هل نسقت أنقرة مع بغداد عملياتها العسكرية شمال العراق؟

بعد انطلاق العمليات العسكرية التركية لمطاردة حزب العمال الكردستاني في مناطق شمال العراق، أثيرت تساؤلات عدة حول حقيقة التنسيق بين بغداد وأنقرة بخصوص ضرب الـ”بي كا كا”، وتأثير استمرار العمليات على العلاقة بين البلدين.

وأعلنت أنقرة الأسبوع الماضي، إطلاق عمليتي “مخلب النسر” و”مخلب النمر” داخل الأراضي العراقية، لاستهداف حزب العمال الكردستاني، فيما أعلن مسؤول تركي (لم يذكر اسمه) لـ”رويترز” أن العمليات جاءت بتنسيق بين بغداد وأنقرة.

وقبل انطلاق العمليات بثلاثة أيام أجرى رئيس المخابرات التركي هاكان فيدان في 11 حزيران/ يونيو الجاري، زيارة سرية إلى بغداد بحث خلالها مع مسؤولين عراقيين ملف حزب العمال الكردستاني، بحسب مواقع محلية.

اتفاقية سابقة

من جهته، قال النائب في البرلمان العراقي صباح العكيلي إن “العمليات العسكرية التركية تجري ضمن اتفاقية بين بغداد وأنقرة يعود تاريخها إلى عام 1996، حيث تتيح للقوات التركية التوغل في الأراضي العراقية إلى 15 كيلومترا لتعقب حزب العمال الكردستاني”.

وأكد العكيلي أن “العراق لا يرضى بأن يُعتدى على دول الجوار من أي جهة تتخذ من العراق مقرا لها، وأن حزب العمال الكردستاني كان يدخل في ذلك الوقت ويتواجد داخل الأراضي العراقي دون مواقفة من الحكومة في بغداد”.

ورأى النائب عن تحالف “سائرون” بزعامة مقتدى الصدر أن “الحكومات العراقية عقب عام 2003 كان من المفترض أن تجري تعديلات على الاتفاقية الموقعة مع تركيا، والتي تستند عليها اليوم في شن عمليات عسكرية داخل الأراضي العراقية”.

وأشار إلى أن “دول الجوار تستغل ضعف العراق الحالي، وكنا نأمل من الدول أن تتعامل وفق منهج حسن الجوار، لأنهم اليوم يتغلغلون إلى أبعد بكثير مما جرى الاتفاق عليه في الاتفاقية بين أنقرة وبغداد”.

ونوه إلى أن “السياسة الخارجية في العراق ضعيفة، وبالتالي لا يوجد موقف صريح من الحكومة العراقية، ويجب على البرلمان العراقي أخذ دوره واستضافة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لإيضاح الموقف الحالي”.

وفي السياق ذاته، استبعد المحلل السياسي عدنان السراج في حديث لـ”عربي21″ وجود تنسيق بين بغداد وأنقرة من أجل القيام بعمليات عسكرية تركية داخل الأراضي العراقية.

وأعرب السراج عن اعتقاده بأن “التصريحات التركية بخصوص وجود تنسيق تندرج ضمن رفع الدعم النفسي للجنود الأتراك، إضافة إلى أنها موجهة للداخل التركي الذي يشعر بأن العلاقات التجارية وطيدة داخل العراق، وكذلك إثارة شرخ وشكوك بين بغداد وأربيل”.

وحول انعكاس العمليات على العلاقة بين البلدين، أوضح أن “العراق قدم احتجاجا واضحا لأنقرة ولا يقبل بأي تنسيق بضربات عسكرية داخل أراضيه، لأن العمليات العسكرية شملت مساحات واسعة باستخدام مختلف الأسلحة والقوات”.

وتابع السراج، قائلا: “الأتراك بحاجة إلى مراجعة سياستهم، والتعامل السياسي مع بغداد هو الأفضل للحصول على نتائج جيدة في مسألة محاربة حزب العمال الكردستاني ولجمه عن مهاجمة تركيا من الأراضي العراقية”.

قواعد عسكرية

وبخصوص القواعد العسكرية التي تسعى تركيا إلى إقامتها في العراق، قال العكيلي إن “تركيا لديها قوات منذ عام 1996 متواجدة في شمال العراق، لكن مع وجود نية لإقامة قواعد عسكرية يجب أن يكون للعراق موقف حاسم وصريح بتعديل الاتفاقية بين البلدين يحفظ احترام السيادة”.

وشدد على أن “هذا الأمر لا يقتصر على تركيا وإنما ضرورة الاتفاق مع جميع دول الجوار، وحتى إيران التي تقصف المناطق الشمالية، وأن احترام السيادة العراقية يجب أن يسود في العلاقة مع دول الجوار”.

من جهته، قال السراج إن “الأتراك لديهم استراتيجية واضحة لإبقاء قواعد داخل الأراضي العراقية ونشر قواتها فيها، لأنهم يرون أن تواجد هذه القوات سيعرقل من تحرك حزب العمال الكردستاني، ويضع حدا في تواصله مع المناطق الكردية في العراق”.

وأوضح أن “تركيا أنشأت قاعدة في منطقة بعشيقة مع اجتياح تنظيم الدولة للعراق، وأيضا لديها الآن 12 موقعا عسكريا، وبذلك أصبح لها 13 موقعا تركيا داخل إقليم كردستان، وهذه كلها فاعلة وناشطة داخل الأراضي العراقية”.

وبحسب السراج، فإن “تركيا تسعى إلى إقامة قواعد حقيقية داخل الأراضي العراقية بمسافة 15 كيلومترا وفي مناطق أخرى بعمق 30 كيلومترا ويقولون إن ذلك ضمن اتفاق سابق مع العراق لتتبع حزب العمال الكردستاني”.

ونوه إلى أن “الحكومة العراقية عاجزة من الناحيتين العسكرية والسياسية من أجل إيقاف التوغل التركي داخل الأراضي العراقية لمطاردة حزب العمال الكردستاني، وأن تركيا لديها خطط استراتيجية لإقامة قواعد عسكرية داخل العراق”.

إلى ذلك، دعت حكومة إقليم كردستان العراق تركيا إلى احترام سيادة أراضينا ووطننا، كما أنه يجب على حزب العمال الكردستاني إخلاء هذه المناطق لكي لا يكون هناك سبب لإثارة التوترات في المناطق الحدودية للإقليم.

وشدد المتحدث باسم حكومة أربيل جوتيار عادل في بيان صدر أمس الجمعة على أن “حكومة إقليم كردستان ترغب ببناء علاقات صداقة مع دول الجوار ولا تريد اتخاذ أراضي إقليم كردستان منطلقاً لمهاجمة أي دولة”.

وكانت وزارة الخارجية العراقية، قد استدعت السفير التركي في بغداد، فاتح يلدز للمرة الثانية، وسلمته مذكرة احتجاج قالت إنها “شديد اللهجة”، تتضمن وقف الهجمات بأقرب وقت وسحب قواتها من العراق. arabi21

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.