تواصل تركيا إرسال المزيد من وحداتها العسكرية إلى إدلب، بالرغم من إعلان وقف إطلاق النار مع النظام، بموجب اتفاق الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أكد أن المناطق الواقعة شمال الطريق الواصل بين حلب واللاذقية ستكون تحت الرعاية التركية، وأن المناطق جنوبه ستكون برعاية روسية.
لكن من جهتها، أعلنت بعض الفصائل رفضها للانسحاب من جنوب طريق اللاذقية، وقالت مصادر : إن “هيئة تحرير الشام” ترفض الانسحاب من مناطق جبل الزاوية الواقعة جنوب الطريق “M4″، التي من المفترض أن تكون تحت الرعاية الروسية، موضحة أنها وبعض الفصائل، أعدت نفسها لمقاومة روسيا، ومنعها من الوصول إلى تلك المناطق.
وحول هذا الموضوع، يرى القيادي في “الجيش الحر” النقيب عبد السلام عبد الرزاق، أن آلية تنفيذ دوريات في عمق المحرر غير واضحة، ولن تسير الأمور بهذه البساطة، فالاجتماعات التقنية الآن بين تركيا وروسيا تحدد ذلك.
وقال القيادي “: إن “التصريحات التركية أشارت إلى أنها سترد على خروقات النظام، ولها الحق بذلك، لكن هذا لن يكون إلا من خلال محاولة اجتياح بري من قبلها، حيث تشير الدلائل إلى أن ميليشيات إيران تحضر لذلك، بعد رصد استقدام المئات من قواتها إلى ريف إدلب خاصة كفرنبل وسراقب”.
من جانبه، يؤكد الصحفي المختص بالشأن التركي أحمد حسن، أن الاتفاق بحد ذاته يحمل بذورا خلافية بسبب ضبابيته، حيث تم الاعتماد في صياغته على المبادئ العامة، وتركت التفاصيل للاجتماعات الفنية، حيث هناك شائعات من كل الأطراف، لذلك احتمالات رفضها واردة من المعارضة أو النظام وإيران، بسبب هذه الضبابية والاعتماد فيها على براغماتية الدولتين، ورغبتهما بعدم التصادم، وليس مراعاة مصالح كل طرف .
وقال الصحفي”: إن “التوافق الحالي هو على الدوريات المشتركة حول طريق “M4″، وهو ليس جديدا، بل تم الاتفاق على مثله سابقا في سوتشي، لكن حين عرضت تركيا الدوريات المشتركة على المعارضة تم رفضها، وربما يتم نفس الإجراء حاليا، لكن بشكل عام هذه الدوريات المشتركة سيكون هدفها ضمان حرية الحركة التجارية والمدنية على الطريق، كما تناقش حاليا في أنقرة هذه الإجراءات”.
معتبرا أن استمرار تركيا في إرسال المزيد من جنودها ليس بهدف المراقبة بل بهدف القيام بعملية عسكرية، وهذه ليست تحليلات بل طلبات تركيا من الناتو والولايات المتحدة، وانعكست هذه التحضيرات من خلال تصريحات مسؤوليها الكبار في هذا الاتجاه سواء الرئاسة أو الخارجية أو الدفاع.
موضحا أن الولايات المتحدة وتركيا تستدرج روسيا إلى الحياد لاحقا، في حال رفض النظام الاتفاق سواء بدفع من إيران أو وحده، كما أن تركيا تسعى لتحويله من مؤقت إلى دائم، وإذا ضمنت بشكل ما حياد روسيا فسيكون هدف العملية العسكرية بعد الاختراق الوصول إلى اتفاق دائم بقوة السلاح التركي، لأن العمليات القادمة تهدد مدينة إدلب وتركيا، وتعتبره قلب الأمن القومي التركي.
وفي هذا السياق، يرى الناشط الميداني مهند درويش، أن لتركيا مصالح في منطقة إدلب حتى الآن، حتى ولو تم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، فتركيا لا تزل غير واثقة تماما بالاتفاق الروسي، وهي تراقب بالضبط ما يحدث في محيط ادلب من استمرار استقدام التعزيزات والتحركات المريبة لقوات الأسد في محيط المنطقة.
وقال الناشط: إن “حشود تركيا إلى إدلب رسالة واضحة لروسيا والنظام بأن تركيا جدية بالتعامل مع قضية إدلب، وهذه الأرتال التركية أيضا في سبيل تعزيز التواجد العسكري في المنطقة بهدف تأمينها، وبهدف شن عمليات لاحقة إن دعت الضرورة، وهذا ما يؤكده مسؤولون أتراك مرارا”.
معتبرا أن الاتفاق بخصوص “M4” من اللحظات الأولى بدا وكأنه غامض، وقد حصل بدون توافق تام، وما نعرفه أن مفاوضات على مستوى وزارتي الدفاع جارية بخصوص إيجاد آلية لتنفيذ اتفاق “M4″، وروسيا تعتقد أن ذلك الاتفاق سيمنحها إمكانية الدخول إلى جبل الزاوية وجسر الشغور وجبل الأكراد مجانا، فيما تعتقد تركيا أن هذا الاتفاق سيحافظ على المنطقة ويتيح فقط لدوريات روسية التحرك على طول 6 كم جنوب الطريق.
ورأى أن هناك قضايا خلافية كبيرة ستحدث حول آلية تطبيق الاتفاق، وقد تؤدي الخلافات إلى عودة الحرب من جديد.
من جانبه يعتقد الباحث في “مركز جسور للدراسات” مجد الكيلاني، أن توافد الأرتال التركية هو لفرض واقع وسيطرة على منطقة إدلب بشكل كامل، وجعلها منطقة مشابهة بمنطقتي غصن الزيتون ودرع الفرات، بالإضافة لجاهزية احتمالية فشل الهدنة وعودة المعارك من جديد، وهو ما يتوقعه الجميع.
وقال الباحث : هناك فقرات غامضة في الاتفاق، ويعجز الجميع عن تفسيرها حتى الآن، خصوصا في مناطق جنوب طريق “M4″، كسهل الغاب وجبل الزاوية والأربعين وأريحا وجسر الشغور والكبينة، التي تعتبر أقوى خط دفاع في كل مناطق إدلب، مع عجز النظام عن التقدم فيها رغم محاولاته الكثيرة، فمن المستحيل أن يتم تسليمها للنظام والروس دون قتال حتى وإن نص بروتوكول موسكو على ذلك.
.
المصدر/ arabi21