5 أسباب اقتصادية واقعية للانهيار التاريخي لليرة التركية لا تلغي نظرية “الهجوم المنظم”

هوت الليرة التركية، الأربعاء، إلى أدنى مستوى تاريخي لها على الإطلاق، وبلغت 7.26 ليرة لكل دولار أمريكي، في ظل الصعوبات التي يمر بها الاقتصاد التركي المتوقف بفعل أزمة كورونا ولأسباب اقتصادية مختلفة، لا تنفي احتمالات تعرضها لهجمات خارجية منظمة كما تقول مصادر تركية رسمية.

نظرية الهجوم

وتصر الحكومة التركية على وجود تدخلات «هجمات» خارجية على الليرة على الرغم من وجود الكثير من الأسباب الواقعية التي تدفع الليرة إلى التراجع، أبرزها توقف الاقتصاد وتراجع دخل الحكومة من الضرائب مقابل المصاريف الهائلة في أزمة كورونا وتراجع دخول النقد الأجنبي للبلاد بفعل انعدام حركة الطيران والسياحة وتراجع التجارة، إلى جانب قرارات البنك المركزي الأخيرة المتعلقة بمزيد من الخفض في سعر الفائدة.

والأربعاء، نقلت وكالة الأناضول الرسمية عما قالت إنها «مصادر مصرفية تركية» قولها إن «بعض المؤسسات المالية التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقراً لها، تواصل محاولات شن هجمات لإضعاف الليرة التركية أمام الدولار»، لافتةً إلى أن «بعض المؤسسات المالية في لندن تقوم بشراء العملات الصعبة من السوق، دون أن يكون لديه أي سيولة من الليرة التركية».

وأوضحت المصادر أن «هذه المؤسسات لم تف بالتزاماتها تجاه البنوك التركية، من الليرة التركية مقابل العملات الصعبة التي اشترتها».

وذكرت أن المؤسسات المالية أبدت تقصيراً بإيفاء التزاماتها رغم تمديد البنك المركزي إغلاق نظام الحوالات المالية إلكترونياً (EFT).

وقالت الوكالة إن «السلطات التركية تنبهت لهذه الهجمات وبدأت إجراءات قانونية ضد تلك المؤسسات»، لافتةً إلى أن «الهجمات الحالية شبيهة بما حدث مطلع العام الحالي»، حيث قال المسؤولون الأتراك وقتها إن الإجراءات التي قاموا بها تسببت بخسائر هائلة لتلك المؤسسات.

وفي أكثر من مناسبة في السابق، اتهمت جهات تركية مختلفة أطرافاً دولية بمحاولة ممارسة ضغوط اقتصادية على أنقرة من خلال التلاعب بالليرة التركية من خلال مؤسسات مالية في بريطانيا، وأشيرت أصابع الاتهام إلى دول كالسعودية والإمارات حاولت ضرب الليرة، لا سيما إبان محاولة الانقلاب والاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية والبلدية التي جرت تباعاً في السنوات الماضية، لكن هذه الاتهامات بقيت غير مباشرة وصريحة من كبار المسؤولين الأتراك.

أسباب اقتصادية

وبعيداً عما إن كانت الليرة التركية تتعرض بالفعل إلى هجمات منظمة من الخارج أو لا، فإن العديد من المعطيات الاقتصادية المنطقية أدت بالفعل إلى تراجع الليرة التركية تدريجياً طوال السنوات الماضية، فبينما كان سعر الصرف يعادل (1.5 ليرة لكل دولار) عام 2010 على سبيل المثال، وصل إلى (حدود 6 ليرات) بداية العام الجاري، إلا أن التراجع شهد تسارعاً كبيراً في الأيام الأخيرة، بحيث انخفضت قيمة الليرة من حدود 6 ليرات مقابل الدولار، إلى حدود 7.26، الأربعاء، وهو ما زاد الشكوك بحصول هجمات خارجية منظمة بالفعل.

ومن أبرز الأسباب على الإطلاق التبعات الاقتصادية لأزمة انتشار فيروس كورونا على نطاق واسع في تركيا والعالم، وما رافقه من قرارات أدت إلى إغلاق الاقتصاد بشكل شبه تام، وبالتالي تراجع قيمة جمع الدولة للضرائب على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، مقابل المصاريف الهائلة التي دفعتها الحكومة في إطار إجراءاتها لمواجهة الوباء وإنتاج وشراء المعدات الطبية وبناء مستشفيات جديدة، إلى جانب تقديم مساعدات مالية إلى ملايين المواطنين المتضررين مالياً بفعل الأزمة.

كما أدت الأزمة إلى تراجع مداخيل الدولة من النقد الأجنبي بشكل حاد، لا سيما بسبب تراجع التجارة الخارجية بشكل كبير بسبب إغلاق المعابر والمطارات وتوقف حركة النقل البحري إلى حد كبير، يضاف إلى ذلك التوقف التام للسياحة والتي كانت تعتبر من أبرز مصادر دخول العملات الصعبة إلى البلاد، حيث يصل إلى البلاد سنوياً قرابة 50 مليون سائح يساهمون بإدخال المليارات من العملات الصعبة، يضاف إلى ذلك توقف حركة بيع العقارات للأجانب والتي كانت أيضاً لإدخال مئات الملايين من النقد الأجنبي شهرياً إلى البلاد.

خفض أسعار الفائدة

تراجع دخول العملات الصعبة وتزايد محاولات الحكومة لتغطية المصاريف المتزايدة أدى إلى زيادة لجوء الحكومة إلى احتياطات النقد الأجنبي في البنك المركزي التركي وهو ما أدى إلى تراجعها بشكل حاد، حيث حاولت الحكومة، طوال الأسابيع الماضية، منع تراجع الليرة طوال الفترة الماضية من خلال ضخ أموال من الاحتياطي الأجنبي في السوق، لكن يبدو أن الأزمة وصلت إلى مرحلة أكبر من إصلاحها بهذه الطريقة.

ويضاف إلى ذلك كله أن البنك المركزي التركي واصل وعلى الرغم من الأزمة سياسة خفض أسعار الفائدة التي حذر خبراء من أنها سوف تؤدي إلى تراجع قيمة الليرة بشكل أكبر، وعلى مدى سلسلة قرارات طوال الأشهر الماضية، وبدعم من اردوغان، خفض رئيس البنك المركزي التركي الجديد قيمة الفائدة لتصل من 24٪ إلى 8.75٪.

وفي محاولة للتقليل من الآثار الصعبة للإغلاق على الاقتصاد والليرة التركية، تعمل الحكومة التركية على وضع خطط مختلفة من أجل إعادة فتح الاقتصاد بشكل تدريجي، حيث يتوقع أن تعود الكثير من المصانع والمراكز التجارية وشركات الخدمات إلى العمل بداية من الأسبوع المقبل، رغم التحذير من احتمال حدوث جولة ثانية من تفشي فيروس كورونا وبالتالي دفع فاتورة باهظة لهذه الخطوة.

.

المصدر/ alquds

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.