وثّق تقرير حقوقي، مستندا إلى تحليل صور الأقمار الصناعية والأدلة البصرية، “التكتيك” الذي يتبعه النظام السوري وحليفه الروسي لإخلاء المناطق من سكانها.
وتناول تقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان حجم الدمار الذي حل بمدينتي معرة النعمان وسراقب في ريف إدلب، خلال الحملة العسكرية على المدينتين بين بداية كانون الأول/ ديسمبر 2019 وحتى آذار/ مارس 2020، قبل أن يتمكن الروس وقوات الأسد من السيطرة عليهما في آذار/ مارس الماضي.
وعزا التقرير حجم الدمار بشكل أساسي إلى استخدام سلاح الطيران والقصف “البربري”. وأشار إلى أن الحملة العسكرية المركزة التي بدأت في 26 نيسان/ أبريل 2019 كانت قد تسببت في الأشهر الأولى منها في تشريد مناطق واسعة، قبل أن يكثف النظام السوري وحلفاؤه نهاية عام 2019 الهجوم على محافظة إدلب وما حولها، مستهدفا في هذه الحملة مدينة معرة النعمان وسراقب وما حولهما، وريف حلب الشمالي الغربي.
وبين آب/ أغسطس 2019 وآذار/ مارس 2020 تم التوصل لخمس اتفاقيات لوقف إطلاق النار، لكن لم يلتزم نظام الأسد وحلفاؤه بها، ليتبعها “تصعيد عسكري أعنف من سابقه أدى إلى إحراز النظام السوري تقدما على الأرض”.
وقدم التقرير عملية تحليل للدمار الذي تعرضت له مدينة معرة النعمان بسبب عمليات القصف التي تعرضت لها منذ نيسان/ أبريل 2019، والتي تركز على المناطق الجنوبية منها، مستعينا بصور أقمار صناعية ذات دقة عالية تصور مساحة المدينة كاملة، كما استعرض عدة أدلة بصرية لمواقع اختارها كأمثلة توضِّح عينات من الدمار الكلي للمدينة، وقدم تحليلا إضافيا للدمار الذي حل في مدينة سراقب.
وأوضح التقرير أن تشريد أهالي مدينتي معرة النعمان وسراقب مرتبط “بشكل عضوي” بعملية الدمار، “لأن عمليات تدمير المدن والبلدات كانت هدفا مقصودا من أجل دفع الأهالي نحو الاستسلام والتشرد والذل”، لافتا إلى أن المشردين عادة ما يكونون أكثر فئات المجتمع فقرا؛ نظرا لخسارة منازلهم ومحتوياتها، إضافة إلى محلاتهم التجارية.
من جهته، يقول مدير الشبكة فضل عبد الغني، إن النظام السوري لم يكتف “بتشريد مئات الآلاف عبر العنف المتوحش، بل قام بملاحقتهم عبر عمليات قصف استهدفت مخيمات ومدارس وتجمعات تمركزوا فيها، كما سعى مع حليفه الروسي إلى عرقلة عمليات المساعدات الإنسانية ونهبها، التي هم بأمسّ الحاجة إليها، وذلك عبر إلغاء تمديد قرار إدخال المساعدات العابرة للحدود، وأخيرا عبر تشريع قوانين تخالف أبسط مبادئ حقوق الإنسان، تهدف إلى السيطرة على ممتلكاتهم وأراضيهم”.
وأكد عبد الغني أن “هذه السلسلة هي جزء أساسي من استراتيجية النظام السوري في ملف التشريد القسري في سوريا”.
وبحسب التقرير، فإن التكتيك الذي يتبعه النظام السوري وحليفه الروسي في المناطق المحاصرة كافة، يعتمد على استهداف المراكز الحيوية بداية، معتبرا أن قصف المراكز الطبية ومراكز الدفاع المدني والأسواق، يرسل رسالة عنيفة واضحة بأنه لا يوجد أي خيار سوى الاستسلام أو الرحيل.
وسجل التقرير استخدم قنابل عنقودية وحارقة، إضافة إلى هجوم كيماوي واحد خلال هذ الفترة، فيما رصد إلقاء طائرات النظام السوري 4849 برميلا متفجرا على الأقل على هاتين المدينتين.
وتضمن التقرير صورا من مدينة معرة النعمان التقطت عبر الأقمار الصناعية في في 27 شباط/ فبراير 2020، أي بعد أن سيطرة النظام السوري وحلفاؤه على المدينة.
وأشار التقرير إلى أنه تم حساب نسبة نقاط الدمار إلى مساحة المدينة المأهولة بالسكان التي قام فريق العمل بتحليلها، والتي تبلغ قرابة 8.5 كيلومتر مربع (850 هكتارا). وخلص إلى أنه في كل كيلومتر مربع واحد توجد 90 نقطة تعرضت للدمار (9 نقاط في كل 10 هكتارات)، أي إن ما لا يقل عن 2 في المئة من مساحة المدينة مدمر بشكل كامل، وقرابة 40 في المئة منها مدمر بشكل جزئي.
وقال التقرير إن “التدمير الذي أصاب مدينة معرة النعمان ليس حالة فردية، بل بالإمكان إلى حد بعيد تعميمه على مختلف المدن والبلدات التي يرغب النظام السوري بالسيطرة عليها”.
وطبقا للتقرير، فإن القصف والتدمير الذي قامت به قوات النظام السوري قد تسبب في نزوح قرابة مليون شخص منذ كانون الأول/ ديسمبر 2019؛ قبل سيطرة النظام السوري وحلفائه على مدن وبلدات جديدة في ريف إدلب الجنوبي وريف حلب الشمالي الغربي.
وأشار التقرير إلى أن الظروف المعيشية السيئة التي يعاني منها النازحون في ظلِّ شحِّ الاستجابة الإنسانية والكثافة السكانية العالية، تجعلهم من أكثر فئات المجتمع عرضة للإصابة بفيروس كوفيد-19.
وأضافَ التقرير أن “النظام السوري يهدف إلى استدامة تشريد الأهالي وإذلالهم بعد تدمير منازلهم”، مستندا بذلك إلى مراسيم وقوانين يشرعها تساهم في سيطرته وحلفائه على ممتلكات المشردين من الشعب السوري.
.
المصدر/ وكالات