أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامار، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هو “المشتبه به الرئيسي”، في جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
ووصفت كالمار المحاكمة الغيابية التي شرع بها القضاء التركي قبل أيام للمتهمين العشرين الهاربين في القضية بـ”الهامة والأكثر عدالة”.
وانطلقت في 3 يوليو/تموز الجاري، أولى جلسات القضاء التركي لمحاكمة المتهمين بقتل خاشقجي الكاتب بصحيفة واشنطن بوست، داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول عام 2018.
وتضم لائحة الاتهام التي أعدتها النيابة التركية، 20 متهما سعوديا، أبرزهم نائب رئيس الاستخبارات السعودية السابق أحمد عسيري، والمستشار السابق لولي العهد سعود القحطاني، ومحمد الطبيقي خبير الطب الشرعي، ومصطفى محمد المدني الذي قام بارتداء ملابس خاشقجي وخرج من القنصلية السعودية لإظهار أن خاشقجي خرج من القنصلية.
وعن هذه المحاكمة، قالت كالامار: “المتهمون يتم محاكمتهم غيابياً، ونحن جميعاً كنا على علم بأن السعودية لن تسمح بتسليم المتهمين إلى تركيا ولكنني أعتقد أن هذه المحاكمة أمرٌ هام، وأود أن أؤكد على أن المتهمين يمثلهم محامون تعينهم الدولة، وهذا أمرٌ جيد”.
وتابعت: “مثلما أوضحت سابقاً فإن الدعوى المنظورة في تركيا تعتبر أكثر عدالة من نظيرتها القائمة في السعودية”.
وأوضحت كالامار أن “الدعوى القائمة في تركيا، هي محاكمة عامة ويمكن لوسائل الإعلام متابعتها بكل شفافية، كما يمكن لأشخاص مثلي أن يراقبوها وأيضاً يمكن لمؤسسات المجتمع المدني الدولية متابعتها، ودعونا نرى ما الذي ستسفر عنه هذه المرحلة وما ستقدمه لنا من معلومات جديدة”.
وقتل خاشقجي، في 2 أكتوبر/ تشرين أول 2018، داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، في قضية هزت الرأي العام الدولي.
وفي صيف 2019، وثق تقرير أممي أعدته كالامار، تورطا أوليا لمحمد بن سلمان بالقضية، مشيرة الى وجود أدلة على ذلك تحتاج لمزيد من التحقيق.
وفي ديسمبر/كانون أول من نفس العام، أصدرت محكمة سعودية، حكمًا أوليا بإعدام 5 أشخاص (لم تسمهم) من بين 11 متهما، كما عاقبت 3 مدانين منهم بأحكام سجن متفاوتة تبلغ في مجملها 24 عامًا، وتبرئة 3 آخرين (مسؤولين كبار) لعدم ثبوت إدانتهم، وهي الأحكام التي اعتبرتها كالامار في وقت سابق “مثيرة للسخرية”.
– تركيا حققت في الجريمة بجدية بالغة
وخلال المقابلة، أشارت كالامار إلى أنه “كان من الواجب على تركيا التحقيق في جريمة القتل هذه، لأنها تمت على الأراضي التركية”.
واستطردت: “كما ذكرت في تقريري، فإن تركيا من وجهة نظري قامت بالتحقيق في جريمة قتل خاشقجي بجدية بالغة. وليس لدي أي دليل على أنهم لم يقوموا بالتحقيق بطريقة صحيحة”.
وأكدت كالامارد على أنها استقبلت بدء المحاكمة في إسطنبول “بكل ترحيب”، لأنها تعبر عن “مدى الجهود التي بذلتها تركيا في هذه القضية وهذا الأمر مهم للغاية لموثوقية وشرعية المحاكمة”
وطالبت كالامارد بالصبر “لفترة طويلة” في قضية مقتل خاشقجي، مؤكدة على اعتقادها بأن العدالة ستتحقق “عاجلاً أم آجلاً”.
وأضافت: “أعتقد أن العديد من الحكومات تتوقع أن تنفذ طاقتنا في المطالبة بالصبر وتحقيق العدالة؛ لأن المحتوى والعوائق كثيرة للغاية.”
وتابعت: “عملية المحاكمة ليست سباقاً بطول 50 متراً، بل هي عبارة عن ماراثون طويل، ويجب أن نكون مستعدين للقتال في كل خطوة من خطوات هذا الماراثون”.
ومضت في حديثها قائلة: “أعتقد أنه من السذاجة وعدم الفطنة أن نفكر في أن محمد بن سلمان قد يواجه القضاء غداً، فلن يحدث هذا وخاصة في المستقبل القريب، سيستغرق الأمر بعض الوقت ويجب علينا المحاربة في سبيل التوعية بذلك، علينا أن نذكر الحكومات بأن الشخص الذي أمر بقتل خاشقجي لا تزال يداه ملطخةٌ بالدماء”.
“ويجب علينا أن نعمل على فرض تكلفة سياسية لجريمة مقتل خاشقجي. فإذا لم تكن لجريمة القتل هذه تكلفة قانونية (حقوقية)، فنحن بحاجة إلى التأكد من أن لها تكلفة سياسية، وهنا يلعب المجتمع المدني دوره، كما يمكن لوسائل الإعلام وبعض الحكومات حسنة النية أن تلعب دوراً هاماً هنا”.
وفي 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، قتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول، وباتت القضية من بين الأبرز والأكثر تداولا في الأجندة الدولية منذ ذلك الحين.
وعقب 18 يوما من الإنكار، قدمت خلالها الرياض تفسيرات متضاربة للحادث، أعلنت مقتل خاشقجي إثر “شجار مع سعوديين”، وتوقيف 18 مواطنا في إطار التحقيقات، دون الكشف عن مكان الجثة.