هناك سؤالان لا يغيبان عن الساحة في أنقرة ويتكرران من حين لآخر:
1- هل هناك انتخابات مبكرة؟
2- هل سيتم إجراء تغيير في الحكومة؟
في الحقيقة حينما تكون مزاولًا نشاطًا صحفيًّا ما، فإن الإجابة عن هذين السؤالين بقدر ما هي ليست معروفة، يمكنك محاولة التنبؤ أو التوقع شريطة الحصول على معالم أو إشارات معينة.
وإذا قرأت الموضوع من مكانه الصحيح، يمكنك طرح أسئلة صحيحة في المكان الصحيح، وعليه يمكنك تحصيل إشارات على شكل جس النبض يساعدك على تقديم ادّعاء ما أو توقع وما شابه.
بالطبع طرح توقعات صحيحة ليس من باب التفاخر ولكن…
تذكرون المقال الذي نشرته هنا منذ شهر فبراير/شباط 2018، وتناولنا فيه الاستعدادات لانتخابات مبكرة، وبالفعل في أبريل/نيسان من العام نفسه أعلن الرئيس أردوغان عن انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة تم عقدها في 24 يونيو/حزيران 2018.
ولأتناول تذكيرًا بسيطًا في هذا الصدد.
في ذلك الوقت كان التنبؤ باحتمالية إجراء انتخابات مبكرة، يحتاج بشكل لازم للنظر إلى الاقتصاد أولًا.
حينما كنا نتحدث إلى أسماء تمسك الملف الاقتصادي في تلك الحقبة، وإلى شخصيات من الحكومة والعدالة والتنمية تعمل بدوائر الاقتصاد، كانوا جميعهم يتحدثون عن أن العام 2019 لن أفضل من 2018 من حيث الاقتصاد، وبالتالي كانوا يرجحون عقد انتخابات مبكرة لذلك.
الانتخابات التي كانت مقررة في نوفمبر 2019، حصل قبلها استنزاف حقيقي في الكثير من القضايا.
وحينما كنا نتساءل ما الذي ينتظرنا من أحداث، بعد تجارب مثل أحداث “غازي بارك”، وأحداث 17-25 ديسمبر 2013، ومحاولة انقلاب 15 يوليو؛ كان الجميع يتحدث عن أحداث جارفة ريثما يأتي موعد نوفمبر 2019 الذي كان مقرّرًا للانتخابات قبل أن تُعقد مبكرة.
لدرجة أن توقعات نوفمبر 2019 باتت تظهر بشكل سلبي لدى الوساط.
ومن خلال الجمع بين هذين العاملين، أقدم الرئيس أردوغان المعروف بمعارضته للانتخابات المبكرة، على التوجه نحو انتخابات مبكرة في العام 2018.
حين النظر إلى نتائج انتخابات يوينو/حزيران 2018، نجد أن القرار الذي أعلنته الحكومة كان عقلانيًّا وفي الاتجاه الصحيح.
لكن هل هذا ينطبق على المرحلة الحالية؟
اسمحوا لي أن أجيب أولًا ثم أستعرض أسباب الجواب.
وفقًا للنبض الذي كنا نتحدث عنه قبل قليل، فإن الجواب هو “لا”، ولا يوجد هناك تحضيرات أصلًا لانتخابات مبكرة.
لقد أوضح الرئيس أردوغان مؤخرًا أنه لا توجد انتخابات مبكرة مطروحة على أجندة الحكومة. كما أن باهجلي الذي يعتبر حليق الحكومة في “تحالف الجمهور” أكد على ضرورة عدم طرح موضوع انتخابات مبكرة من أصله.
وإضافة إلى تلك التصريحات، فإنه حين قراءة واقع المرحلة الحالية لا نجد إلى ما يشير لذلك.
لا يوجد هناك أسباب معقولة في تركيا حاليًّا تستوجب عقد انتخابات مبكرة.
ربما تحدث انتخابات مبكرة نعم ولكن لهذه الأسباب:
– عندما ترى الحكومة أن ذلك من مصلحتها كما حدث في العام 2018.
– عندما يختل الوضع البرلماني وتضحي قضايا أساسية مثل تحديد الانتخابات المبكرة، في يد المعارضة.
حين النظر إلى هذين السببين ضمن واقع المرحلة الحالية نجدهما معدومين، وبالتالي ليس هناك ما يدعو لإجراء انتخابات مبكرة، ليس هناك سبب معقول.
هناك 3 سنوات تقريبًا أمام الرئيس التركي أردوغان، تخوله الصلاحية والمسؤولية بناء على اختيار الشعب في 2018.
إضافة إلى كل ما سبق، فإن مراكز الأبحاث والدراسات واستطلاعات الرأي، تكشف أن غالبية الشعب لا يحبذ فكرة الانتخابات المبكرة.
تداعيات رخيصة على قراءة سوة “الفتح” في مسجد آيا صوفيا
حتى الإعلان عن ذلك كان حماسيًا.
إنني أتحدث عن دعوة الرئيس أدروغان إلى قراءة سورة “الفتح” في آيا صوفيا، بمناسبة الذكرى الـ567 على فتح إسطنبول.
بعد دعوة الرئيس أردوغان لذلك، حدث كمكا هو متوقع لم يلبث الإعلام اليوناني حتى صار عقله.
وبدأت عناوين صحفهم من قبيل “أردوغان يتحدى، ستقام الصلوات احتفالًا بسقوط القسطنطينية”، “تحدٍّ غير مسبوق من تركيا، تحدٍّ ضد الهيلينية…”، إلى غير ذلك من عناوين من هذا القبيل.
حينما تقرأ هذه العناوين وخاصة حديثهم عن “الهيلينية” حضارة اليونان القديمة، لا يمكن أن يغيب عقلك إذن حجم الغضب الذي يكتنفهم والأهداف التي يرسمونها للمستقبل في هذا الصدد.
من الجيد حقيقة اتخاذ هكذا قرار بمناسبة فتح إسطنبول، ومن الجميل جدًّا أن سورة الفتح تمت قراءتها في آيا صوفيا.
أختم بهذه الكلمة؛ أقترح على أولئك الذين يأسفون على اتخاذ هكذا خطوة أزعجت “جارتنا” في بحر إيجة، أن يذهبوا ويبحثوا عن أحوال الآثار العثمانية التي كانت في العاصمة أثينا، ما هو حالها وماذا حل بها؟!.