تظهر الممثلة الكوميدية ميس حمدان في إعلان ثياب داخلية للرجال وهي ترقص وتغني مع فرقة من رجال ونساء، والكل يرتدي ثيابا ملونة مبهجة، بشكل يشبه إلى حد كبير أغاني الفيديو كليب المنتشرة.
لا شيء غريب أو خارج عن المألوف؛ لا ثياب ميس ولا تسريحة شعرها أو مكياجها أو أسلوب رقصها؛ ولا حتى الممثل، بطل الأغنية، الذي يشبه في شكل جسده وثيابه وتصرفاته معظم أبطال الأغاني الدارجة. تقريبا كل ما في الإعلان المصور جاء مشابها لما اعتادت عيوننا رؤيته في الأغاني المصورة “الفيديو كليب”.
الغريب كان ما سمعته الأذن هذه المرة.
اعتبر كثيرون أن الاهتمام بإعلان الثياب الداخلية الرجالية الذي ظهرت فيه ميس أمر لا يستحق الوقوف عنده، واستهزأ كثيرون من ترويج ممثلة لسروال داخلي “بوكسر” رجالي.
لكن فاطمة عبدالسلام، وهي مدوّنة مصرية، تعتقد أن سبب انزعاجِ كثيرين من هذا الإعلان، وتدخلِ نواب وجمعية حماية المستهلك لمنعه، كان سببه أن المرأة هذه المرة هي من عبرت عن إعجابها بجسد الرجل، في حين أن عكس ذلك هو ما أصبح مألوفا لدى غالبية أفراد المجتمع.
“الإعلان بصريا دمه خفيف. المشكلة أن بطلة الإعلان عبرت عن رغبتها ولو بشكل غير مباشر. المشكلة أنها امرأة تنظر إلى رجل بشكل جنسي نوعا ما. المجتمع عموما يعتبر أن المرأة يجب أن تظهر بمظاهر العفة؛ ليس لديها مشاعر جنسية أو على الأقل لا يجب إظهار هذه المشاعر إلى العلن”.
وتضيف مازحة: “بعد منع عرض الإعلان أصبحت أخلاقنا محفوظة وعادت ليس فقط 100في المئة بل 110 في المئة.
“الجنس كابوسنا الأكبر”
إحدى نظريات السينما تسمى Male Gaze (أي نظرة الرجل)، وضعتها المنظرة السينمائية النسوية البريطانية، لورا مولفي، عام 1975، وتقول إنه في الإنتاج البصري، في السينما والإعلانات وبرامج التلفزيون، غالبا ما تقدم المرأة على أنها “شيء” يظهر الرجل بمظهر أقوى، في حين أن أفكارها ومشاعرها ورغباتها لا تحظى بالاهتمام بل تؤطر وفقا لنظرة الرجل لها.
قد يكون هذا التفسير قريبا مما حدث في إعلان شركة “قطونيل” الذي تعبر فيه البطلة عن رغباتها من خلال مراقبتها لجارها ومن خلال ذكرها صراحة كلمة تعد من التابوهات ألا وهي “بوكسر”. الرجل هنا أصبح هو “الشيء”.
ليس من الصعب على فاطمة تذكر أمثلة عن تجاوزات لرجال ظهروا على التلفاز ولم تلق أساءاتهم ردة مماثلة لتلك التي أثارها إعلان ميس حمدان.
تقول لي “فقط شاهدي برنامج رامز جلال وتعليقاته الجنسية واستهزائه وتحرشه لفظا طوال الوقت” بضيفاته الممثلات. وتذكّر بواحدة من أشهر أغاني المهرجانات التي أبهرت مصريين من كل الطبقات الاجتماعية – كما تقول – وهي أغنية حسن شاكوش يعبر فيها عن انجذابه لبنت الجيران ويقول لها “هزي خصرك ميلي.. عود عليه القيمة”، وبإعلان شركة مشروبات تروّج لصورة الرجل العنيف “خليك راجل”، وكثير جدا من الأمثلة الأخرى.
تقول فاطمة: “الجنس كابوسنا الأكبر. يمكن أن نفعل ما نشاء لكن بالخفاء. لا تتخذ خطوات حقيقية بخصوص مرض منتشر مثل التحرش، في حين أن هناك من يحبون أن يكونوا أوصياء على البنات واعتبارهن بلا عقل ويحتجن دائما للحراسة والحماية من أي شيء يهدد ما يسمى قيم المجتمع”.
وجلب توقيت عرض الإعلان خلال شهر رمضان مزيدا من التعلقيات بخصوص تأثير هذا الإعلان على “أخلاق المجتمع والأسرة”، في حين أن ما أصبح شائعا في هذا الشهر هو إعلانات شركات الاتصالات الكبيرة في مصر، تدعو الناس لقيم مجتمعية محببة مثل مساعدة الجيران والتواصل مع الأهل والأصدقاء، للترويج لعروضها الجديدة بمساعدة كبار الفنانيين.
.
المصدر/ BBC