تعتبر سرت، إلى جانب كونها مسقط رأس الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، إحدى أهم الموانئ في ليبيا، ولو أن هذه المعلومة لم تعد ذات قيمة كبيرة في الوقت الحالي. كما أنها تتمتع بأهمية استراتيجية كبرى بوصفها بوابة ليبيا على غرب البحر المتوسط. وأما الجفرة فتعتبر مدينة “تستحق الصراع” عليها لأنها تضم قاعدة عسكرية ضخمة.
ونرى اليوم أن الجميع قد صوب أنظاره صوب هاتين المدينتين كون الصراع التالي في الحرب الدائرة بليبيا سيكون فيهما. ولقد كشف حفتر ومن خلفه منذ وقت طويل النقاب عن أن هاتين المدينتين تحملان أهمية كبيرة بالنسبة لهم.
ومن جانبه فقد أعلن زعيم الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي أن تلك المنطقة تمثل خطًّا أحمر بالنسبة لبلاده مهددًا بالتدخل بها. وأما التصريحات القادمة من موسكو فتشير إلى المطالبة لوقف إطلاق النار في هذه المرحلة قبل أن تتطور المعركة أكثر.
ولعله ينبغي لنا أن نقول إن الوضع الحالي لحفتر ومن خلفه يعتبر “وضعًا دفاعيًّا” حتى وإن رأينا بعض العناصر التي تحمل صفات “التهديد”.
ومن ناحية أخرى فإنّ الجميع يعلم أنّ القوات التابعة لحكومة السراج المدعومة من تركيا تواصل تقدمها على الأرض دون أن تلقي بالًا لهذه الدعوات أو التهديدات.
ولقد سمعنا العديد من التصريحات التي تحمل معنى “لن نتوقف”. أما أنقرة فتدعم هذا الموقف الذي تتخذ حكومة الوفاق الوطني التي تعترف بها الأمم المتحدة.
ولقد تلقينا الردّ ذاته من الجهات المعنية التي جسسنا نبضها أمس. تواصل تركيا تقديم دعمها الكامل لإدارة الحكومة الليبية التي تهدف لاسترداد سرت والجفرة، ما يعني العودة لحدود عام 2015. ولم نتلق أيّ رد مختلف عما تلقيناه أمس بشأن دعوات وقف إطلاق النار القادمة من مصر وروسيا وفرنسا، أي القوى الداعمة لحفتر.
ولقد حدث تطور بشأن الوضع الليبي، فأخذت أبحث عما وراء ما حدث. وكان التطور أن استقبل السراج قائد القوات الأمريكية في أفريقيا ستيفن تاونسند والوفد المرافق له.
وأما ما ورد من معلومات لأنقرة فيشير إلى أنه لن يكون هناك تغير في الموقف الأمريكي المعهود حيال ليبيا، حتى وإن كان مؤتمرًا كهذا قد عقد بين الجانبين. أي أنه يبدو أن الحكومة الأمريكية ستواصل التحرك دون أن تتخذ مبادرة واضحة.
كان الرئيس الفرنسي ماكرون قد أطلق قبل يومين جملة من التصريحات التي تستهدف تركيا؛ إذ أشار إلى أن تركيا تلعب لعبة خطيرة في ليبيا وأن ذلك يعتبر مخالفًا للوعود المقدمة في مؤتمر برلين، موضحًا أنّ التوتر الذي حدث بين سفن تركية وفرنسية في البحر المتوسط على مشارف ليبيا يمثل دليلًا آخر على أنّ الناتو في حالة “موت سريري”.
ولا شك أنّ أنقرة لن تنسى تصريحات ماكرون هذه. لكن علينا أن نذكر من جانبنا أنّ هذه العبارات “التهديدية” التي أطلقها ماكرون باسم فرنسا لن تتسبب في أي تراجع في الموقف التركي بشأن ليبيا.
وأعتقد أنه يكفي أن ننقل جملة واحدة مما قيل في هذا الشأن:
“يبدو أن ماكرون راهن على الحصان الخاطئ، ولهذا فهو يتلوى من الألم”.
عملية المخلب – النسر: التعرض لأماكن لم يتعرض لها أحد منذ 40 عامًا
لعلكم تتذكرون أن تركيا نفذت بنهاية عام 2007 عملية عسكرية “مهيبة” في شمال العراق. وحينها أدلى رئيس أركان الجيش التركي آنذاك ياشار بويوك قانيط، بتصريح غير موفق مستوحى من برنامج تلفزيوني قال فيه “إنّ معسكرات بي كا كا وتحركات عناصره هناك صارت معلومة بالنسبة لنا، يكفينا أن تكون لدينا إمكانية استهداف تلك المنطقة التي نعرف تفاصيلها حق المعرفة”.
نصف هذا التصريح بغير الموفق لأنّ القوات التركية لم تتقدم سوى لبضع كيلومترات وراء الحدود ثم عادت مجددًا. ولعلنا رجعنا إلى هذه القصة عندما أصبح لدينا جملة من المعلومات حول عملية مخلب – النسر المتواصلة في الوقت الحالي. والآن فلنقل عبارة واحدة، وأما الباقي فأعتقد أنّ بإمكانكم تخمينه:
“يتم التعرض لأماكن لم يتعرض لها أحد منذ 40 عامًا”.
وربما يكون تطور تركيا والقدرات التكنولوجية لقواتها المسلحة على مدار الثلاثة عشر عامًا الماضية سببًا في تحول تلك المناطق بالفعل إلى مناطق نعرفها كما نعرف أبناءنا.
لكن ربما يكون هناك شيء آخر أهم، ألا هو أنّ الدولة والحكومة ومؤسساتها تعمل اليوم بتعاون وتحفيز مشترك لم ير له مثيل في الماضي. فنحن نسمع تشبيهًا مثيرًا على لسان الجهات المعنية التي نستمع لتصريحاتها، فهي تقول “لقد كانت الوصلات بين القنوات في الماضي فاسدة، فكانت المياه التي نضخها لري الحديقة تذهب إلى المرحاض. أما الآن فهذه الوصلات تعمل بكفاءة عالية”.
كيف هذا الأمر؟
ألا يجيب هذا التشبيه عن الكثير من التساؤلات المطروحة في هذا الصدد؟
.
بواسطة / محمد آجات
لو راجل وعلي حق انشر لاتحذف اردوغان حرامي ارهابي