لاشك أن العنوان صادم للبعض إنما ما سيتلوه من حقائق ربما يكون صادمًا أكثر ليس لكونها جديدة إنما لأنها غدت أكثر وضوحاً وقطعية.
لم تمض سوى بضعة أيام على العملية العسكرية التركية في مناطق إدلب “درع الربيع” إلا وبرز معها حدثان غريبان ربما لم نعدها بهذا الوضوح طيلة سنوات الثورة السورية، هما أقرب لمسمى (فضيحة). الفضيحة الأولى: أكذوبة استهداف الطيران الإسرائيلي لمقار وعناصر حزب الله اللبناني في سوريا طيلة السنوات السابقة، تلك الغارات الإسرائيلية التي اعتادت الظهور عندما يكون نظام الأسد في مأزق حقيقي أمام مواليه وعناصره لإعادة تذكيرهم أنه نظام ممانع حيكت ضده بالفعل مؤامرة كونية بدليل استهداف العدو الصهيوني الغاصب والمحتل له، توقيت تلك الضربات كان خادمًا لنظام بشار الأسد بطريقة لا تُصدّق ومعه بالجملة محور الممانعة (المزعومة) إيران وحزب الله.
كثيرون ربما سقطوا في هذه الخديعة ولربما نددوا في دواخلهم بهذه الاعتداءات الإسرائيلية السافرة سيما أننا في سوريا من أكثر الشعوب العربية حَدّية وحساسية بكل مايتعلق بالعدو الإسرائيلي المحتل للأراضي العربية والمقدسات الإسلامية وحتى المسيحية.
المثير هنا أن البعض وتحت ضغط أوهام هذا النوع من الحمية الوطنية فاته التدقيق في تفصيلات هامة، منها على سبيل المثال لا الحصر: أين توابيت القتلى الإيرانيين وحزب الله وميليشيا الأسد التي كان يتم الحديث عن أرقامها الكبيرة عقب كل غارة إسرائيلية تحصل في الأراضي السورية؟!! لماذا لم نشاهدها؟!! جميع تلك التوابيت لقتلى النظام وحلفائه كانت تظهر عقب معارك طاحنة مع ثوار سوريا فقط لاغير!!! ثم جاءت العملية العسكرية التركية الأخيرة وخلال بضعة أيام فقط بدأنا نشهد أرتالًا من توابيت قتلى حزب الله تعود إلى لبنان ونقرأ أخبارًا عن وساطات تجري مع تركيا للسماح بانتشال بقية جثث الحزب في مناطق إدلب!! أين كانت أرتال التوابيت هذه عقب مئات الغارات المزعومة التي شنها طيران العدو الإسرائيلي طيلة عقد من الزمن؟!! الجواب غالبًا قد اتضح والحقيقة تجلت للباحثين عنها من أصحاب العقول المتحررة من أوهام الدعاية السخيفة لما يسمى (محور المقاومة والممانعة).
الفضيحة الثانية: لطالما تأمل السوريون طيلة سنوات محنتهم أن تمتد إليهم أيادي المجتمع الدولي الذي يرفع لواء الحرية والعدالة ويردد شعارات إنسانية طيلة عقود، فلم نكن نحصد سوى الخيبة تلوَ الخيبة ونتجرع مرار الخذلان ونصدم بعجز دولي كانت مبرراته دائمًا حاضرة، كعدم القدرة على فعل شيئ بسبب الدعم والحماية الروسية لنظام الأسد حيث أن روسيا ثاني قوة عظمى وإحدى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي والمتمتعة فيه بحق النقض (الفيتو) والتي لم تتورع عن استخدامه قرابة 13 مرة لإنقاذ نظام الأسد المجرم وتجنيبه أي عواقب جدية أو حتى وقف الهولوكوست السوري المروع!! أعذار متقنة وتبريرات ربما يصعب معارضتها، إلى أن جاء التدخل التركي الأخير وخلال أيام قليلة فقط شهدنا مالم نشهده طيلة تسع سنوات من تعاجز المجتمع الدولي: أكثر من 2500 قتيلًا لجيش الأسد، تدمير أكثر من مائة دبابة معظمها يعتبر فخر الصناعة العسكرية الروسية دبابة T90، تدمير مطارين عسكريين (النيرب وكويرس) وإعطاب معظم مدارج الإقلاع في مطار حماة العسكري، إسقاط ثمان حوامات قتالية وثلاث طائرات حربية، تدمير منظومات دفاع جوي من طراز S-300 بالإضافة لمئات المدرعات والآليات وناقلات الجند التي تم تحويلها لرماد!! المذهل حقًا أن شبه الإبادة هذه والتي وقعت لجيش الأسد تمت خلال أيام قليلة وبأدوات عسكرية بسيطة كالطائرات المسيرة وسلاح المدفعية ودون حتى الاضطرار للزج بسلاح الجو التركي أو استعمال الصواريخ الاستراتيجية أو أسلحة هجومية متقدمة من الترسانة المتطورة التي يمتلكها الجيش التركي.
لاشك أنكم بدأتم تتساءلون كما أتساءل: المجتمع الدولي الذي تعاطف معنا (لفظيًا) منذ قرابة تسع سنوات والذي تمتلك بعض دوله قدرات عسكرية تفوق القدرات العسكرية التركية لماذا بقي صامتًا متعاجزًا طيلة كل تلك السنوات أمام ما يحصل لنا من مآسي؟!! هل كان سبب تعاجزه حقًا عدم القدرة أم عدم الرغبة؟! المناخات الدولية لم تتغير وروسيا لاتزال عضوة في مجلس الأمن ولازالت تملك حق الفيتو ولازالت تدعم الأسد سياسيًا و عسكريًا وتمد جيشه بأمداد مفتوحة من السلاح والذخيرة ولازال سلاح جوها يغطي قواته على الأرض ومع ذلك وفي بضعة أيام فقط تعرضت قوات الأسد والميليشيات الطائفية المساندة لها لمذبحة مُريعة وبسلاح بسيط!!! أحسب أن الإجابة على هذا التساؤل المشروع غدت واضحة أيضًا.
حقيقتان برتبة (فضيحة) سلط التدخل التركي الأخير الضوء عليهما بطريقة لم تعد تقبل حتى الجدل أو النكران.
صحيح أنه هناك شهداء من كل الأطراف ولكن بالنسبة للخسائر لدى الجيش العربي السوري لا أظن حتى انت تصدق ماتكتب الحرب بها خسائر بكل شيء لكن المبالغة بالخسائر شيء معيب .
حتى الآتراك كانت خسائرهم كبيرة لكن التكتم مطلوب.احترام الرأي والرأي الآخر مطلوب.