سلط موقع “فوكس بزنس” الضوء على أحد أهم العوامل المؤثرة على نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة منذ عقود، معتبرا أن أسواق المال، التي يختزلها شارع “وول ستريت” في نيويورك، تتمتع بسجل “مثالي تقريبا” في توقع من سيفوز في السباق نحو البيت الأبيض.
وأوضح تقرير للموقع الأمريكي، أن مؤشر “أس آند بي 500” للأوراق المالية (S&P 500) تمكن من تحديد هوية الفائزين بكل انتخابات رئاسية منذ عام 1984، وفقا لـ”ريان ديتريك”، كبير المحللين الاستراتيجيين في شركة “أل بي أل فاينانشال” (LPL Financial).
وكتب “ديتريك” في مدونة، الاثنين: “عادة ما يفوز الحزب الحاكم عندما يكون مؤشر أس آند بي 500 أعلى خلال الأشهر الثلاثة التي تسبق الانتخابات، ويخسر عندما يكون المؤشر منخفضا خلال تلك الفترة”.
وأضاف الخبير المالي في مدونته، التي اطلعت عليها “عربي21”: “فكروا في الأمر: لم يتوقع أحد أن تخسر هيلاري كلينتون (الديمقراطية) عام 2016، لا أحد باستثناء سوق الأسهم.. كان مؤشر داو جونز يخسر بشكل حاد على مدار تسعة أيام متتالية قبل الانتخابات مباشرة، بينما ارتفعت أسهم النحاس، المرتبط بوعود دونالد ترامب (الجمهوري) الانتخابية والمتعلقة بالبنى التحتية، بشكل قياسي لـ14 يوما على التوالي، ما مهد الطريق لتغيير في قيادة البيت الأبيض”.
هؤلاء سقطوا جراء “الانكماش”
ويشير التقرير إلى أن أوامر البقاء في المنازل، بهدف الإبطاء من انتشار فيروس كورونا المستجد، أجبرت الشركات غير المنتجة للاحتياجات الأساسية على إغلاق أبوابها بدءا من منتصف آذار/ مارس، ما أدى إلى تباطؤ اقتصادي هو الأكثر حدة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وانكمش الاقتصاد الأمريكي بواقع خمسة بالمائة في الربع الأول، ومن المتوقع أن ينكمش بنسبة 30 بالمائة على الأقل في الفترة من نيسان/ أبريل إلى حزيران/ يونيو قبل أن يرتفع خلال النصف الثاني من العام، بحسب تقرير “فوكس بيزنس”.
ويخلق الانكماش عقبة كبيرة في محاولة ترامب لإعادة انتخابه، بحسب التقرير، إذ خسر خمسة رؤساء من أصل سبعة إثر انكماش الاقتصاد في ربعين متتاليين على الأقل، خلال العامين الأخيرين قبل الانتخابات، وآخرهم الجمهوري جورج بوش الأب، عام 1992.
وفي المقابل، تمكن جميع الرؤساء الذين لم تشهد فترة رئاستهم الأولى انكماشا حادا وطويلا من الفوز مرة ثانية، وذلك منذ عام 1932 على الأقل، وآخرهم الديمقراطي باراك أوباما عام 2012.
تدهور وتعاف
ومنذ توليه المنصب، وضع ترامب أداء “وول ستريت” كمقياس لنجاح إدارته، أكثر من سابقيه، إذ أشاد كثيرا بصعود مؤشر “داو جونز” إلى مستوى قياسي عند 20 ألف نقطة في عام 2017، واستبشر بالفوز بفترة رئاسية ثانية عندما بلغ المؤشر سقف الـ30 ألف نقطة هذا العام، قبل أن يجتاح فيروس كورونا المستجد البلاد موجها ضربة قوية لتلك الآمال.
ولجأ ترامب إلى لوم الجائحة في ما تعرض له الاقتصاد الأمريكي من اضطرابات في الأشهر الثلاثة الماضية، متعهدا بازدهار اقتصادي في 2021 إذا انتخب مجددا.
ورغم أن الأداء السابق لسوق الأوراق المالية لا يضمن النتائج المستقبلية عادة، بحسب تقرير “فوكس بزنس”، إلا أن مؤشر “أس آند بي 500” تلافى بالفعل بعض الخسائر منذ إعادة فتح الاقتصاد الأمريكي، ليستقر عند انخفاض بواقع 5.5 بالمئة لهذا العام، حتى صدور تقرير الموقع الاقتصادي.
وارتفع المؤشر القياسي بنسبة 18 بالمائة في الأشهر الثلاثة الأخيرة حتى حزيران/ يونيو، وهي أكبر زيادة ربع سنوية منذ نهاية عام 1998، بعد انخفاضه بواقع 34 بالمائة من أعلى مستوى قياسي له في 19 شباط/ فبراير.
الاستطلاعات
وقد لا يكون هذا المعيار الوحيد في تحديد هوية الفائز في الانتخابات، لا سيما في ظل استقطاب غير مسبوق وغضب حاد إزاء العنصرية في الشارع الأمريكي، التي يتهم ترامب بحمايتها.
لكن الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عادة ما تتداخل وتتبادل التأثير، وتبقى العديد من المشكلات السياسية والاجتماعية متوارية خلف النجاحات الاقتصادية، وتبرز على إثر أي تدهور في “وول ستريت”.
وبالفعل، ترجح أغلب استطلاعات الرأي الحديثة خسارة ترامب أمام غريمة الديمقراطي جو بايدن، في حال أجريت الانتخابات في ظل الظروف الراهنة، رغم تبشيره بضرائب إضافية على الأثرياء والشركات، ما يجعله خيارا غير محبب لأسواق المال.
وسعى ترامب للملمة حظوظه باللعب على تلك الورقة، قائلا في تصريحات لـ”فوكس بيزنس”، الأربعاء، إنه أكثر رئيس قلص القيود المالية والاقتصادية في تاريخ البلاد، محذرا من “انهيار” البورصة حال فوز بايدن.
.
المصدر/ arabi21