نجحت أنقرة وموسكو في تبديد أجواء التصعيد على جبهات إدلب بعد انطلاق عملية “درع الربيع” واحتمالات ذهاب الأمور نحو الانفجارات الأوسع والاحتكاك التركي الروسي المباشر هناك. تفاهمات موسكو قبل 3 أسابيع فتحت الأبواب أمام تحليلات وتقديرات كثيرة حول التسويات في إدلب وسوريا لا نعرف سوى القليل عنها بعد. إيران تشعر أنها المتضرر والمستبعد الأول في هذه التفاهمات فهل ستلتزم بها أم أنها ستحاول تفجير الوضع الميداني هناك إذا ما تأكدت أن ذلك يتم على حسابها؟
إصرار إيران على إرسال المزيد من المجموعات القتالية إلى إدلب هل هو بهدف محاربة النصرة أم القوات التركية أو حماية مصالحها هناك حيث تشعر أنها باتت في خطر؟
ما الذي تعنيه المواقف والتصريحات الأميركية في اليومين الأخيرين حول ضرورة الحوار بين أنقرة وقسد وما هو مدى ارتدادها على طهران ومصالحها السورية؟ وهل ستدعم واشنطن اتفاق موسكو الأخير والقبول بفكرة الآخذ بما تدعو إليه أنقرة حول تمويل خطط النزوح والمناطق السكنية الجديدة فوق كافة الأراضي السورية من عائدات آبار النفط الذي تجلس عليه مجموعات قسد بدعم وحماية أميركية؟
التصعيد الروسي على جبهات إدلب قد يكون يهدف لمحاصرة أنقرة في موضوع مجموعات النصرة، لكنه يهدف أيضا لتفعيل حركة الطرق الدولية السورية في الشمال ودفعها نحو قبول الوضع الميداني الجديد لترجمته إلى تسويات أكبر. هل لذلك علاقة بما قيل أمام الإعلام “هل أبلغ الأسد باتفاق موسكو؟”.
طبخة إنهاء مجموعات النصرة استوت على نار
الكارثة على السياسة الإيرانية في سوريا ستكون مرتبطة إذاً باحتمال حدوث التفاوض الأميركي الروسي التركي بعيدا عن الأضواء لمقايضة مصالح كل طرف في سوريا على حساب طهران ويبدو أن الأمور تتقدم بهذا الاتجاه.
التقارير الإعلامية والأمنية تتحدث عن قلق إيراني متزايد ليس فقط من خطورة التفاهمات التركية الروسية على حسابها في سوريا، بل هي متخوفة من ضوء أخضر أميركي خليجي داعم لهذه التفاهمات، إذا ما كان بين أهدافها إضعاف طهران وإخراجها من المشهد السوري. ما سيطبق على المجموعات المتطرّفة في إدلب هو نفسه الذي سيطبق على الميليشيات الإيرانية هناك، إذا ما كانت تفاهمات موسكو تتقدم فعلا باتجاه مسار جديد في سوريا.
طهران تعرف هنا أن التفاهمات التركية الروسية إذا ما تحولت إلى ثلاثية بمشاركة أميركية فستكون هي أول من يدفع الثمن فيها، لناحية تراجع تأثيرها ونفوذها وتضييق الخناق على تواجدها العسكري في الشمال وإسقاط حلم الوصول إلى المياه الدافئة عبر منفذ استراتيجي على المتوسط يبدو أنه يواجه اعتراض جميع اللاعبين الاقليميين. إصرار إيران على مواصلة إرسال المئات من المقاتلين المحسوبين عليها إلى جبهات إدلب يهدف في العلن إلى دعم النظام وتمكينه من بسط نفوذه هناك في إطار خطط التنسيق المباشر مع موسكو، لكنه يسعى في الأصل إلى مواجهة الطبخة الثلاثية في سوريا التي قد تكون هي أول ضحاياها.
حديث البيت الأبيض الأخير عن ضرورة الحوار بين أنقرة وقسد حول ملفات الخلاف في شرق الفرات هو بين ما يقلق طهران حتما خصوصا إذا ما عدنا قليلا إلى الوراء حول كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلوعن وجود خطة أميركية تهدف لمنع إقامة ممر إيراني في سوريا.
طهران كانت تراهن على التنسيق مع موسكو لتحقيق أكثر من هدف على حساب أنقرة التي حاولت أن تجد المبررات لحماية حصة إيران في سوريا: إيصال قوات النظام إلى مناطق الحدود التركية والتخلص من مجموعات النصرة في المنطقة بعدما فشلت أنقرة في تنفيذ التزاماتها أمام طاولة سوتشي. وتأمين سيطرة روسيا والنظام وميليشياتها على الطرق الدولية في الشمال لفتحها بين المدن الكبرى تحت ذريعة إنعاش الاقتصاد السوري المدمر، أو إلزام تركيا بقبول سوتشي جديد يأخذ بعين الاعتبار التحولات الميدانية والعسكرية ومنها ضرورة سحب أبراج المراقبة التركية من المنطقة، فقلبت أنقرة الطاولة لتقلب معها الحسابات الإيرانية هناك رأسا على عقب.
ما يقلق طهران تحديدا هو غموض مضمون تفاهمات موسكو التركية الروسية الأخيرة واحتمال تغيير أنقرة لاستراتجيتها في إدلب وفي الملف السوري ككل بعدما كانت تبني كل مواقفها وسياساتها انطلاقا من خطط التحرك التركي. ما الذي ستفعله إيران عندما تكتشف أن تركيا قررت تغيير أسلوبها في تبني الدور الإيراني وضرورة تواجده في سوريا، وتنفجر الجبهات ضد مجموعات النصرة ويظهر إلى العلن حجم التنسيق التركي الروسي؟ وكيف ستتصرف عندما تنتقل التفاهمات الثلاثية المحتملة إلى شرق الفرات؟ أو عندما تكتشف أن الورقة الوحيدة التي تملكها وهي الدفاع عن النظام في سوريا لم يعد بمقدورها صرفها أمام الحالة السياسية والميدانية الجديدة؟
من الأرشيف هذه المرة. كان وزير الخارجية التركي يردد قبل أشهر، أن القرار الأميركي في إدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن “لائحة المنظمات الإرهابية ليس مفهوما ومتناقضا ومن شأنه أن يؤدي إلى عدم الاستقرار في منطقتنا”. ميليشيات إيران هي التي تحاصر نقاط المراقبة التركية في إدلب فهل سيبقى مولود جاويش أوغلو على موقفه ورأيه؟
أنقرة دفعت لسنوات ثمن دفاعها عن إيران وسياساتها السورية والثمن كان التضحية بالكثير من أوراقها الاستراتيجية المهمة في حوارها مع موسكو وواشنطن.
يبدو أن القيادة السياسية التركية وصلت أخيرا إلى قناعة أن تغيير سياستها في سوريا لا بد أن تبدأ من تعديل الموقف حول نظرتها إلى إيران في سوريا.
خيارات وفرص إيران تضاءلت إلى درجة تحريك ميليشياتها نحو الحدود التركية وهو ما لن تقبل به أنقرة بعد كل ما قدمته لطهران من خدمات إقليمية في أصعب الظروف التي كانت تمر بها.
فشل جهود طهران بالدخول على خط الوساطة بين تركيا والنظام السوري له أكثر من بعد محلي وإقليمي. الرد الإيراني عبر تحريك الميليشيات في إدلب قد لا يصل إلى درجة المواجهة العسكرية المباشرة بين أنقرة وطهران لكنه يعني بداية صفحة جديدة مختلفة ومغايرة من العلاقات التركية الإيرانية حول الملف السوري. هل سنستغرب إذا ما وجدنا أن مصالح الأطراف المتضررة في إدلب وسوريا دفعتها إلى تنسيق الجبهات. النصرة والميليشيات الإيرانية يدا بيد مثلا لمواجهة التفاهمات الثلاثية؟
الجميع يستعد لعملية خلط أوراق جديدة في إدلب وفي الملف السوري.
تركيا الآن تجاوز عدد مستخدمي منصة «بلوسكاي» 15 مليون مستخدم، ليعكس نمواً ملحوظاً في ظل…
تركيا الآن في لمسة عصرية تعكس صيحات الشباب، ظهر أحمد سعد بإطلالات جديدة تثير الجدل،…
تركيا الآن أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن تعيين السيناتور ماركو روبيو وزيراً للخارجية،…
أعلنت النيابة العامة في إسطنبول، اليوم الخميس، عن فتح تحقيق في مكتب التحقيق في الجرائم…
قال رئيس بلدية إسطنبول الكبري المعارضة أكرم إمام أوغلو، الخميس، "سيشرفني التفتيش" فيما يتعلق…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.