رحلة شفاء أول مريض عربي في تركيا من كورونا

حرارة مرتفعة وسعال وضيق في التنفس وجسم منهك، عوارض صحية قادت الخبير السياسي السوري عمار قحف، رئيس مركز “عمران للدراسات”، لتثبت إصابته بفيروس كورونا كأول عربي يصاب بالمرض القاتل في تركيا.

قحف (40 عاما)، الذي يقيم في إسطنبول، روى قصته مع كورونا وكيف تمكن من هزيمته خلال 25 يوما، متلقيا دعما من أفراد عائلته وطبيب العائلة الذين كان لهم الدور الكبير في دفعه معنويا، فضلا عن الرعاية الطبية الفائقة في المستشفيات التركية.

وبعد خروجه من المستشفى طلب من قحف البقاء في العزل الصحي في منزل 14 يوما، ومن هناك أجاب على أسئلة الأناضول عبر الفيديو، شارحا المراحل التي مر بها، وصولا إلى تماثله للشفاء.

– ظهور الأعراض

“قحف” استهل حديثه بالقول “بدأت الأعراض بالظهور في 9 مارس/آذار الماضي بحرارة مرتفعة، وسعال جاف، وإرهاق شديد بكل مفاصل الجسم، والشعور بالتعب رغم التغذية والصحة الجيدة”.

وأضاف “ذهبت للعمل وأخذت مسكنات، وفي اليوم التالي سافرت بالسيارة لأنقرة من أجل بعض الأعمال، والحمد لله لم أنقل العدوى لأي شخص التقيت معه، حتى زميلي بالسيارة لم يصب بالفيروس”.

ومضى قائلا “ظننت بالبداية أنه مجرد إرهاق وتعب بسبب كثرة مشاغلي ومتاعبي والورشات التي أحضرها، حتى تفاقمت حالتي ولم أستطع النهوض من السرير في 11 مارس”.

وأردف أنه “في 13 من الشهر ذاته، بدأت أعراض أخرى تظهر، وهي ضيق وسرعة في التنفس، شعور بالإغماء وعدم التوازن عند المشي، عندها قررت الذهاب للمستشفى القريب من الحي الذي أقيم به وهو مستشفى باشاك شهير الحكومي، دخلت وذكرت لهم الأعراض”.

– مرحلة العلاج

“سألوني إن كنت قد سافرت، قلت نعم قبل أسبوعين، في تلك اللحظة أخذوا لي أشعة في الصدر وعند معرفة النتيجة الأولية حصل استنفار كامل في غرفة الطوارئ”، قال الخبير السوري.

وأوضح “وضعوني في غرفة منفردة، أبعدوا عني المرضى، الممرضات وضعوا الكمامات وارتدوا ملابس وقاية، وبعدها نقلوني لغرفة منعزلة، وتم إعطائي أوكسجين وعدد من الأدوية الخافضة للحرارة، وأدوية أخرى مع بخار الأكسجين”.

وتابع قحف: “بقيت هناك يومين ونصف، ونقلوني في 16 من نفس الشهر إلى مستشفى حسكي في إسطنبول، وهناك وضعت في قسم خاص، ممنوعا من المغادرة، ووقتها لم أكن أستطيع المشي بسهولة بسبب الإرهاق الشديد وانخفاض نسبة الأكسجين”.

ولفت بالقول “في ذلك الوقت لم تكن حالتي قاسية لدرجة تستدعي العناية المركزة أو التنفس الاصطناعي، ولو أنهم قالوا لي لاحقا أني كنت على حدود ذلك”.

– الأدوية وإرادة الشفاء

وعن مراحل العلاج والأدوية التي تلقاها قال “قحف”: “تم إعطائي مجموعة من الفيتامينات ومقويات المناعة وعدد من الأدوية المرتطبة بفتح أوعية التنفس في الرئتين، ومعالجة أي التهابات مرافقة، وهذا كان الخطر الشديد الآخر”.

وزاد موضحا “بعد نحو 10 أيام بدأت أتماثل للشفاء بحيث أستطيع الجلوس دون أوكسجين، لكن سرعان ما انتكست الحالة وعادت الآلام والحرارة وضيق التنفس، وهو ما استدعى وقتا طويلا للعلاج”.

اقرأ أيضا

الإعلان عن قائمة أفضل الرياضيين الشباب في العالم.. هذا ترتيب…

وعن إرادة الشفاء قال “عمليا الشعور الداخلي كان هناك ضعف، ولكن أريد هزيمة المرض، السبب الأول الرئيسي بأن الله لن يترك مريضا دون شفاء، ولجأت إليه بالدعاء الشديد”.

وزاد “فكرة أسرتي التي تدعمني، والداي وزوجتي وأولادي الذين يتصلون بشكل مستمر، والكم الهائل من الأصدقاء وفي مكان العمل، من كل مكان، كله أعطاني دفعة قوية لأن أستمر بالعلاج وتطبيق تعليمات الأطباء”.

– الكوادر الطبية الفدائية

الخبير السوري تحدث عن الرعاية الطبية بالقول “كانت أكثر بكثير مما توقعت، وأحيي الفدائيين الذين يضعون حياتهم بخطر، من أطباء وممرضين، وحتى من ينظف الغرفة بشكل يومي كلهم يضعون حياتهم بخطر”.

وردا على سؤال حول كيفية قضاء وقته خلال العلاج، أجاب “تلك الفترة كانت صعبة جسديا ومرهقة، صعوبة في القراءة، وصعوبة في تمضية الوقت، لأني لا أستطيع التركيز كثيرا، لا على الهاتف، ولا على شيء آخر”.

– الشفاء من المرض

أشار “قحف” أنه خرج من المستشفى في 6 أبريل/ نيسان الجاري، بعد 25 يوما.

ووصف حالته في آخر أيام العلاج بأنه “بدأ يتحسن عندي مؤشر الأكسجين، فخف اعتمادي على كمامة الأكسجين، وزادت الشهية على الطعام إضافة إلى القيام والتحرك بشكل أفضل”.

كما أوضح “بنهاية المطاف أجروا فحص كورونا ولم ينتظروا النتيجة وقالوا بإمكانك إمضاء الوقت في عزلة بمفردك في البيت دون الاختلاط مع الأسرة لمدة 14 يوما، لأن الحالة تحسنت بشكل كبير، وتنفسك وقدرة الدم على الاكتفاء بالأكسجين عالية”.

– نصيحتي هي الالتزام بالتعليمات

الخبير السوري وجه نصيحة من خلال ما مر معه لجميع المواطنين بالقول “ما أنصحه هو التزام منازلكم، وأخذ الاحتياطات أكثر من اللازم، فهو أفضل وأسلم لكم ولأسرتكم”.

وأضاف “المرض ليس سهلا، وكثيرون في العناية المركزة والتنفس الاصطناعي، وهو ما يزيد العبء على الدولة الكريمة التي أغدقت في عنايتها بالمرضى من مواطنيها والمقيمين فيها، من خلال علاج كامل المواصفات”.

كما أوضح “أتمنى أن لا يمر أحد آخر بهذه التجربة، وأرجو من الجميع الالتزام بالضوابط، وعدم التهاون بأي عارض يأتيكم، سواء حرارة، أو سعال، أو ضيق تنفس، والاتصال والذهاب للمشافي المخصصة لهذا الغرض”.

وختم قحف بالقول “من العوامل التي ساعدتني على تخطي المحنة طبيب العائلة الذي يتابع حالتي وحالة أسرتي باتصالات يومية، وأتمنى أن تمر هذه الجائحة على هذا البلد الطيب بأقل التكاليف المالية والجسدية وأن يشفى جميع المرضى”.

.

المصدر/ A.A

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.