وسائل إعلام تركية ترصد العلاقة بين كورونا وأوروبا و”إبريق الوضوء” و”الشطّافة”

مع نزيف الأرواح الذي يتسبب به فيروس “كورونا المستجد” في معظم دول العالم، وخاصة أوروبا، وعدم التوصل إلى علاج أو لقاح فعال حتى اليوم، بات اتباع أساليب الوقاية منه هو الهم الشاغل للجميع.

وركزت جميع أساليب الوقاية، التي أقرتها منظمة الصحة العالمية والجهات المسؤولة عن الصحة في جميع البلدان، على الاهتمام بالنظافة الشخصية وتطهير اليدين والجسم، للقضاء على الفيروس في مهده قبل أن يدخل جسم الإنسان، وينتقل من شخص إلى آخر.

ولعل الفارق الوحيد بين جائحة “كورونا” وغيرها من الأزمات الكبرى التي مرت على البشرية، هو أنها غيرت بسرعة عادات وأساليب حياة شعوب بأكملها، ومما لا شك فيه أن تلك التغييرات ستترك آثارًا دائمة.

وعلى رأس هذه التغييرات توجد العادات الصحية المطلوبة من كل فرد، وهي غسل اليدين بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية، بحسب تنبيهات منظمة الصحة العالمية.

وحتى مساء الثلاثاء، تجاوز عدد مصابي كورونا حول العالم مليونا و421 ألفا، توفي منهم أكثر من 81 ألفا، فيما تعافى ما يزيد على 301 ألف، بحسب موقع “Worldometer”.

عادة جديدة

ضمن استطلاع رأي عالمي أجرته مؤسسة “وين غالوب” للإحصاءات، عام 2015 على عينة من 62 ألفًا و398 شخصًا حول العالم، أظهرت النتائج أن الذين تم استطلاع آرائهم من الصين واليابان هم الأقل احتمالية في غسل أياديهم عقب استخدامهم دورات المياه.

وأظهرت النتيجة أن 23 بالمئة فقط من المستطلعة آراؤهم في الصين و30 بالمئة في اليابان كانوا يغسلون أيديهم بعد استخدام دورات المياه.

لكن على النقيض، أظهرت الدراسة أنه في تركيا والسعودية مثلا يغسل الناس غالبًا أيديهم “بشكل تلقائي”، عقب استخدامهم دورات المياه.

وجاءت كل من إيطاليا وفرنسا، وهولندا وإسبانيا في مرتبة متدنية بالنسبة لغسيل الأيدي أيضًا، عقب استخدام دورات المياه، بنسب تتراوح بين 50 وبضعة وستين بالمائة، وفقًا لنتائج الاستطلاع.

وحاليًا، تحتل كل من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا مرتبة الصدارة في عدد الإصابات والوفيات في أوروبا بفيروس “كورونا المستجد”.

ممارسات إسلامية

البروفيسورة روز أصلان، الأستاذة الجامعية في شؤون الأديان بجامعة كاليفورنيا لوثيران، قالت في مقال نشره موقع “ذا كونفرزيشن” مؤخرًا، إنه في ظل أزمة كورونا “يمكن للممارسات الإسلامية التي تؤكد على طهارة الجسم أن تساعد في التأكيد على أهمية الممارسات الصحية، بجانب استخدام الصابون أو مطهر اليدين، للحد من إصابة الإنسان بالفيروس”.

ورغم صعوبة التيقن بشكل حاسم مما إذا كانت جائحة “كورونا” ستؤدي إلى تغيير العادات الصحية في أوروبا والصين(مهد كورونا)، وزيادة الوعي بأهمية غسيل الأيدي على الأقل وتطهيرها، وعدد من ينتظمون على هذا السلوك الصحي، إلا أن تقديرات موقع “بلومبيرغ” الأمريكي تزيد من نسبة تلك التوقعات.

فوائد غسل اليدين

أثبتت العديد من الدراسات العلمية الحديثة أن غسل اليدين يوقف انتشار العدوى ويكون فعالاً في منع انتشار بعض الأمراض، وبينها الكوليرا، الإسهال، التهابات الديدان الطفيلية، والأنفلونزا، حسب موقع المبادرة العالمية ليوم غسل اليدين.

وأظهرت دراسة علمية تم إجراؤها في الصين عام 2016 ونشرتها الدورية العلمية “بلوس وان”، أن نظافة اليدين ترتبط بانخفاض احتمالات الإصابة بالأنفلونزا الموسمية والأمراض الشبيهة بالأنفلونزا.

في مقاطعة فوجيان، جنوب شرقي الصين، تم إجراء اختبارات على 100 حالة مؤكد إصابتها بالأنفلونزا الموسمية، وتم التوصل إلى أن عادة غسل اليدين تقلل احتمالات الإصابة بتلك الأنفلونزا تدريجيًا.

“الفزع الشرائي” لورق التواليت

وفي الوقت الذي تصدرت فيه أنباء عن الفزع والنهم الشرائي للعديد من المنتجات الغذائية والصحية عقب جائحة “كورونا”، جاء ورق التواليت على رأس قوائم الشراء في العديد من البلدان، لاسيما الأوروبية والأمريكية، إضافة إلى أستراليا وسنغافوره وهونج كونج، بحسب موقع “بيزنس انسايدر”.

ووصل الفزع العالمي إلى تخزين ورق التواليت، وشهد الأمر أعمال سطو مسلح على ورق التواليت في سنغافورة، إضافة إلى طباعة صحيفة أسترالية صفحات فارغة، تدعو فيها الجمهور إلى استخدامها كورق تواليت، مع بدء اختفائه من الأسواق، وفق المصدر نفسه.

اقرأ أيضا

وزير النقل التركي يكشف عن خطة من 5 مراحل لإعادة إعمار سوريا

لكن هذا الفزع الشرائي نحو ورق التواليت، لم يكن حاضرًا بقوة في العديد من البلدان الإسلامية والآسيوية، نظرًا لاختلاف العادات الصحية.

ففي أغلب البلدان الإسلامية، من المعتاد أن يتم استخدام المياه في تنظيف أعضاء الإخراج في الجسد عقب استعمال دورات المياه، ويعد ذلك جزءًا من “الطهارة”، ولا يتم الاعتماد بشكل أساسي على ورق التواليت في هذا الصدد، وإنما في أحيان قليلة بشكل تكميلي بعد استخدام المياه الآتية مما تُعرف بـ”الشطافة”، وذلك لتجفيف المياه على الجسم.

شيء “مثير للقرف”

وحول عدم استخدام “الشطافات” في التنظيف الشخصي بدورات المياه، وصف الكاتب روز جورج هذا الواقع في الدول الأوروبية، في كتابه “الضرورة الملحة.. العالم المجهول للمخلفات البشرية”، بأنه أمر “مثير للقرف”.

وأضاف في مقابلات صحفية قائلا: “إنه شىء مثير للقرف حقيقة، واقع أن الملايين من البشر يمشون في الشارع، ومؤخراتهم لا تزال تحمل رواسب من البراز، ويظنون أنفسهم نظيفين”.

وشدد على أن ورق التواليت لا يضمن أبداً التخلص من آثار البراز.

وفي معظم البلدان الأوروبية والغربية لا تحوي دورات المياه لديهم على مياه للتنظيف، وإنما ورق التواليت فقط، إلا أن بعض المهاجرين العرب واللاجئين، خلال السنوات الأخيرة، بدؤوا بإدخال ثقافتهم بتركيب الشطافات، لكن الأمر ما يزال محدودًا ولا يشمل معظم الفنادق والمطاعم ودورات المياه العامة.

وبدأت الدعوة إلى استخدام الشطافات في الغرب، قبل أعوام، حين نشرت شركة ATTN الإعلامية الأمريكية لجمهورها، على حسابها بـ”تويتر”، في يوليو/ تموز 2017، فيديو قصير يوضح أن استخدام وراق التواليت ليس هو “الخيار الوحيد”.

تحدي المياه مقابل ورق التواليت

صحيفة “مترو” البريطانية الشهيرة نشرت، في مارس/ آذار الماضي، تقريراً بعنوان “كيفية التأقلم من دون ورق التواليت”، تحدث عن البدائل المطروحة لاستخدام هذا الورق بعد الإقبال الكبير والمعارك التي صورتها عدسات الكاميرات للحصول على لفافة منه، عقب تفشي “كورونا” في العالم.

وذكر التقرير أن ورق التواليت ليس أساسيا في العديد من البلدان، عكس الحال في الغرب، وهنالك بدائل له، ومنها، على سبيل المزحة ورق الصحف، أو المناديل المبللة، إلا أن البديل الأرخص والأكثر أمانًا هو الماء العادي.

وأشار إلى أن نظام الصرف الصحي أو السباكة في العديد من البلدان الآسيوية (معظمها ذات غالبية مسلمة) غير مصمم للتعامل مع ورق التواليت، بالإضافة إلى أن لفائف الورق ليست دائمًا ميسورة التكلفة أو يمكن الوصول إليها.

ولفت التقرير إلى أن السبب الأول وراء تفضيل الكثير من الناس في تلك البلدان المياه على ورق التواليت يعود ربما إلى المناخ وحتى المعتقد الديني، كما أنها (المياه) أفضل من المناديل الورقية وحتى المبللة (الوايبز) من ناحية النظافة، وأكثر لطفًا على البشرة.

التعرف على “إبريق الوضوء”

واجتهد تقرير “مترو” في وصف وسيلة أو خيار موجود لدى أي بيت للبدو، وقديمًا كان في معظم المنازل بالمنطقة العربية، ومعروف في بعض المناطق باسم “إبريق الوضوء” أو “إبريق الحمام”، وهو عبارة عن إبريق بلاستيكي على الأغلب بألوان مختلفة له زلومة طويلة، وكان تستخدم المياه فيه للوضوء والطهارة أو تنظيف أعضاء الإخراج بعض قضاء الحاجة.

وذكر التقرير أن “الشطافة” هي الخيار الأفضل، لكن في حال عدم توفرها، فمن الممكن استخدام إبريق غسل صغير له مصب معروف في بعض البيوت والمطاعم الآسيوية وحتى في المملكة المتحدة، ووصفته بأنه يشبه إبريق الشاي، وله زلومة توجه المياه بحسب الجهة التي يريدها المستخدم.

وبخلاف ذلك يمكن استخدام زجاجة مياه نظيفة أو شيء مشابه، وفق الصحيفة.

وأشارت إلى أنه من الممكن أن تشاهد “رأس دوش” بجوار كرسي المرحاض في بعض الحمامات الآسيوية، وهو “يعمل مثل خرطوم الحديقة الصغير، ويجعل التنظيف سريعا (لأعضاء الإخراج) ومن دون استخدام اليدين، وهو ليس مثل “الدوش العادي”، حيث لا يتسبب ببلل الحمام بالكامل.

وأسهب التقرير في شرح طريقة استخدام الشطافة بداية من خلع الملابس قبل ذلك وكيفية الانحناء لاستخدامها وتوجيه المياه وغيرها من التفاصيل وتعليمات الاستخدام من الألف إلى الياء.

.

المصدر/ A.A

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.