تواصل عقود الذهب صعودها المتسارع، مخترقة حواجز نفسية واحدا تلو الآخر، مع اتساع مخاطر جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، وأيضا تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين.
كذلك، تعطي حزم تحفيز ضخمة أطلقتها الحكومات والبنوك المركزية حول العالم، دفعة قوية للذهب، إضافة إلى استفادته من عودة الدولار إلى مسار هبوطي، مع تسارع الإصابات بكورونا محليا، وتوترات مع بكين.
وصعد الذهب، الجمعة، في المعاملات الفورية بنسبة 0.33 بالمئة إلى 1893.76 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة (9:23 ت.غ)، وزاد في العقود الأمريكية الآجلة بنسبة 0.15 بالمئة إلى 1892.75 دولارا للأوقية.
ويتجه المعدن النفيس إلى تحقيق أعلى مكاسب أسبوعية في 3 أشهر، وبمكاسبه هذا الأسبوع للأسبوع السابع على التوالي، يمر الذهب في أطول سلسلة ارتفاعات أسبوعية منذ 2011.
وعلى مدى الشهرين الماضيين، اخترق الذهب حاجزي 1700 دولار و1800 دولارا للأوقية، ويتجه لاختراق حاجز نفسي جديد عند 1900 دولار.
أمس الخميس، سجل الذهب ذروة 9 سنوات ببلوغه خلال التعاملات إلى مستوى دون 1900 دولار بأقل من 3 دولارات فقط (1897 دولارا)، معززا مكاسبه منذ مطلع الأسبوع إلى حوالي 4 بالمئة.
ومستويات الأسعار الحالية للذهب، هي الأعلى منذ بلوغه مستوى تاريخي عند 1917 دولارا في سبتمبر/أيلول 2011، في خضم أزمتي الرهون العقارية بالولايات المتحدة والديون السيادية في أوروبا.
ويبدو أن الذهب، يتجه إلى اختراق هذه الذروة أيضا، وسط أزمة اقتصادية عالمية هي الأسوأ منذ أزمة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، ونتجت الأزمة الحالية عن جائحة كورونا.
ورغم إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية جزئيا حول العالم بدءا من مايو، إلا أن تسارع وتيرة الإصابات والوفيات بفيروس (كوفيد-19) في موجة ثانية بدءا من يونيو/ حزيران، دفعت عديد الدول لإعادة فرض قيود، وتحديدا في الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم.
في ظل الجائحة، التي انطلقت من مدينة ووهان الصينية في ديسمبر/كانون الثاني 2019، حتى الآن، زادت أسعار الذهب بنحو 20 بالمئة.
وحتى مساء الخميس، تجاوزت حصيلة الجائحة حول العالم عتبة 15.5 مليون إصابة وأكثر من 633 ألف حالة وفاة.
وما زالت الولايات المتحدة في مقدمة الدول الأكثر تضررا بعدد إصابات اقترب من 4.2 ملايين إصابة، و147 ألف وفاة، فيما تخطى عدد الإصابات عتبة أربع ملايين في دول أمريكا اللاتينية والكاريبي، أكثر من نصفها في البرازيل.
تتزامن هذه الموجة من الجائحة، وهي أكثر اتساعا وأشد فتكا من الأولى، مع تصاعد غير مسبوق في التوتر بين الولايات المتحدة والصين، أول وثاني أكبر اقتصادين في العالم.
كان ابرز تجليات هذا التوتر، إغلاق واشنطن قنصلية الصين في هيوستن، ردت عليه بكين خلال وقت سابق اليوم، بإغلاق القنصلية الأمريكية في مدينة تشنغدو.
واجتمع تزايد مخاوف كورونا والتوتر بين بكين وواشنطن، على دفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، وفي مقدمتها الذهب، على حساب الأصول الأخرى عالية المخاطر، كالأسهم والعملات المنكشفة على التجارة، وكذلك النفط الذي تحول إلى مسار هبوطي، الجمعة، مع تزايد المخاوف من تراجع الطلب العالمي.
وينظر للذهب أيضا كأداة تحوط من تراجع الدولار وكذلك من التضخم.
وبدأ الدولار بالتراجع منذ الخميس، مع تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة، وأيضا بعد أن أظهرت بيانات لوزارة العمل الأمريكية تراجعا في الوظائف، وعودة طلبات إعانات البطالة الأمريكية إلى الارتفاع لأول مرة منذ أواخر مارس/آذار، في مؤشر على جمود في تعافي الاقتصاد الأمريكي.
كذلك، يتجه المستثمرون إلى الذهب كأداة تحوط من التضخم، المتوقع أن يرتفع مدفوعا بحزم التحفيز الضخمة، وآخرها خطة إنعاش أوروبية تاريخية بـ750 مليار يورو (390 مليار يورو على شكل منح و360 مليار قروض)، يتوقع أن تبدأ الضخ الفعلي في النصف الثاني من هذا العام.
ومنذ بدء جائجة كورونا، ضخت الحكومات والبنوك المركزية نحو 11 تريليون دولار على شكل حزم تحفيز وتيسير نقدي، فيما تخطط لضخ 5 تريليونات أخرى.