تساءل الكاتب كيريل سيمنوف، في موقع “المونيتور“، عن علاقة روسيا بخليفة حفتر، الجنرال المتمرد الليبي، الذي يسيطر على منطقة الشرق، وفي ما إن كانت تنوي رفع الدعم والغطاء عنه.
وقال سيمنوف بمقاله، إنه وفي الوقت الذي لا تريد فيه موسكو رؤية انهيار ما يعرف بالجيش الوطني الليبي التابع لحفتر، إلا أن هناك إشارات عن اصطفافها مع رموز غيره في الشرق الليبي.
ولفت إلى أنه في الوقت الذي تتهم في واشنطن روسيا، بإشعال النزاع في ليبيا التي مزقتها الحرب، من خلال إرسال مرتزقة لمساعدة حفتر، إلا أن هناك إشارات عن تواصل مستمر مع عناصر في برلمان شرق ليبيا على حساب حفتر.
وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية كريس روبنسون، في 7 أيار/مايو الماضي، إن دعم موسكو لحفتر أدى إلى تصعيد في النزاع وتدهور في الوضع الإنساني في ليبيا، فيما قال رئيس برلمان شرق ليبيا نهاية الشهر الماضي، إن خريطته للحل السياسي التي قدمها نهاية نيسان /إبريل الماضي، كتب مسودتها خبراء روس يعملون مع البرلمانيين في ليبيا.
ويكشف الكاتب ما جرى في لقاء مع قبائل شرق ليبيا في 27 نيسان /إبريل الماضي، وعقيلة صالح، رئيس برلمان طبرق، وحديث الأخير أنه لا يكشف سرا عن وجود خبراء روس قدموا له الدعم بعد فشل حفتر في عمليته ضد طرابلس.
وقال رئيس البرلمان حينها إن المبادرة السياسية الروسية تهدف للتفاوض مع رئيس وزراء حكومة الوفاق في طرابلس والتي شكلت برعاية الأمم المتحدة عام 2015.
وجاء اعتراف صالح بدور الخبراء الروس في صياغة خريطة الطريق بعد إعلان حفتر في 27 نيسان /إبريل الماضي، أنه قرر السيطرة على السلطة في البلاد نيابة عن جيشه وليس عن حكومة شرق ليبيا، وهو ما يشكل اعترافا من صالح بانقلاب “صامت” في الشرق الليبي.
ويبدو أن خطة حفتر جاءت ردا على الدور المتنامي لرئيس برلمان طبرق والدعم لمبادرته من بين عدة عوامل.
وخسر حفتر بعض الدعم بعد سلسلة من الهزائم في المعركة على طرابلس، وبدء القوى الخارجية مثل روسيا بالتفكير أن حفتر لن يكون قادرا على حل الأزمة بالقوة العسكرية، ولهذا بات يقف أمام الحل السياسي الذي أعلن في مؤتمر برلين، الذي عقد في كانون الثاني/يناير الماضي.
ولفت الموقع إلى أن الداعمين السابقين لحفتر باتوا ميالين للتعامل مع عقيلة صالح، وعبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية غير المعترف بها في الشرق، وتشجيعهما لفتح حوار مع حكومة الوفاق الوطني والعمل تدريجيا على تهميش حفتر.
ويشير الموقع إلى أن الجنرال حفتر رفض سيناريو التفاوض وخطة صالح للحل، وهو ما دفعه لإعلان نفسه حاكما على ليبيا في محاولة لقلب الطاولة.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رفض في 28 نيسان /إبريل الماضي، تصريح رئيس الحكومة فائز السراج الحديث مع حفتر، كما أعرب عن رفضه بيان حفتر الذي قرر بطريقة فردية الكيفية التي سيعيش فيها الليبيون، بذات الوقت الذي أعلن فيه كذلك دعمه لمبادرات عقيلة صالح.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي عبرت فيها موسكو عن سخط من تصرفات حفتر، منذ إعلانه عن عملية للهجوم على العاصمة طرابلس في نيسان /إبريل 2019.
ووصف لافروف دعوة عقيلة صالح، للحوار الوطني بأنها “تهدف لتشكيل أجهزة حكومية مشتركة تمثل بشكل متساو مناطق البلاد الثلاث الرئيسية”.
ودعا لافروف إلى ضرورة منح الليبيين فرصة تحديد الطرق المقبولة لهم، وفي الوقت نفسه دعا “القوى الخارجية لدعم هذه الطرق بكل ما لديها من قوة”.
ويقول الكاتب إن النقد الموجه لحفتر داخل الدوائر الروسية أصبح أبعد من الأزمة السياسية، حيث انتقده رجال الأعمال الروس، مثل ممثل قطاع الطاقة الروسي، الذي أحجم عن كشف هويته، والذي انتقد إدارة حفتر لسوق الطاقة الليبي، منتقدا عدم استئناف شراكة غازبروم نشاطاتها في الجزء الشرقي من البلاد.
ويضيف كاتب المقال أن حفتر أضحى الشخص الذي يقف أمام الحوار البناء والتعافي في ليبيا بنظر موسكو، وهي المرة الثانية التي يعرقل فيها مبادرة روسية للحل في ليبيا، ما أثار تذمرا في موسكو.
ففي كانون الثاني/يناير الماضي، قدمت روسيا مع تركيا مبادرة لوقف إطلاق النار، عبر تنظيم لقاء بين السراج وحفتر في موسكو، لكنه لم يفض لنتيجة بسبب مغادرة حفتر المفاجئة.
ووسط النكسات التي تعرضت لها حملة الجنرال في طرابلس، بدأ الكرملين ينظر بقلق لتصرفات الجنرال الغريبة، ما أدى إلى محاولات روسية للعثور على رموز أكثر مصداقية في الملعب الليبي، على تعبير الكاتب.
وأضاف: “ربما كان صالح واحدا من المرشحين على القائمة، ولكن لا يعرف إن كان تعاون في صياغة مبادرته جاء من خلال منظمات غير حكومية أو بمشاركة من مستشاري وزارة الخارجية، كما لا يمكن استبعاد تقديم المستشارين الذين تعاونوا معه خدمات مماثلة لرئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني”.
ولفت الكاتب إلى أن المجلس الاستشاري التجاري الروسي، والذي يترأسه ستانسلاف كودرياشوف، ويقدم نفسه كممثل للحكومة الانتقالية في روسيا، هو من وفر الاستشارة بين موسكو وصالح.
ويختم الكاتب بالقول إنه ورغم برودة العلاقات مع حفتر، إلا أن موسكو ستواصل دعمها له لأنه القوة السياسية الوحيدة التي دخلت في شراكة مع روسيا.
وتزعم موسكو أنها تتعامل مع الطرفين بنفس المستوى إلا أن اتصالاتها مع السراج أقل وذلك بسبب مشاركة مرتزقة فاغنر في الحرب إلى جانب حفتر.
وتقول روسيا إن مرتزقة فاغنر لا يمثلون مصالحها ولا تقف خلف دعمهم، لكن العلاقة بين رؤساء الشركة والكرملين واضحة، ولهذا ستواصل موسكو استخدامهم كورقة نفوذ للضغط على حفتر.
وفي حالة الضرورة قد يطلب منهم الإنسحاب لدفعه إلى التعاون، كما حدث قبل مؤتمر برلين، وربما يطلب منهم العودة لليبيا بأعداد أكبر لمنع السراج وحليفته تركيا من تقوية مواقعهم أكثر.
وعلى أي حال، يضيف الكاتب، فموسكو لا تبحث عن انتصار لحفتر ولكنها تريد منع انهيار جيشه في الجبهة حتى تعود إلى المسار الليبي كوسيط.
.
المصدر/ arabi21