريا بعد انتهاء الحرب”.

ورأى محللون أتراك أن الأزمة مع روسيا بشأن التوتر الجاري بإدلب، وصلت لمرحلة أعمق بكثير من أزمة إسقاط الطائرة الروسية عام 2015، مشيرين إلى أنه “بعد مقتل 33 جنديا تركيا، فإن الميدان السوري دخل مرحلة جديدة”.

وحول الرسائل الروسية من الضربة المباشرة لتجمع عسكري تركي بإدلب، قال مركز جسور للدراسات في ورقة بحثية اطلعت عليها “عربي21″، أنها متمثلة في ثلاث رسائل، الأولى: “اختبار مدى قدرة تركيا على الرد والانخراط الجاد باستخدام الخيار العسكري، مع قرب انتهاء المهلة التي حددتها لانسحاب قوات النظام السوري”.

اقرأ أيضا

إسطنبول تحت التهديد: تحذيرات من انتشار وباء جديد!

وتابع المركز: “الرسالة الثانية تتمثل في الضغط على أنقرة من أجل القبول بشروط روسيا إزاء الحل بإدلب، سواء كان ذلك عبر السبل الدبلوماسية أو العسكرية”، مضيفا أن “الرسالة الثالثة متعلقة باختبار جدية الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في دعم تركيا، ومن ثم قياس قدرته على الرد ضد تحرك روسيا بالمنطقة، التي تعدّ ضمن دائرة التهديد لمصالح الغرب”.

 

أسباب التصعيد

وأشار إلى أن هذا التصعيد، “يأتي بعد تجاوز تركيا لقواعد الاشتباك في دعم فصائل المعارضة السورية، استخباراتيا وعملياتيا، بما في ذلك الدخول العسكري المباشر بإدلب، واستخدام صواريخ مضادة للطائرات، بشكل رفع تكلفة الحملة العسكرية، وبات يهدد المكاسب التي تم تحقيقها”.

وأكد الأسباب التي دفعت روسيا لتمرير هذه الضربة، يعود إلى “تحدي تركيا لروسيا في استخدام الخيار العسكري كوسيلة موازية لدعم موقفها في المباحثات الدبلوماسية، مثلما فعلت في دعم عملية السيطرة على مدينة سراقب الاستراتيجية”.

ورأى أن “موقف تركيا لا يبدو في أحسن أحواله، نظرا لعدم الحصول على دعم ملموس ومرضٍ من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بشكل ينسجم مع التهديدات الأمنية للمصالح المشتركة المترتبة على استمرار التصعيد بإدلب”.

وبحسب الورقة البحثية، فإن “خيارات تركيا المحدودة قد تقيّد قدرتها على الرد المنفرد؛ لا سيما أنّ أنقرة قد أبدت استعدادا لتوجيه الرد المسبق، ما يضعها أمام مزيد من المخاطر وصعوبة حد فاصل بين الوقاية المطلوبة والتصعيد غير المرغوب”.

وذكر المركز أن “إعلان الكرملين بعد مكالمة بين بوتين وأردوغان، عن الترتيب للقاء عاجل بين الرئيسين، في تراجع عن الموقف السابق بعدم الرغبة في اللقاء؛ يظهر رغبة من طرف موسكو في الحد من الآثار التي يمكن أن يؤدي إليها التصعيد في إدلب، وأن موسكو لا تريد قطع خطوط التواصل مع أنقرة، أو إنهاء التوافقات السابقة بشكل كامل”.

.

المصدر/ arabi21

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.